الفرق بين الدافع الداخلي والخارجي

الاختلافات بين الدافع الداخلي والخارجي

يعد الدافع أحد العوامل الأساسية التي تساهم في تحفيز الأفراد على أداء الأنشطة والسعي نحو تحقيق أهدافهم. يمكن تصنيف الدافع إلى نوعين رئيسيين: الدافع الداخلي والدافع الخارجي. ورغم أن كليهما يعملان على تحفيز الأفراد وتحقيق الإنجازات، إلا أن هناك اختلافات جوهرية بينهما في الأسس والأهداف والآثار المترتبة على كل منهما.

أولاً: مفهوم الدافع الداخلي والدافع الخارجي

الدافع الداخلي هو الدافع الذي ينشأ من داخل الشخص نفسه، حيث يكون المصدر الأساسي لهذا الدافع هو الرغبة الشخصية في تحقيق هدف أو إشباع حاجة معينة. يتمثل هذا النوع من الدافع في حب التعلم، الفضول، والإنجاز الشخصي الذي لا يرتبط بمكافآت خارجية أو تأثيرات من البيئة المحيطة. ببساطة، الشخص المدفوع داخلياً يكون مهتماً بالقيام بالنشاط ذاته لأنه يراه مجزياً أو مفيداً له بشكل شخصي.

أما الدافع الخارجي فهو الدافع الذي يأتي من الخارج، أي من البيئة المحيطة أو من مكافآت قد يتلقاها الفرد نتيجة لتحقيق أهداف معينة. يشمل هذا النوع من الدافع العوامل الخارجية مثل المال، الجوائز، التقدير من الآخرين أو الرغبة في تفادي العقوبات. هذا النوع من الدافع يعتمد على المكافآت والتعزيزات التي تقدمها البيئة لتحقيق أهداف محددة.

ثانياً: أسباب الاختلاف بين الدافع الداخلي والخارجي

1. المصدر:

• الدافع الداخلي: مصدره داخلي ويشمل الاحتياجات والرغبات الشخصية. فعلى سبيل المثال، يحب البعض دراسة موضوع معين لأنهم يستمتعون بالتعلم حوله.

• الدافع الخارجي: مصدره خارجي ويتعلق بالمكافآت التي يقدمها الآخرون، مثل الجوائز أو التقدير الاجتماعي.

2. الاستمرارية والديمومة:

• الدافع الداخلي: يتسم بالاستمرارية، حيث يستمر الشخص في السعي نحو الهدف حتى في غياب المكافآت الخارجية. هذا النوع من الدافع لا يرتبط بظروف خارجية، بل هو جزء من شخصية الفرد واهتماماته.

• الدافع الخارجي: قد يكون مؤقتاً ولا يستمر طويلاً. فعندما ينفد الحافز الخارجي أو تقل المكافآت، قد يفقد الشخص اهتمامه أو دافعه.

3. التأثيرات النفسية:

• الدافع الداخلي: يعزز الشعور بالإنجاز والرضا الذاتي. الأشخاص المدفوعون داخلياً يشعرون بالسعادة والراحة لمجرد القيام بالنشاط، مما يعزز الثقة بالنفس ويزيد من دافعهم للاستمرار.

• الدافع الخارجي: قد يؤدي إلى الشعور بالضغط أو التوتر نتيجة الانتظار للمكافآت أو الخوف من الفشل. في بعض الأحيان، يمكن أن يؤثر ذلك سلباً على الأداء في حال كانت المكافأة غير مرضية أو مفقودة.

4. التحفيز في حالات الصراع:

• الدافع الداخلي: في حالات الصراع أو التحديات، يكون الدافع الداخلي أكثر قوة لأنه يعتمد على الرغبات الشخصية والتفاني في العمل.

• الدافع الخارجي: قد ينهار أو يقل في حال تعذر الحصول على المكافآت أو في حال كان الشخص غير قادر على التحكم في العوامل الخارجية التي تؤثر على دافعه.

ثالثاً: التأثيرات في الأداء

الدافع الداخلي غالباً ما يؤدي إلى أداء عالي الجودة والمثابرة المستمرة في مواجهة الصعوبات. لأن الشخص الذي يمتلك دافعاً داخلياً يشعر بالارتياح الشخصي في العملية نفسها، مما يساعده على التفوق وإتقان المهارات التي يسعى لتطويرها. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي هذا النوع من الدافع إلى تحسين القدرة على التحمل والمثابرة حتى في الظروف الصعبة.

أما الدافع الخارجي، ففي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز الأشخاص في مواقف قصيرة الأجل، لكن تأثيره قد يكون محدوداً في تحقيق الإنجازات الطويلة الأمد. في بعض الحالات، قد يعزز الدافع الخارجي الأداء في البداية، لكنه مع مرور الوقت قد يسبب الإرهاق أو الشعور بعدم الإشباع الشخصي.

رابعاً: تأثيرات الدافع على الإبداع والابتكار

تظهر الدراسات النفسية أن الأشخاص المدفوعين داخلياً يكونون أكثر قدرة على الإبداع والابتكار مقارنة بالأشخاص المدفوعين خارجيًا. ذلك لأن الإبداع يتطلب فضاءً من الحرية والمرونة، وهو ما يوفره الدافع الداخلي الذي يدفع الأفراد إلى استكشاف أفكار جديدة وتجربة طرق مختلفة للوصول إلى الحلول. في المقابل، قد يؤدي الدافع الخارجي إلى تقييد التفكير والإبداع، خاصة إذا كان يتطلب الحصول على نتيجة محددة أو تحقيق مكافأة.

خامساً: التطبيقات في الحياة اليومية

1. في التعليم:

• الطلاب الذين يتمتعون بدافع داخلي نحو التعلم غالباً ما يكونون أكثر انخراطًا في الدراسة ويحققون نتائج أكاديمية أفضل على المدى الطويل.

• الطلاب الذين يعتمدون على الدافع الخارجي مثل الحصول على درجات أو مكافآت قد يظهرون تحفيزًا في البداية، ولكن قد يواجهون صعوبة في الحفاظ على الاهتمام بالدراسة عندما لا تكون هناك مكافآت ملموسة.

2. في العمل:

• الموظفون المدفوعون داخلياً يميلون إلى تقديم أداء استثنائي لأنه لديهم رغبة شخصية في النجاح وتحقيق الأهداف، حتى لو لم يحصلوا على مكافآت خارجية فورية.

• من جهة أخرى، الموظفون المدفوعون خارجيًا قد يقدمون أداءً جيدًا إذا كانت هناك مكافآت واضحة أو مواعيد نهائية للمشاريع، لكنهم قد يواجهون صعوبة في الحفاظ على نفس مستوى الحافز عندما تصبح المكافآت أقل وضوحًا أو أقل جاذبية.

3. في الرياضة:

• الرياضيون المدفوعون داخليًا غالباً ما يكونون ملتزمين بالتدريب ويستمتعون بالعملية نفسها، ما يجعلهم يحققون نجاحًا طويل الأمد في الرياضات التي تتطلب مهارات مستمرة وتطورًا.

• الرياضيون المدفوعون خارجيًا قد يحققون نتائج سريعة، لكن قد يعانون من الإرهاق أو نقص الدافع على المدى الطويل إذا لم يكن هناك حوافز خارجية كالتقدير أو الجوائز.

سادساً: كيفية تعزيز الدافع الداخلي والخارجي

من المهم تعزيز الدافع الداخلي في الأفراد من خلال توفير بيئة تشجع على الاستقلالية والتحكم الشخصي في العمل. يجب أن يشعر الأفراد بأنهم قادرون على اتخاذ قرارات تؤثر في حياتهم وأعمالهم. كما يمكن تقديم فرص للنمو الشخصي والتعلم المستمر، مما يعزز رغبتهم في المشاركة والتطور.

أما الدافع الخارجي فيمكن أن يتم تعزيزه من خلال تقديم مكافآت ملموسة مثل الجوائز أو التعزيزات الإيجابية، فضلاً عن خلق بيئة تحفيزية تقدم تحديات واضحة وتوقعات محددة. يعتبر التقدير الاجتماعي والاعتراف بالإنجازات من العوامل التي تساهم في تعزيز الدافع الخارجي.

سابعاً: التوازن بين الدافعين

من المهم أن يدرك الأفراد والمجتمعات كيفية الاستفادة من كليهما، حيث يمكن أن يكون الجمع بين الدافع الداخلي والخارجي هو الأسلوب الأكثر فعالية. يمكن أن يدعم الدافع الداخلي الأفراد في السعي نحو أهداف شخصية بعيدة المدى، بينما يمكن أن يعزز الدافع الخارجي التحفيز في الأوقات التي يتطلب فيها الفرد حوافز فورية أو في مراحل محددة من العملية.

الخاتمة

تعتبر الاختلافات بين الدافع الداخلي والخارجي ذات أهمية كبيرة لفهم كيفية تحفيز الأفراد في مختلف المجالات. بينما يكون الدافع الداخلي أكثر استدامة ومرونة، يظل الدافع الخارجي مفيدًا في السياقات التي تتطلب تحفيزًا فوريًا أو مكافآت. الفهم العميق لهذه الاختلافات يمكن أن يساعد في تحسين الأداء الشخصي والمجتمعي في العديد من المجالات.