11 نصيحة لحماية الصحة والحفاظ على السلامة في العمل

في بيئات العمل المعاصرة، أصبحت الصحة والسلامة المهنية من المواضيع المحورية التي لا يمكن التغافل عنها، سواء في القطاعات الصناعية أو الخدمية أو الإدارية. مع التوسع في حجم الأعمال وتعقيد مهام الوظائف، تزداد احتمالات التعرض للأخطار المهنية، مثل الإجهاد البدني والذهني، الحوادث، التعرض للمواد الكيميائية، أو الإصابات الناتجة عن سوء استخدام الأدوات أو عدم مراعاة إرشادات الأمان. لذلك، فإن تبني سياسات وإجراءات وقائية واضحة لا يحمي العامل فقط، بل يعزز من كفاءة بيئة العمل ويقلل من التكاليف الناتجة عن الحوادث والتغيب عن العمل.

تُعد السلامة المهنية مسؤولية مشتركة بين صاحب العمل والموظف، حيث ينبغي على المؤسسة توفير بيئة آمنة، وتدريب العاملين على الوقاية من المخاطر، فيما يقع على عاتق العامل الالتزام بالتعليمات الوقائية واستخدام معدات الحماية بشكل صحيح. في هذا السياق، سنعرض 11 نصيحة جوهرية تُعد بمثابة خارطة طريق لضمان بيئة عمل صحية وآمنة على المدى القصير والطويل.

1. الالتزام باستخدام معدات الحماية الشخصية (PPE)

تُعتبر معدات الحماية الشخصية خط الدفاع الأول ضد الإصابات في بيئة العمل. يشمل ذلك الخوذ، القفازات، نظارات الحماية، سدادات الأذن، وأقنعة التنفس. تختلف أنواع المعدات حسب طبيعة العمل، فالعاملون في البيئات الصناعية يحتاجون إلى وقاية من الضوضاء، والمواد الكيميائية، والحركة الميكانيكية، بينما قد يحتاج العاملون في المختبرات إلى حماية ضد المواد السامة أو العدوى البيولوجية. يجب أن تكون هذه المعدات ذات جودة عالية، ومناسبة لمقاسات العاملين، ويتم فحصها وصيانتها بانتظام.

2. تطبيق إجراءات تقييم المخاطر بشكل دوري

تقييم المخاطر هو عملية تحليل دقيقة تهدف إلى التعرف على مصادر الخطر المحتملة، وتحليل احتمال وقوع الحوادث وتقدير مدى تأثيرها. من خلال هذا التقييم، يمكن للإدارة اتخاذ إجراءات وقائية مناسبة، مثل تعديل بيئة العمل، أو إعادة تصميم خطوات الإنتاج، أو تحسين التدريب الموجه للعاملين. ينبغي أن يتم التقييم بشكل دوري وليس مرة واحدة فقط، نظراً لتغير طبيعة المخاطر بمرور الزمن أو عند إدخال تقنيات جديدة.

3. التوعية والتدريب المستمر

التدريب هو ركيزة أساسية لضمان وعي العاملين بمخاطر العمل وكيفية التعامل معها. يجب أن يكون التدريب شاملاً، يغطي الجوانب النظرية والعملية، ويشمل مواضيع مثل إطفاء الحرائق، الإسعافات الأولية، التعامل مع الآلات، واستخدام المواد الكيميائية بأمان. من المهم تكرار التدريب بشكل دوري للتذكير والتحديث، خاصة عند إدخال نظام جديد أو معدات حديثة.

4. تعزيز ثقافة السلامة داخل المؤسسة

إن خلق ثقافة سلامة قوية يُسهم في ترسيخ السلوكيات الإيجابية بين الموظفين، ويُعزز من شعورهم بالمسؤولية تجاه أنفسهم وزملائهم. يتطلب ذلك من الإدارة العُليا أن تكون قدوة في الالتزام بإجراءات السلامة، وتشجيع الإبلاغ عن الحوادث أو المخاطر المحتملة دون خوف من العقوبة. كما يمكن تنظيم فعاليات دورية مثل “أسبوع السلامة” أو مسابقات توعوية لزيادة التفاعل.

5. الحفاظ على بيئة عمل نظيفة ومنظمة

الفوضى في أماكن العمل تزيد من احتمالات التعرض للحوادث، مثل الانزلاق، أو التعثر، أو سقوط الأشياء. يجب تنظيم المعدات، وتوفير مساحات كافية للحركة، والتأكد من عدم وجود مواد خطرة أو مبللة على الأرضيات. النظافة لا تتعلق فقط بالمظهر، بل تلعب دوراً مهماً في منع الحوادث، وتُساهم في تحسين الصحة العامة وتقليل معدلات الإصابة بالأمراض التنفسية أو الجلدية.

6. إدارة الإجهاد المهني والإرهاق العقلي

الإجهاد في بيئة العمل لا يقل خطورة عن الأخطار المادية. يؤدي الإرهاق المزمن إلى تراجع التركيز وزيادة احتمال ارتكاب الأخطاء. يجب توفير فترات راحة كافية، وضبط ساعات العمل، ومراعاة التوازن بين المهام والقدرات الشخصية. كما يُنصح بتوفير دعم نفسي واستشارات مهنية عند الحاجة، خاصة في المهن التي تتطلب تواصلاً مباشراً مع الجمهور أو التي تشهد ضغوطاً مستمرة.

7. إنشاء نظام للإبلاغ عن الحوادث والحالات القريبة من الخطر

يعد تسجيل الحوادث القريبة من الخطر (Near Misses) أمراً ضرورياً لتفادي تكرارها مستقبلاً. على المؤسسة أن تضع آلية فعالة وسريعة للإبلاغ عن أي حادث أو موقف غير آمن، على أن يتم التعامل مع البلاغ بجدية، وتحليله، واتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة. يشمل ذلك أيضاً مشاركة نتائج التحقيق مع العاملين لضمان الشفافية والتعلم الجماعي.

8. التأكد من صيانة الآلات والمعدات بانتظام

الآلات والمعدات التي لا تتم صيانتها بانتظام تُعد من أكثر مصادر الخطر شيوعاً. تؤدي الأعطال المفاجئة إلى إصابات خطيرة، خاصة في الصناعات الثقيلة أو تلك التي تعتمد على الأنظمة الميكانيكية المعقدة. يجب وضع جدول صيانة دوري يشمل جميع المعدات، مع تحديد المسؤولين عن تنفيذها، وتوثيق كل عملية صيانة لضمان المتابعة.

9. إعداد خطط للطوارئ والإخلاء

في حالات الحريق، الكوارث الطبيعية، أو الحوادث الكيميائية، تكون الدقائق الأولى حاسمة في إنقاذ الأرواح. يتطلب ذلك وجود خطة واضحة للإخلاء، وتحديد مسارات الخروج، وتدريب العاملين على كيفية التصرف بسرعة وفعالية. كما يجب اختبار خطة الطوارئ دورياً، وتحديثها حسب المستجدات، مثل تغيير مواقع المعدات أو فتح أقسام جديدة في المبنى.

10. توفير بيئة عمل تتسم بالإضاءة والتهوية الجيدة

تلعب الإضاءة دوراً أساسياً في تقليل الحوادث الناتجة عن قلة الرؤية، بينما تؤثر التهوية الجيدة في الحد من التلوث الداخلي، خاصة في الأماكن المغلقة أو تلك التي يتم فيها استخدام المواد الكيميائية. ينبغي التأكد من توزيع الإضاءة بشكل متوازن دون وهج، وتوفير تهوية طبيعية أو صناعية كافية لضمان جودة الهواء.

11. الالتزام بالقوانين واللوائح الوطنية والدولية

تضع الهيئات التنظيمية في معظم الدول معايير صارمة للسلامة والصحة المهنية، تشمل حدود التعرض للمواد الخطرة، إجراءات حماية العمال، ومتطلبات التدريب والتقييم. الالتزام بهذه اللوائح لا يُعد خياراً بل ضرورة قانونية وأخلاقية. كما يمكن اعتماد معايير دولية مثل ISO 45001 التي تقدم إطاراً متكاملاً لأنظمة إدارة السلامة والصحة المهنية.

جدول: مقارنة بين المخاطر الشائعة في أماكن العمل وإجراءات الوقاية المناسبة

خاتمة

إن الحفاظ على الصحة والسلامة في بيئة العمل يتطلب التزاماً مستمراً وتعاوناً فعالاً بين جميع الأطراف. فكل إجراء وقائي يتم اتخاذه اليوم، يمكن أن يمنع حادثاً خطيراً غداً. إن تعزيز ثقافة السلامة والاستثمار في الوعي والتدريب، ليس فقط وسيلة لحماية الأرواح، بل هو أيضاً من العوامل الجوهرية في تعزيز الإنتاجية، وتحقيق الاستدامة، وبناء بيئة عمل محفزة وآمنة للجميع.

المراجع:

1. منظمة العمل الدولية – معايير السلامة والصحة المهنية

2. ISO 45001: Occupational health and safety management systems – Requirements with guidance for use