الفرق بين البرد والإنفلونزا

البرد والانفلونزا: الفروق، الأعراض، الوقاية والعلاج

في فصلي الشتاء، يعاني العديد من الأشخاص من نزلات البرد والإنفلونزا، والتي غالبًا ما تختلط في الأذهان بسبب الأعراض المشتركة بينهما. يعتبر كل من البرد والانفلونزا من الأمراض التنفسية الفيروسية التي تنتشر بشكل واسع، خاصة في الأماكن المغلقة والازدحام السكاني. ورغم التشابه الظاهر بين الحالتين، إلا أن هناك فروقًا جوهرية في نوع الفيروس المسبب، وطبيعة الأعراض، وطرق الوقاية والعلاج. في هذا المقال، سنقوم بتوضيح الفروق بين البرد والإنفلونزا، الأعراض التي تميز كل منهما، كيفية الوقاية منهما، وطرق العلاج المتاحة.

الفروق بين البرد والإنفلونزا

الفيروس المسبب

يختلف الفيروس المسؤول عن كل من البرد والإنفلونزا. البرد هو مرض يسببه أكثر من 200 نوع من الفيروسات، ولكن الفيروسات الأكثر شيوعًا هي الفيروسات الأنفية (Rhinoviruses). في المقابل، فإن الإنفلونزا سببها الفيروسات الأنفلونزية التي تنتمي إلى نوعين رئيسيين: فيروس الأنفلونزا A وفيروس الأنفلونزا B. هذه الفيروسات تتغير وتتحور بشكل مستمر، مما يسبب فصول إنفلونزا شديدة في بعض الأحيان.

سرعة ظهور الأعراض

تظهر أعراض البرد عادةً بشكل تدريجي وعلى مدار عدة أيام. يبدأ الشخص بالشعور بزكام خفيف أو سيلان في الأنف، ثم يتبع ذلك العطس والسعال الخفيف. في حالة الإنفلونزا، تبدأ الأعراض بشكل مفاجئ وقوي، ويشعر المصاب بالحمى، القشعريرة، وآلام العضلات الشديدة في اليوم الأول أو الثاني من الإصابة.

شدة الأعراض

تعد الإنفلونزا أكثر شدة من البرد. في حين أن البرد يسبب أعراضًا غير خطيرة عادةً مثل انسداد الأنف أو الحلق الجاف، فإن الإنفلونزا تسبب الحمى العالية، والصداع الشديد، وآلام العضلات والمفاصل، والإرهاق الشديد. في بعض الحالات، قد تؤدي الإنفلونزا إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب الرئة، خاصة لدى كبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة.

مدة المرض

عادةً ما يمر البرد بشكل أسرع من الإنفلونزا. حيث تستمر أعراض البرد من ثلاثة إلى سبعة أيام بشكل عام، بينما قد تستمر أعراض الإنفلونزا من أسبوع إلى أسبوعين، وفي بعض الحالات قد تطول بشكل أكبر إذا حدثت مضاعفات مثل التهاب الرئة.

الأعراض الشائعة للبرد

أعراض البرد تظهر عادة بشكل تدريجي وتشمل:

• سيلان الأنف أو انسداده.

• العطس المتكرر.

• التهاب الحلق الخفيف.

• السعال الجاف أو البلغم.

• صداع خفيف.

• تعب عام، ولكن ليس شديدًا.

الأعراض الشائعة للإنفلونزا

تبدأ أعراض الإنفلونزا بشكل مفاجئ وتتميز بالعديد من الأعراض الحادة مثل:

• الحمى المفاجئة والشديدة.

• القشعريرة والتعرق الزائد.

• آلام العضلات والمفاصل.

• الإرهاق والتعب الشديد.

• صداع قوي ومزعج.

• سعال جاف أو مصحوب بالبلغم.

• التهاب الحلق الشديد.

• في بعض الحالات، قد يحدث الغثيان أو القيء.

الوقاية من البرد والإنفلونزا

الوقاية من البرد

لا توجد طريقة محددة للقضاء على البرد، ولكن يمكن اتخاذ بعض الإجراءات للحد من احتمالية الإصابة به أو تقليل شدة الأعراض في حال الإصابة:

• غسل اليدين بانتظام: يعد غسل اليدين بالماء والصابون من أكثر الطرق فعالية للوقاية من الفيروسات المنتشرة في الهواء.

• تجنب الأماكن المزدحمة: تقليل التعرض للأماكن المزدحمة حيث ينتشر الفيروس بسرعة.

• استخدام المناديل الورقية: عندما تسعل أو تعطي عطسة، من الأفضل استخدام مناديل ورقية والتخلص منها فورًا.

الوقاية من الإنفلونزا

الإنفلونزا مرض أكثر خطورة ويتطلب وقاية إضافية:

• لقاح الإنفلونزا السنوي: يعتبر اللقاح من أفضل وسائل الوقاية ضد الإنفلونزا. يتم تحديثه سنويًا وفقًا للأنواع المتوقعة من الفيروسات في الموسم المقبل.

• غسل اليدين بانتظام: كما هو الحال مع البرد، يعد غسل اليدين بشكل متكرر من الإجراءات الأساسية للحد من انتقال الفيروسات.

• تغطية الأنف والفم عند السعال أو العطس: يفضل تغطية الأنف والفم بمناديل ورقية عند السعال أو العطس لتقليل انتشار الفيروس.

• تجنب الأشخاص المصابين: في حال إصابة أحد الأشخاص المقربين بالإنفلونزا، يفضل أن يتجنب الشخص السليم التواصل المباشر معهم حتى لا ينتقل الفيروس إليه.

العلاج والتعامل مع الأعراض

علاج البرد

لا يوجد علاج محدد للبرد، ويكمن العلاج في تخفيف الأعراض:

• أدوية مسكنة للألم: مثل الباراسيتامول لتخفيف الأوجاع والصداع.

• مضادات الاحتقان: يمكن استخدامها للتخفيف من احتقان الأنف.

• الراحة وشرب السوائل: ينصح بالراحة التامة وشرب كميات كبيرة من السوائل لتسهيل التخلص من المخاط في الأنف.

• غرغرة الماء الدافئ: يمكن للغرغرة بالماء الدافئ مع الملح أن تساعد في تخفيف التهاب الحلق.

علاج الإنفلونزا

علاج الإنفلونزا يتطلب اهتمامًا أكبر نظرًا للطبيعة الأكثر شدة للمرض:

• الأدوية المضادة للفيروسات: مثل الأوسيلتاميفير (Tamiflu) أو الزاناميفير (Relenza)، التي يمكن أن تقلل من مدة المرض إذا تم تناولها في البداية.

• علاج الأعراض: استخدام الأدوية الخافضة للحرارة مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لتقليل الحمى والألم.

• الراحة والتهوية الجيدة: الراحة التامة مهمة في فترة الإنفلونزا، بالإضافة إلى ضرورة تهوية المكان جيدًا للحصول على هواء نقي.

• شرب السوائل: للحفاظ على الترطيب ومنع الجفاف، يجب شرب كميات كبيرة من السوائل مثل الماء والعصائر الطازجة.

مضاعفات البرد والإنفلونزا

مضاعفات البرد

العديد من الأشخاص يتعافون من البرد دون مضاعفات، ولكن في بعض الحالات النادرة قد تحدث مضاعفات مثل:

• التهاب الأذن الوسطى.

• التهاب الجيوب الأنفية.

• التهاب الحلق.

مضاعفات الإنفلونزا

تعتبر الإنفلونزا أكثر خطورة من البرد وتؤدي إلى مضاعفات قد تكون مهددة للحياة، خاصة لدى الأطفال الصغار وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب أو السكري. من بين المضاعفات المحتملة:

• التهاب الرئة: يحدث عندما ينتشر الفيروس إلى الرئتين ويؤدي إلى التهاب حاد.

• التهاب عضلة القلب: وهو التهاب في عضلة القلب يمكن أن يؤثر على وظائف القلب.

• الإصابة بالتهابات بكتيرية: في بعض الحالات قد يؤدي ضعف المناعة نتيجة الإنفلونزا إلى الإصابة بعدوى بكتيرية ثانوية مثل التهاب الأذن أو التهاب الجيوب الأنفية.

الخلاصة

على الرغم من أن البرد والإنفلونزا يشتركان في بعض الأعراض، إلا أنهما يختلفان بشكل جوهري في السبب والأعراض والمضاعفات. يعد البرد عمومًا مرضًا خفيفًا، بينما يمكن أن تكون الإنفلونزا أكثر خطورة وتسبب مضاعفات صحية خطيرة. من المهم اتباع إجراءات الوقاية المناسبة لكل منهما، بما في ذلك الحصول على لقاح الإنفلونزا سنويًا، والحفاظ على النظافة الشخصية، وتجنب الأماكن المزدحمة خلال موسم الأوبئة. كما أن التعامل مع الأعراض بشكل صحيح، سواء عن طريق الراحة أو الأدوية المناسبة، يمكن أن يسهم في تسريع الشفاء والحد من المضاعفات.