“الضمير والتشريع” للكاتب عياض ابن عاشور يعتبر تحفة فلسفية متميزة تتناول منهجية وأساليب الدولة القسرية وتتطرق إلى عمق تأثيرها في المجتمعات، حيث تبرز الفكرة الرئيسية بأنّ الاستبداد لا يتوقف عند حدود الدولة بل يتجاوزها ليشمل الضمير الجماعي، فالمستبد هو الضمير الجماعي الذي يتسلل إلى أعماق الشعوب ويؤثر في تفكيرها وسلوكها.
وتركز الكتاب على كيفية تأثير الدولة والتشريع في بناء المجتمع وتوجيه تطوره، حيث يُظهر أنّ الفلسفة التشريعية الحديثة مرتبطة بالعقلانية المدنية، وهذا يتجلى في الضمير الجماعي الذي يعبر عن التفكير والقيم السائدة في المجتمع. وتُظهر التفاصيل المتنوعة والمحكمة في الكتاب كيف أنّ القوانين وحقوق الإنسان تشكل حجر الزاوية في بناء الدولة الحديثة، وتعتبر معايير الحداثة في مجتمع ما.
ومن خلال مقاربة الكاتب، يتضح أنّ هناك صراعًا دائمًا بين مفاهيم الذاتية والحرية في مختلف ميادين الحياة، سواء في العلم والإيمان أو السلطة والتشريع والعلاقات الدولية، وهذا الصراع يسعى دائمًا إلى تحقيق شروط أفضل للحرية والتطور الذاتي.
ويوضح الكتاب كذلك أنّ فلسفة التشريع والتصورات العامة حول السياسة والعدل والحق والدين والثقافة تستمد جذورها من التراث الوضعي، الذي يتأثر بالقوانين والتشريعات والنظريات القديمة التي وضعها الشرع والفقهاء والفلاسفة القدامى.
باختصار، يُعتبر كتاب “الضمير والتشريع” لعياض ابن عاشور مصدرًا قيمًا لفهم تأثير القوانين والتشريعات على المجتمعات ودورها في بناء دولة الحق والعدالة والتقدم.