وضعية الجسم: هل يسبب الجلوس الملتوي آلاماً في الظهر؟
يُعتبر الجلوس في وضعيات غير صحيحة من الأسباب الشائعة التي تؤدي إلى آلام الظهر لدى الكثير من الأشخاص. ومن بين الوضعيات الملتوية التي تتسبب في تزايد هذه الآلام، نجد الجلوس الملتوي أو المنحني، حيث يُصاب البعض بالانزعاج أو الألم في أسفل الظهر نتيجة هذه الوضعية غير السليمة. إن الفهم العلمي لهذه الوضعيات وكيفية تأثيرها على الجسم يمكن أن يساعد في الوقاية من هذه الآلام ومعالجتها.
1. الجلوس الملتوي: تعريفه وتأثيره على الجسم
الجلوس الملتوي هو الحالة التي يتخذ فيها الشخص وضعية غير محايدة للجسم عند الجلوس، حيث يتم إمالة الجزء العلوي من الجسم في أحد الاتجاهات بشكل مستمر، مما يؤدي إلى حدوث خلل في توزيع وزن الجسم على العمود الفقري. تختلف شدة هذه الوضعية من شخص لآخر حسب كيفية تأثيرها على الجسم. في معظم الحالات، يؤدي هذا الوضع إلى زيادة الضغط على فقرات العمود الفقري والأقراص الفقرية، مما يسهم في إحداث آلام في الظهر.
2. التأثيرات العضلية والفقراتية للجلوس الملتوي
عند الجلوس في وضعية ملتوية، فإن العضلات المحيطة بالعمود الفقري، مثل عضلات أسفل الظهر (العضلات القطنية) وعضلات البطن، تتعرض لضغط غير طبيعي. هذا الضغط المستمر يؤدي إلى إرهاق العضلات وإضعاف قدرتها على تحمل الوزن، ما يجعل الجسم عرضة للألم.
من الناحية الفقراتية، قد يسبب الجلوس الملتوي ضغطًا غير متوازن على فقرات العمود الفقري والأقراص الفقرية بين الفقرات. يتوزع الوزن على جانب واحد من العمود الفقري بشكل غير متساوٍ، مما يزيد من احتمالية حدوث تآكل في الأقراص الفقرية، وبالتالي ظهور مشكلات مثل الديسك (الانزلاق الغضروفي).
3. الآلام الناتجة عن الجلوس الملتوي: الأسباب والأنواع
تتعدد أسباب الآلام الناتجة عن الجلوس الملتوي، وتشمل العديد من العوامل التي قد تتداخل مع بعضها. يمكن تصنيف هذه الآلام حسب نوعها ومصدرها على النحو التالي:
أ. آلام أسفل الظهر (القطني)
آلام أسفل الظهر هي أكثر أنواع الآلام شيوعًا نتيجة الجلوس الملتوي. في هذه الوضعية، تُمارس ضغوط غير متوازنة على الجزء السفلي من العمود الفقري، مما يؤدي إلى تحفيز آلام شديدة في المنطقة القطنية من الظهر. قد يكون الألم متقطعًا أو مستمرًا، ويزداد في الحالات التي يكون فيها الشخص جالسًا لفترات طويلة دون تغيير الوضعية.
ب. آلام في منطقة الحوض والفخذين
تؤثر الوضعية الملتوية أيضًا على الحوض والفخذين، حيث تتعرض عضلات الفخذ والورك لإجهاد غير طبيعي نتيجة للإمالة الجانبية. قد يؤدي ذلك إلى الشعور بعدم الراحة في الفخذين أو الحوض، وقد تمتد هذه الآلام إلى الركبتين.
ج. الآلام العضلية والتوتر
الجلوس الملتوي يؤدي إلى إجهاد العضلات المحيط بالعمود الفقري، مما يمكن أن يسبب تشنجات عضلية. هذه التشنجات قد تؤدي إلى آلام حادة ومؤلمة في الظهر والرقبة والكتفين، وهو ما يُعرف بالتوتر العضلي.
4. العوامل المؤثرة على شدة الألم الناتج عن الجلوس الملتوي
تتأثر شدة الآلام الناتجة عن الجلوس الملتوي بعدد من العوامل التي تساهم في تفاقم الوضع. من أهم هذه العوامل:
أ. المدة الزمنية للجلسة
كلما طالت مدة الجلوس في وضعية ملتوية، زادت احتمالية حدوث الألم. عادةً ما يكون الجلوس لفترات طويلة دون تحريك الجسم أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم الآلام الناتجة عن الوضعية السيئة.
ب. درجة التواء الجسم
يؤثر مدى شدة التواء الجسم على شدة الألم. فكلما كانت زاوية التواء الجسم أكثر حدة، زاد الضغط الواقع على العضلات والأقراص الفقرية، وبالتالي زادت آلام الظهر.
ج. العوامل الفردية
العوامل الفردية مثل الوزن، واللياقة البدنية، وصحة العمود الفقري تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مدى تأثر الشخص بالجلوس الملتوي. على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية في الظهر مثل انزلاق الديسك قد يكونون أكثر عرضة للألم الناتج عن هذه الوضعية.
5. الإجراءات الوقائية والعلاجية
لحماية الظهر من آلام الجلوس الملتوي، يُنصح باتباع بعض الإرشادات الوقائية والعلاجية التي يمكن أن تساعد في تجنب هذه الآلام أو التخفيف منها:
أ. تحسين وضعية الجلوس
من أولى خطوات الوقاية هي تصحيح وضعية الجلوس. يجب الجلوس في وضعية محايدة للجسم، بحيث يكون الظهر مستقيمًا والكتفين مسترخيين. يُفضل الجلوس على كرسي يدعم أسفل الظهر بشكل جيد مع الحفاظ على وضعية مستقيمة للعمود الفقري.
ب. ممارسة التمارين الرياضية
التمارين الرياضية مهمة للحفاظ على قوة العضلات المحيطة بالعمود الفقري. تقوية عضلات الظهر والبطن يساعد في تقليل تأثيرات الوضعيات السيئة على العمود الفقري. كما أن تمارين التمدد تساهم في تحسين مرونة الجسم وتخفيف التوتر العضلي.
ج. الاستراحة والحركة المنتظمة
يجب على الأشخاص الذين يضطرون للجلوس لفترات طويلة، مثل الموظفين أو الطلاب، أخذ فترات راحة قصيرة للوقوف والتحرك. الحركة المنتظمة تساعد في توزيع الضغط على الجسم بشكل متساوٍ وتقلل من الضغط على العمود الفقري.
د. العلاج الطبيعي
في حالات الألم الشديد، قد يكون العلاج الطبيعي مفيدًا. يتضمن العلاج الطبيعي تمارين وتقنيات لتحسين مرونة العمود الفقري وتقويته، مما يساعد في تقليل الآلام والوقاية من الإصابات المستقبلية.
6. الخلاصة
إن الجلوس الملتوي يعد من العوامل المسببة الشائعة لآلام الظهر، حيث يتسبب في زيادة الضغط على العمود الفقري والعضلات المحيطة به. تتراوح تأثيرات الجلوس في وضعيات ملتوية بين آلام خفيفة إلى شديدة في أسفل الظهر والفخذين والرقبة. يمكن الوقاية من هذه الآلام من خلال تحسين وضعية الجلوس، ممارسة التمارين الرياضية، وأخذ فترات راحة منتظمة. في حالات الألم الشديد، قد يحتاج الشخص إلى استشارة الطبيب أو المعالج الطبيعي لتحديد العلاج المناسب.
