المبادئ الأساسية لقابلية الاستخدام

المبادئ الخمسة الأساسية في قابلية الاستخدام (Usability)

تُعد “قابلية الاستخدام” أحد المفاهيم الأساسية في تصميم تجربة المستخدم (UX) وتطوير البرمجيات، حيث تشير إلى مدى سهولة وكفاءة وفعالية استخدام النظام أو المنتج أو الخدمة من قبل المستخدمين. تهدف قابلية الاستخدام إلى تحسين التفاعل بين الإنسان والآلة بما يضمن راحة المستخدم وسهولة الوصول إلى أهدافه باستخدام التقنية. ومن خلال تبني المبادئ الأساسية لقابلية الاستخدام، يمكن تحسين الأداء العام للنظام أو المنتج، وضمان تجربة مستخدم متميزة. في هذا المقال، سوف نتناول المبادئ الخمسة الأساسية لقابلية الاستخدام بشكل مفصل، ونوضح كيف تساهم كل منها في تحسين التفاعل بين المستخدمين والأنظمة.

1. التعلمية (Learnability)

أول مبدأ من مبادئ قابلية الاستخدام يتعلق بمدى سهولة تعلم المستخدم كيفية استخدام النظام أو المنتج. كلما كان النظام أو التطبيق سهل التعلم، كان من الأسهل على المستخدمين الجدد التفاعل معه بشكل فعال وسريع. تتضمن “التعلمية” عدة جوانب رئيسية، منها:

• البساطة: يجب أن يكون النظام بسيطًا بما يكفي ليتمكن المستخدمون الجدد من فهم كيفية العمل معه دون الحاجة لتدريب معقد. يجب أن تكون الواجهة مستخدم مرئية ومفهومة بشكل مباشر.

• الاستجابة الفورية: عندما يتفاعل المستخدم مع النظام، ينبغي أن تكون هناك استجابة واضحة فورًا من النظام تعطيه فكرة عن ما حدث من تغييرات في النظام، مما يساعده على تعلم كيفية التفاعل بشكل أكثر فاعلية.

• التوجيه والمساعدة: ينبغي أن توفر الأنظمة طرقًا بسيطة للمساعدة، مثل التلميحات أو التعليمات المدمجة داخل الواجهة، مما يمكن المستخدم من تعلم النظام بشكل أسرع.

إن تحسين قابلية تعلم النظام لا يعزز فقط من تجربة المستخدم ولكن أيضًا يساهم في تقليل الحاجة إلى دعم فني مكلف أو مفرط.

2. الكفاءة (Efficiency)

بعد أن يتعلم المستخدم كيفية التفاعل مع النظام، يصبح التركيز على “الكفاءة” هو العنصر الأساسي التالي. الكفاءة تعني أن المستخدم يمكنه أداء المهام المطلوبة باستخدام النظام أو المنتج بسرعة وسهولة، مع تقليل الجهد المطلوب لتحقيق الهدف. يشمل ذلك عدة جوانب:

• الاختصارات: يجب أن تكون هناك طرق لتسريع التفاعل، مثل الاختصارات أو الأوامر السريعة، بحيث لا يحتاج المستخدم إلى إجراء عمليات مكررة أو طويلة للوصول إلى الهدف.

• التنظيم والهيكلية: إن وضع العناصر بشكل منطقي ومرتب يسهم بشكل كبير في تحسين الكفاءة. فإذا كانت واجهة المستخدم تُمكن المستخدم من الوصول إلى الأدوات والخيارات المناسبة بسرعة، فإن ذلك يقلل من الوقت المستهلك في البحث أو التنقل.

• تقليل الأخطاء البشرية: يجب أن يساهم التصميم في تقليل الفرص لإجراء الأخطاء، مثل توفير آلية لتأكيد الإجراءات أو إظهار رسائل توضيحية تساعد المستخدم على اتخاذ قرارات صحيحة أثناء التفاعل مع النظام.

يجب أن تُصمم الأنظمة بحيث تكون الإجراءات التي يتبعها المستخدمين فعّالة وسريعة، مما يساهم في تعزيز الأداء العام والرضا عن تجربة الاستخدام.

3. الاحتفاظ (Memorability)

عند العودة إلى استخدام النظام بعد فترة من التوقف، يجب أن يكون من السهل تذكر كيفية استخدامه، وهذا هو جوهر مبدأ “الاحتفاظ”. يمكن أن تكون هذه الميزة مفيدة بشكل خاص في الأنظمة أو التطبيقات التي يُتوقع أن يستخدمها الناس بشكل متقطع أو موسمي. يشمل ذلك:

• الواجهات المألوفة: إن استخدام تصاميم مألوفة يساهم في تحسين “الاحتفاظ”. فعندما يتعرض المستخدم لتصميم مشابه للأنظمة التي اعتاد عليها، سيكون أسهل له أن يتذكر كيفية التفاعل مع النظام.

• توفير السياق: من المهم أن يكون النظام قادرًا على تزويد المستخدم بسياق يساعده على تذكر خطواته السابقة أو أين كان في العملية. يمكن تحقيق ذلك باستخدام الرسائل التوضيحية أو المحفزات البصرية التي تُذكّر المستخدم بما كان يقوم به.

• الاستمرارية: في حالة الأنظمة التي تحتوي على عدة جلسات أو عمليات، ينبغي أن يتمكن المستخدم من استئناف عمله من حيث توقف دون الحاجة إلى تعلم كيفية بدء العملية من جديد.

باختصار، “الاحتفاظ” هو القدرة على تذكر واجهة المستخدم وعملياتها بعد فترات من الانقطاع، مما يعزز من راحة المستخدم في العودة إلى النظام.

4. الوقاية من الأخطاء (Error Prevention)

من المبادئ الأساسية الأخرى في قابلية الاستخدام هو “الوقاية من الأخطاء”. يتعلق هذا المبدأ بتصميم النظام بحيث يواجه المستخدم فرصًا أقل للأخطاء أثناء التفاعل. يشمل ذلك:

• الحد من الخيارات غير المناسبة: يجب أن يتم تصميم الواجهة بحيث لا يعرض للمستخدم خيارات غير قابلة للتطبيق أو غير منطقية. على سبيل المثال، في الأنظمة التي تحتوي على استمارات بيانات، يمكن إخفاء الحقول التي لا تنطبق على حالة المستخدم الحالية.

• التوجيه والمساعدة: توفير توجيه مستمر يُرشد المستخدم في خطواته لتقليل فرص ارتكاب الأخطاء. مثلًا، في حال كانت هناك ضرورة لاختيار من بين مجموعة خيارات، يمكن للنظام تقديم اقتراحات أو تحذيرات حول الاختيارات الأفضل.

• إعادة تصميم الأنظمة المعقدة: ينبغي أن يُقلل النظام من التعقيد الزائد الذي يؤدي إلى التشتت أو عدم الفهم، مما يزيد من احتمالات ارتكاب المستخدم للأخطاء.

تُعتبر الوقاية من الأخطاء جزءًا أساسيًا من تحسين قابلية الاستخدام لأنها تسهم في تقديم تجربة مستخدم سلسة وآمنة.

5. الرضا (Satisfaction)

أخيرًا، يأتي مبدأ “الرضا” أو “الراحة” الذي يعني أن المستخدم يجب أن يشعر بالراحة والرضا عند استخدام النظام أو المنتج. يتعلق هذا المبدأ بتوفير تجربة مستخدم ممتعة وسلسة، من خلال:

• التصميم الجمالي: الواجهة الجميلة التي تتميز بتصميم جذاب يساعد على جعل المستخدم يشعر بالارتياح أثناء التفاعل مع النظام.

• التفاعل السلس: يجب أن يتم توفير تجربة مستخدم سلسة من خلال التفاعلات السريعة، وعدم وجود مشاكل تقنية أو تأخيرات مزعجة تؤثر على تجربة الاستخدام.

• تخصيص تجربة المستخدم: يمكن أن يُحسن تخصيص تجربة المستخدم (مثل تخصيص الإعدادات أو تقديم توصيات شخصية) من مستوى الرضا. عندما يشعر المستخدم أن النظام يتفاعل مع احتياجاته الفردية، فإن هذا يعزز من انطباعه الإيجابي عن المنتج.

يشكل الرضا الجانب الأكثر تميزًا في قابلية الاستخدام، لأنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتجربة المستخدم العامة. وعندما يكون المستخدم راضيًا عن نظام معين، فإنه يظل مخلصًا له ويواصل استخدامه بشكل متكرر.

الخلاصة

تعتبر المبادئ الخمسة الأساسية في قابلية الاستخدام عوامل حيوية يجب أخذها في الاعتبار في جميع مراحل تصميم وتطوير الأنظمة والمنتجات الرقمية. إن تحسين التعلمية، والكفاءة، والاحتفاظ، والوقاية من الأخطاء، والرضا لا يؤدي فقط إلى تحسين تجربة المستخدم ولكن يساهم أيضًا في زيادة نجاح النظام أو المنتج. كما تساهم هذه المبادئ في تعزيز رضا المستخدمين وتقليل نسبة الأخطاء، مما يضمن بقاء النظام مفضلًا لديهم ويحقق أهدافه بكفاءة وفعالية.