صفات الطفل الحسّاس وأهم الطرق للتعامل معه
تُعد الحساسية من أبرز الصفات التي قد يتميز بها بعض الأطفال، حيث تتجلى في استجابتهم المفرطة للمؤثرات المحيطية سواء كانت اجتماعية أو عاطفية أو بيئية. هذه الحساسية ليست بالضرورة سمة سلبية بل هي انعكاس لطبيعة فطرية تجعل الطفل يتفاعل بشكل عميق مع العالم من حوله. في هذا المقال، سوف نعرض صفات الطفل الحسّاس وكيفية التعامل معه بطرق تربوية فعّالة تساعد على تحفيز نموه النفسي والعاطفي بشكل سليم.
مفهوم الطفل الحسّاس
الطفل الحسّاس هو الطفل الذي يمر بتجربة عاطفية مركزة للغاية تجاه الأحداث والبيئة المحيطة به. وقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يظهرون حساسية مفرطة يمكن أن يكون لديهم استجابة أكثر تفاعلاً للمنبهات مثل الأصوات العالية، والضوء الساطع، والتغيرات المفاجئة في الروتين اليومي. هؤلاء الأطفال غالباً ما يكونون أكثر قدرة على التعاطف مع الآخرين ولكنهم في الوقت ذاته قد يشعرون بالإرهاق بسرعة نتيجة لعدم قدرتهم على التحكم في تدفق المشاعر والأفكار.
صفات الطفل الحسّاس
الطفل الحسّاس يمتلك مجموعة من الصفات التي تميز سلوكه عن باقي الأطفال. هذه الصفات يمكن أن تكون مفيدة إذا تم توجيهها بشكل صحيح، لكنها قد تكون صعبة على الوالدين والمدرسين في بعض الأحيان. من أبرز صفات الطفل الحسّاس:
-
التفاعل العاطفي العميق:
يميل الطفل الحسّاس إلى الاستجابة العاطفية بشكل مفرط للمواقف التي يواجهها. على سبيل المثال، قد يتأثر بشدة عند مشاهدة فيلم مؤثر أو سماع قصة حزينة. كما أنه قد يشعر بالذنب أو القلق بسهولة نتيجة لمواقف اجتماعية قد تكون غير مريحة بالنسبة له. -
القلق والانعزال الاجتماعي:
يشعر الطفل الحسّاس بالتوتر في الأماكن المزدحمة أو في المواقف الاجتماعية التي لا يكون فيها على دراية كافية بالآخرين. قد يعبر عن شعوره بعدم الارتياح من خلال الانعزال أو التصرف بطرق غير مريحة. -
الحساسية للأصوات والضوء:
كثيراً ما يلاحظ الأطفال الحسّاسون الضوضاء العالية أو الأضواء الساطعة التي قد لا تكون مزعجة لبقية الأشخاص. هذه الحساسية يمكن أن تؤدي إلى شعورهم بالإرهاق أو الانزعاج في بيئات غير مريحة. -
الإحساس بالظلم بسهولة:
هؤلاء الأطفال قد يشعرون بأنهم ضحايا في مواقف معينة، وقد يعبرون عن مشاعرهم بطريقة تؤكد تأثرهم بالظروف المحيطة بهم. قد ينزعجون من النقد البسيط أو التوجيهات التي قد تكون غير ملائمة أو جارحة. -
التركيز المفرط:
يظهر الطفل الحسّاس قدرة على الانتباه للتفاصيل الدقيقة التي قد يتجاهلها الآخرون. هذه السمة يمكن أن تكون مفيدة في مواقف معينة، لكنها قد تسبب له في بعض الأحيان مشاعر الإجهاد أو الانشغال الزائد بالتفاصيل.
كيفية التعامل مع الطفل الحسّاس
من المهم أن يكون الوالدان والمعلمون على دراية بكيفية التعامل مع الطفل الحسّاس لضمان تنمية شخصية متوازنة ومستقرة. التعامل مع الطفل الحسّاس يتطلب قدرًا كبيرًا من الفهم والرحمة، واستخدام أساليب تربوية تهدف إلى دعم هذا الطفل وإعطائه الأدوات اللازمة للتعامل مع مشاعره واحتياجاته. فيما يلي بعض الطرق الفعّالة للتعامل مع الطفل الحسّاس:
-
إظهار الدعم العاطفي والتفهّم:
من الضروري أن يظهر الوالدان أو المعلمون دعمًا عاطفيًا دائمًا للطفل الحسّاس. يجب أن يُشعر الطفل أن مشاعره مهمة ومقبولة، بغض النظر عن شدتها. تقبل مشاعر الطفل، سواء كانت فرحًا أو حزنًا، يساعده على الشعور بالأمان والراحة. ويجب تجنب التقليل من أهمية مشاعره أو الإشارة إلى أنها مبالغ فيها. -
الاحتفاظ بروتين ثابت:
الأطفال الحسّاسون يستفيدون من الروتين اليومي الثابت لأنه يساعدهم على التنبؤ بما سيحدث ويقلل من مستويات التوتر لديهم. من خلال تأكيد الأنشطة اليومية والمواعيد والأنماط المتوقعة، يمكن للطفل أن يشعر بالاستقرار ويقلل من القلق الذي قد يرافق التغيرات المفاجئة. -
توفير بيئة هادئة ومريحة:
لأن الطفل الحسّاس يمكن أن يكون أكثر تفاعلًا مع الأصوات والضوء، من المهم توفير بيئة هادئة ومريحة له في المنزل أو في المدرسة. يمكن تقليل الضوضاء والحرص على توفير إضاءة خافتة أو توفير مكان هادئ يمكن للطفل التراجع إليه عندما يحتاج إلى استراحة من العالم الخارجي. -
تعليمه كيفية التحكم في مشاعره:
من المهم تعليم الطفل الحسّاس كيفية التعرف على مشاعره وكيفية التعامل معها بطرق صحية. يمكن للوالدين استخدام أساليب التنفس العميق أو التأمل أو حتى التحدث عن المشاعر بشكل مفتوح. يمكن أيضًا تعليم الطفل كيف يعبر عن نفسه بشكل هادئ بدلاً من الانسحاب أو البكاء في المواقف التي تشعره بالضيق. -
مراعاة التفاعل مع الآخرين بحذر:
يجب توجيه الطفل الحسّاس في كيفية التفاعل مع الآخرين بطريقة صحية. يمكن أن يكون الطفل الحسّاس أكثر عرضة للأذية إذا تعرض للتنمر أو الاستهزاء. لذلك، يجب أن يتم تعزيز ثقته بنفسه ومواظبته على التعامل مع الآخرين بطريقة لائقة وحذرة في الوقت ذاته. -
تشجيع الاهتمامات والهوايات:
يمكن أن تساعد الأنشطة الهادئة التي يتمتع بها الطفل الحسّاس، مثل الرسم أو القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى، في تقليل مستويات التوتر وتحفيز الإبداع لديه. من خلال هذه الأنشطة، يمكن للطفل أن يعبر عن نفسه بطريقة غير لفظية ويشعر بالراحة النفسية. -
التعامل مع المواقف العاطفية بشكل مدروس:
في حال تعرض الطفل لحالة عاطفية شديدة، مثل الحزن أو الغضب، من المهم أن يتعامل الأهل مع الموقف بشكل هادئ ومدروس. يجب تجنب ردود الفعل المبالغ فيها أو اتخاذ قرارات سريعة أثناء هذه اللحظات العاطفية، بل من الأفضل إتاحة الفرصة للطفل للتعبير عن نفسه وفهم مشاعره. -
التحلي بالصبر:
التعامل مع الطفل الحسّاس يتطلب الكثير من الصبر، خاصة عندما يظهر الطفل ردود فعل مفرطة أو غير متوقعة تجاه مواقف يومية. من المهم أن يتحلى الأهل بالصبر ولا يستسلموا لليأس، بل يجب أن يكونوا مستعدين لتقديم الدعم المستمر.
الخاتمة
الطفل الحسّاس يحتاج إلى بيئة تربوية تتسم بالتفهم والرحمة، ويجب على الأهل والمربين أن يكونوا على دراية بكيفية تلبية احتياجاته النفسية والعاطفية. التعامل مع الحساسية المفرطة عند الأطفال يتطلب مهارات تواصل استباقية وحرصًا على توفير بيئة آمنة ومستقرة. باتباع الأساليب الصحيحة، يمكن للطفل الحسّاس أن يطور مهاراته الاجتماعية والعاطفية بشكل متوازن ويعيش حياة سعيدة ومتناغمة.
