الدوران الوظيفي: أسبابه وطرق تقليله

الدوران الوظيفي: مفهومه، وأنواعه، وأسبابه، وطرق تخفيضه

يعد الدوران الوظيفي من الظواهر الشائعة التي تواجهها الشركات والمنظمات في جميع أنحاء العالم. وهو يشير إلى عملية مغادرة الموظفين لوظائفهم والبحث عن فرص عمل جديدة في مختلف القطاعات. قد يكون هذا التغيير طوعيًا أو غير طوعي، لكن في كلتا الحالتين، يمكن أن يترك تأثيرًا عميقًا على البيئة العملية والموارد البشرية داخل المنظمة. من خلال هذا المقال، سنتناول دورات العمل الوظيفي بشيء من التفصيل بدءًا من تعريفه، مرورًا بأنواعه، وانتهاءً بأسباب حدوثه وطرق التخفيف من آثاره السلبية.

أولاً: مفهوم الدوران الوظيفي

الدوران الوظيفي هو عملية مغادرة الموظف للعمل في الشركة وانتقاله للعمل في شركة أخرى أو التقاعد أو التوقف عن العمل في القطاع ذاته. ويمكن أن يحدث الدوران الوظيفي بشكل طوعي، أي عندما يقرر الموظف بنفسه مغادرة الوظيفة أو غير طوعي عندما يُجبر الموظف على مغادرة عمله بسبب قرارات إدارية أو ظروف استثنائية.

يشمل الدوران الوظيفي جميع أنواع المغادرات التي يمكن أن تحدث في المؤسسة، سواء كانت لأسباب تتعلق بالموظف نفسه أو نتيجة لتوجهات الشركة في إعادة الهيكلة أو تقليص عدد الموظفين. ويمكن قياس معدلات الدوران الوظيفي من خلال تحليل عدد الموظفين الذين غادروا في فترة معينة مقارنةً بعدد الموظفين في نفس الفترة.

ثانياً: أنواع الدوران الوظيفي

الدوران الوظيفي يمكن تقسيمه إلى نوعين رئيسيين:

1. الدوران الوظيفي الطوعي: يحدث عندما يقرر الموظف مغادرة الشركة بإرادته الحرة. قد تتضمن الأسباب التي تجعل الموظف يختار مغادرة وظيفته الطوعية الانتقال إلى وظيفة أخرى أفضل، الحصول على فرص تطوير مهنية أعلى، أو رغبة في تغيير مسار حياته المهنية. يمكن أيضًا أن يتأثر الدوران الطوعي بالظروف الشخصية مثل التقاعد أو الانتقال إلى مكان آخر للعيش.

2. الدوران الوظيفي غير الطوعي: يحدث عندما يترك الموظف وظيفته بسبب قرارات الإدارة أو الشركة، مثل التسريح بسبب تقليص حجم العمل أو قلة الموارد المالية. يتضمن هذا النوع أيضًا إنهاء الخدمة بسبب سوء الأداء أو التغييرات في سياسات العمل أو إعادة الهيكلة داخل المنظمة. يمكن أن يؤدي هذا النوع من الدوران إلى شعور الموظف بالإحباط وفقدان الثقة، مما يؤثر على استقرار المؤسسة.

ثالثاً: أسباب الدوران الوظيفي

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الدوران الوظيفي في الشركات. وهذه الأسباب تختلف من موظف إلى آخر ومن شركة إلى أخرى، وقد تتراوح بين عوامل شخصية وبيئية وأسباب تتعلق بسياسات العمل والإدارة. نستعرض فيما يلي أهم الأسباب التي قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات الدوران الوظيفي:

1. عدم الرضا عن بيئة العمل: يمكن أن يؤدي بيئة العمل السلبية إلى دفع الموظفين إلى التفكير في مغادرة وظائفهم. يشمل ذلك سوء العلاقات مع الزملاء أو المدراء، نقص الدعم العاطفي، ضعف الاتصالات داخل الفريق، أو ظروف العمل غير المناسبة. عندما يشعر الموظف بعدم الراحة أو التهميش، يمكن أن يسعى للبحث عن بيئة عمل أفضل.

2. قلة فرص التطوير المهني: الموظفون الذين لا يجدون فرصًا كافية للتطور والنمو في وظائفهم قد يشعرون بالإحباط. غياب البرامج التدريبية أو الترقيات المهنية يمكن أن يجعل الموظف يبحث عن فرص أخرى توفر له تحديات جديدة وفرص للنمو والتطور.

3. التعويضات والمزايا غير الجذابة: أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الموظفين إلى البحث عن وظائف جديدة هو وجود تفاوت في الرواتب والمزايا مقارنة مع الشركات الأخرى. إذا كانت التعويضات المالية لا تتماشى مع التوقعات أو مع المعايير المتبعة في السوق، فإن الموظف قد يسعى للحصول على وظيفة جديدة.

4. عدم التوافق بين الموظف والوظيفة: قد يؤدي عدم توافق المهارات مع متطلبات الوظيفة إلى شعور الموظف بعدم الرضا عن عمله. هذا يؤدي إلى خيبة أمل في الأداء الوظيفي والرغبة في إيجاد وظيفة تتناسب بشكل أفضل مع مهاراته واهتماماته.

5. الإرهاق الوظيفي: الموظفون الذين يتعرضون لضغط كبير أو يتعاملون مع عبء عمل ثقيل دون فترات راحة مناسبة قد يشعرون بالتعب والإرهاق، مما يساهم في ارتفاع معدلات الدوران الوظيفي. كما أن غياب التوازن بين العمل والحياة الشخصية قد يدفع الموظفين إلى مغادرة وظائفهم.

6. التحولات في سياسة الشركة أو الإدارة: التغييرات في القيادة أو في هيكل المنظمة يمكن أن تخلق حالة من عدم الاستقرار بين الموظفين. بعض الموظفين قد لا يتفقون مع التوجهات الجديدة أو الاستراتيجيات التي يتبعها المديرون الجدد، مما يدفعهم إلى اتخاذ قرار بالمغادرة.

رابعاً: طرق تقليل الدوران الوظيفي

يمكن للشركات اتخاذ عدة خطوات لتقليل معدلات الدوران الوظيفي وتحسين استقرار الموظفين. فيما يلي بعض الاستراتيجيات الفعالة:

1. تحسين بيئة العمل: من المهم أن تخلق الشركات بيئة عمل إيجابية تشجع على التعاون والاحترام المتبادل. يجب أن يتاح للموظفين فرصة للتعبير عن آرائهم وحل النزاعات بشكل عادل. يمكن تنفيذ برامج لبناء الفريق وتنظيم الأنشطة الاجتماعية لتحسين العلاقات بين الزملاء.

2. توفير فرص التطوير المهني: يمكن أن تحفز برامج التدريب المستمر وورش العمل لتطوير المهارات الموظفين على الاستمرار في العمل. يشمل ذلك منح الفرص للترقية داخل الشركة أو توفير دورات تدريبية تساعد الموظف على زيادة خبراته.

3. تحسين الرواتب والمزايا: من خلال تقديم حوافز مالية عادلة ومزايا إضافية مثل التأمين الصحي، العطلات المدفوعة، وحوافز الأداء، يمكن للشركات أن تقلل من رغبة الموظفين في البحث عن فرص خارجية. يجب أن تتسم الرواتب بالعدالة التنافسية مقارنة مع السوق.

4. التوازن بين العمل والحياة الشخصية: يجب أن تشجع الشركات موظفيها على إيجاد توازن مناسب بين العمل وحياتهم الشخصية. يمكن أن تساعد سياسات العمل المرنة أو ساعات العمل المرنة على تخفيف الضغوط وتحسين جودة الحياة بشكل عام.

5. الاعتراف بالإنجازات والإنصاف في التقييم: من خلال الاعتراف بإنجازات الموظفين ومنحهم التقدير المناسب، يمكن تعزيز شعورهم بالتقدير والمساهمة في النجاح الجماعي. ويجب أن يكون التقييم الوظيفي قائمًا على أسس عادلة وشفافة، مما يساعد في تقليل الشعور بالإحباط.

6. تحسين القيادة والإدارة: القيادة الفعّالة تلعب دورًا كبيرًا في تقليل الدوران الوظيفي. ينبغي على المديرين أن يكونوا داعمين ويقدموا الإرشاد والمساعدة للموظفين. التدريب المستمر للمديرين على مهارات التواصل وإدارة الأفراد يمكن أن يقلل من مشاعر الإحباط لدى الموظفين.

7. استطلاعات الرأي والتغذية الراجعة: من خلال الاستماع إلى الموظفين بشكل منتظم عبر استطلاعات الرأي أو جلسات التغذية الراجعة، يمكن للشركات تحديد المشكلات التي قد تؤدي إلى الدوران الوظيفي. يساعد هذا في اتخاذ الإجراءات المناسبة لتحسين الوضع.

الخاتمة

الدوران الوظيفي هو ظاهرة معقدة تؤثر بشكل مباشر على استقرار أي مؤسسة أو شركة. تتنوع أسبابها من العوامل الشخصية إلى العوامل التي تتعلق بسياسات العمل. على الرغم من أن بعض الدوران الوظيفي يمكن أن يكون صحيًا ويتيح فرصًا جديدة، إلا أن الدوران المرتفع يمكن أن يشكل عبئًا على الشركات ويؤثر على الأداء العام. لذا، من المهم أن تتخذ الشركات خطوات استراتيجية لمعالجة هذا التحدي من خلال تحسين بيئة العمل، وتقديم فرص التنمية، وتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية.