سرطان الدم عند الأطفال: الأسباب والعلاج

سرطان الدم عند الأطفال

يُعتبر سرطان الدم من أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين الأطفال. يُعرف أيضًا باسم “سرطان الدم” أو “اللوكيميا”، وهو يحدث عندما تتكاثر خلايا الدم البيضاء غير الطبيعية في الجسم بشكل غير منضبط. تسبِّب هذه الخلايا سرطانية النمو غير الطبيعي، مما يعوق الإنتاج الطبيعي لخلايا الدم الأخرى مثل خلايا الدم الحمراء والصفائح الدموية، وهذا قد يؤدي إلى مجموعة من المشاكل الصحية مثل فقر الدم، والنزيف، وزيادة القابلية للإصابة بالعدوى.

في هذا المقال، سنتناول مختلف جوانب سرطان الدم عند الأطفال، بدءًا من تعريفه وأسبابه، وصولاً إلى أعراضه وطرق التشخيص والعلاج.

أنواع سرطان الدم عند الأطفال

توجد عدة أنواع من سرطان الدم، ولكن الأكثر شيوعًا بين الأطفال هو نوعان رئيسيان: اللوكيميا اللمفاوية الحادة (ALL) واللوكيميا النقوية الحادة (AML).

1. اللوكيميا اللمفاوية الحادة (ALL):

   • تمثل حوالي 75% من حالات اللوكيميا عند الأطفال.

   • تصيب بشكل رئيسي خلايا الدم البيضاء المسماة “اللمفاويات”.

   • تبدأ اللوكيميا اللمفاوية الحادة عادة في الدم أو نخاع العظام، وقد تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم مثل الكبد والطحال.

2. اللوكيميا النقوية الحادة (AML):

   • تمثل حوالي 15% من حالات اللوكيميا عند الأطفال.

   • تصيب خلايا الدم البيضاء المسماة “العدلات”، والتي عادة ما تساعد الجسم في محاربة العدوى.

   • تبدأ في نخاع العظام وقد تنتشر إلى الدم والأعضاء الأخرى.

3. اللوكيميا المزمنة: نادرًا ما تُشخص عند الأطفال مقارنة بالكبار.

أسباب سرطان الدم عند الأطفال

لا يزال سبب الإصابة بسرطان الدم غير معروف بشكل كامل، لكن هناك عدة عوامل يُعتقد أنها قد تساهم في تطور المرض:

• الطفرات الوراثية: بعض الأطفال قد يكونون مولودين بعوامل وراثية تزيد من احتمال إصابتهم بسرطان الدم. على سبيل المثال، هناك علاقة بين اللوكيميا وأمراض مثل متلازمة داون.

• التعرض للإشعاع: التعرض لمستويات عالية من الإشعاع (مثل تلك الناتجة عن العلاج الإشعاعي للأورام الأخرى) قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم.

• التعرض لبعض المواد الكيميائية: بعض المواد الكيميائية، مثل البنزين، قد تكون مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الدم.

• النظام المناعي الضعيف: الأطفال الذين يعانون من اضطرابات في جهاز المناعة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بسرطان الدم.

أعراض سرطان الدم عند الأطفال

تتفاوت الأعراض بين الأطفال المصابين بسرطان الدم، ولكن عادة ما تكون الأعراض غير محددة في البداية. قد تتشابه مع أعراض نزلات البرد أو الإنفلونزا، مما يجعل من الصعب تشخيص المرض في المراحل المبكرة. ومن الأعراض الشائعة:

1. فقر الدم (الأنيميا): الشعور بالتعب الشديد، والشحوب، وقلة النشاط.

2. العدوى المتكررة: بسبب ضعف جهاز المناعة، قد يعاني الأطفال المصابون بسرطان الدم من التهابات متكررة وغير قابلة للعلاج بسرعة.

3. النزيف والكدمات: قد يعاني الطفل من نزيف غير مبرر مثل نزيف الأنف أو نزيف اللثة، كما قد تظهر كدمات بسهولة.

4. تورم في الغدد الليمفاوية: قد تتضخم الغدد الليمفاوية، مما يؤدي إلى الشعور بألم في مناطق مثل الرقبة أو تحت الإبط.

5. آلام في العظام والمفاصل: الألم في المفاصل والعظام قد يكون ناتجًا عن تجمع خلايا الدم السرطانية.

6. فقدان الشهية وفقدان الوزن: قد يعاني الطفل من فقدان الوزن بسبب فقدان الشهية.

7. تضخم الكبد أو الطحال: قد يؤدي انتشار الخلايا السرطانية إلى تضخم الكبد أو الطحال.

8. التعرق الليلي: قد يعاني الطفل من تعرق مفرط أثناء النوم.

تشخيص سرطان الدم عند الأطفال

تشخيص سرطان الدم يبدأ غالبًا من خلال ملاحظة الأعراض السريرية التي يعاني منها الطفل. ولكن، لتأكيد التشخيص، يحتاج الأطباء إلى إجراء مجموعة من الفحوصات والاختبارات. أهم هذه الفحوصات تشمل:

1. الفحص البدني: يبدأ الأطباء بفحص الطفل سريريًا للبحث عن علامات المرض مثل التورم أو الكدمات أو تضخم الغدد الليمفاوية.

2. فحص الدم: يشمل ذلك اختبارات مثل تعداد الدم الكامل (CBC)، التي تساعد في كشف أي تغيير غير طبيعي في خلايا الدم مثل انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء أو الصفائح الدموية.

3. خزعة من نخاع العظام: يُعد أخذ عينة من نخاع العظام من الفخذ أو الورك أمرًا ضروريًا لتشخيص سرطان الدم. يُظهر الفحص المجهري لهذه العينة ما إذا كانت خلايا الدم غير الطبيعية موجودة.

4. الفحوصات الجينية: قد يتم إجراء اختبارات جينية للكشف عن الطفرات الجينية التي قد تكون مرتبطة بنوع السرطان.

5. التصوير الطبي: قد يُستخدم التصوير بالأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية لتحديد ما إذا كان السرطان قد انتشر إلى مناطق أخرى من الجسم.

علاج سرطان الدم عند الأطفال

على الرغم من أن تشخيص سرطان الدم قد يكون مقلقًا، إلا أن التقدم في العلاج قد ساهم في تحسين معدلات البقاء على قيد الحياة بشكل كبير في السنوات الأخيرة. يعتمد العلاج على نوع اللوكيميا التي تم تشخيصها ومرحلة المرض عند بدء العلاج.

1. العلاج الكيميائي: هو العلاج الأساسي في معظم حالات سرطان الدم. يشمل استخدام أدوية سامة لقتل الخلايا السرطانية أو لتقليل نموها. يُعطى العلاج الكيميائي عادة في شكل أقراص أو حقن، وفي بعض الأحيان من خلال الوريد.

2. زراعة نخاع العظام (أو الخلايا الجذعية): في بعض الحالات، قد يُطلب من الطفل الخضوع لزراعة نخاع العظام. يتم استبدال النخاع العظمي المريض بنخاع عظم من متبرع مناسب.

3. العلاج الإشعاعي: قد يُستخدم في بعض الحالات التي لم تستجيب للعلاج الكيميائي وحده أو لتقليص حجم الأورام.

4. الأدوية المستهدفة: وهي أدوية تتوجه خصيصًا إلى الخلايا السرطانية فقط، مما يقلل من التأثيرات الجانبية مقارنة بالعلاج الكيميائي التقليدي.

5. العلاج المناعي: يستخدم الجهاز المناعي للمريض لمحاربة الخلايا السرطانية. هذا النوع من العلاج يُعد جديدًا نسبيًا، لكنه أظهر نتائج واعدة في علاج بعض أنواع اللوكيميا.

التعافي بعد العلاج

يختلف وقت التعافي من طفل لآخر وفقًا لنوع السرطان ومرحلة المرض. بعد إتمام العلاج، يحتاج الطفل إلى متابعة طبية دقيقة لرصد أي علامات لعودة السرطان. قد تشمل هذه المتابعة:

• فحوصات منتظمة للدم.

• إجراء أشعة أو اختبارات تصوير دورية.

• متابعة الحالة النفسية والجسدية للطفل.

التوقعات المستقبلية

بفضل التقدم الكبير في علاجات سرطان الدم، فإن نسبة الشفاء للأطفال المصابين باللوكيميا قد تحسنت بشكل كبير في العقود الأخيرة. تقدر معدلات البقاء على قيد الحياة للأطفال المصابين باللوكيميا اللمفاوية الحادة (ALL) بحوالي 90% في العديد من الحالات. على الرغم من ذلك، لا يزال العلاج يشكل تحديات كبيرة، ويتطلب اهتمامًا ورعاية دقيقة لضمان أفضل نتيجة للمريض.

الختام

سرطان الدم عند الأطفال هو مرض يسبب الكثير من القلق للآباء والأمهات، ولكنه ليس بالضرورة نهاية العالم. بفضل التقدم الطبي في تشخيص وعلاج المرض، يمكن للكثير من الأطفال أن يتعافوا بالكامل ويعيشوا حياة صحية وطبيعية بعد العلاج. لكن تبقى الوقاية والتشخيص المبكر من أهم العوامل التي تحدد فعالية العلاج ونجاحه.