كيف تتصرف في جلسة بحث عن تجربة المستخدم (UX)
البحث عن تجربة المستخدم (User Experience Research – UX) هو أحد العناصر الحيوية في تصميم وتطوير المنتجات الرقمية. يشمل هذا البحث فهم كيف يتفاعل المستخدمون مع المنتجات والخدمات، والتأكد من أن تلك التفاعلات تحدث بطريقة تلبية لاحتياجاتهم وتوقعاتهم. تعد جلسات البحث عن تجربة المستخدم أحد الأدوات الأساسية للحصول على معلومات قيمة حول سلوك المستخدم، وتحليل المشكلات التي قد يواجهها، وتقديم حلول مبتكرة لتحسين تجربته.
1. فهم الأهداف الأساسية للجلسة البحثية
قبل البدء في جلسة البحث، يجب أن يكون لديك فهم واضح للأهداف التي تسعى إلى تحقيقها. هذا الفهم يساعدك على تحديد نوع البحث الذي ستقوم به، سواء كان بحثًا تقييميًا، استكشافيًا، أو تحليليًا. البحث الاستكشافي يهدف إلى جمع بيانات أولية حول سلوك المستخدمين واحتياجاتهم، بينما البحث التقييمي يركز على تقييم تصميم منتج معين وتحديد مدى فعاليته في تلبية احتياجات المستخدم.
من خلال تحديد الأهداف، يتمكن الباحثون من بناء أسئلة بحثية واضحة ومركزة، تساعد في توجيه الجلسة نحو جمع المعلومات ذات الصلة. على سبيل المثال، إذا كنت تدير جلسة لتقييم تجربة المستخدم لموقع ويب، فقد يكون هدفك هو تحديد مدى سهولة التنقل في الموقع أو مدى وضوح واجهته للمستخدمين الجدد.
2. التخطيط والتحضير لجلسة البحث
التحضير الجيد هو مفتاح نجاح أي جلسة بحثية. يتضمن التحضير عدة خطوات مهمة مثل اختيار الأدوات المناسبة، تحديد المشاركين، وكتابة سيناريو الجلسة.
اختيار الأدوات المناسبة:
يجب اختيار الأدوات التي تسمح بتوثيق النتائج بفعالية، مثل البرمجيات الخاصة بتسجيل الشاشة أو الملاحظات التي تتيح لك مراقبة سلوك المستخدم أثناء الجلسة. يمكنك استخدام أدوات تحليل تجربة المستخدم مثل Hotjar أو Lookback.io لتسجيل تفاعل المستخدم مع واجهة المستخدم.
تحديد المشاركين:
يجب تحديد المشاركين الذين يتناسبون مع الفئة المستهدفة للمنتج أو الخدمة التي تقوم باختبارها. إن اختيار المشاركين المناسبين يعد من الأمور الحيوية لضمان أن الجلسة تعكس سلوكيات المستخدمين الفعليين. قد تحتاج إلى مجموعة متنوعة من المشاركين، بما في ذلك الأشخاص الجدد على المنتج والمستخدمين الذين لديهم خبرة سابقة في استخدامه.
كتابة سيناريو الجلسة:
من خلال كتابة سيناريو الجلسة، يمكن للميسر أن يوجه المحادثة بشكل أكثر سلاسة ويسمح بجمع البيانات المنظمة. يجب أن يكون السيناريو مرنًا، بحيث يمكن التكيف مع الوضع الحالي أثناء الجلسة، لكنه في نفس الوقت يجب أن يشمل جميع النقاط التي يجب تناولها. سيناريو الجلسة قد يشمل شرحًا عامًّا للهدف من الجلسة، تعليمات حول كيفية إجراء المهام، بالإضافة إلى بعض الأسئلة المفتوحة التي تسلط الضوء على تجربة المستخدم.
3. إدارة الجلسة بطريقة منظمة
إدارة الجلسة هي جزء أساسي من عملية البحث التي تضمن سير الجلسة بنجاح. من الضروري الحفاظ على بيئة مريحة للمشاركين، حيث يشعرون بأنهم قادرون على التعبير عن آرائهم وتجاربهم بحرية.
تقديم الترحيب وشرح الهدف:
في بداية الجلسة، يجب أن تقوم بتقديم نفسك بشكل مهني وتوضيح الهدف من الجلسة. من المهم أن يشعر المشاركون بالراحة والثقة لكي يتمكنوا من مشاركة تجاربهم بشكل صريح. يجب أن تشرح لهم أن الهدف من الجلسة ليس تقييمهم شخصياً، بل تقييم تجربة المستخدم للمنتج أو الخدمة.
المراقبة دون تدخل:
أثناء الجلسة، يجب على الباحث أن يراقب تفاعل المشاركين مع المنتج أو الخدمة دون التدخل بشكل مباشر. في بعض الأحيان، يمكن أن يقدم الميسر المساعدة إذا واجه المستخدم صعوبة معينة، ولكن من الأفضل في كثير من الأحيان السماح للمستخدم بالاستكشاف بشكل مستقل. هذه الطريقة تساعد في الكشف عن المشاكل التي قد لا يتم اكتشافها إذا كان الميسر يتدخل بشكل متكرر.
مراقبة الانفعالات غير اللفظية:
من المهم الانتباه إلى الإشارات غير اللفظية للمستخدمين، مثل تعبيرات الوجه أو الحركات الجسدية، حيث قد تكون هذه مؤشراً على مشاعر القلق أو الإحباط التي لا يتم التعبير عنها بالكلام. هذه الإشارات توفر معلومات إضافية حول كيفية تفاعل المستخدم مع المنتج.
4. استخدام أساليب البحث المتنوعة
يتم استخدام العديد من أساليب البحث في جلسات تجربة المستخدم لتقديم معلومات غنية ومتنوعة. من بين هذه الأساليب:
البحث النوعي:
يهدف إلى جمع بيانات غنية تتعلق بتجربة المستخدم عن طريق التفاعل مع المنتج. يمكن أن يتضمن البحث النوعي مقابلات شخصية أو مجموعات تركيز حيث يتحدث المشاركون عن تجربتهم الشخصية وآرائهم في استخدام المنتج.
البحث الكمي:
هذا النوع من البحث يتضمن جمع البيانات الرقمية، مثل عدد المرات التي يستخدم فيها الشخص ميزة معينة، أو الوقت الذي يستغرقه في إتمام مهمة معينة. يساعد البحث الكمي في تحديد الاتجاهات والأنماط في سلوك المستخدم.
اختبارات الاستخدام:
اختبارات الاستخدام هي أسلوب آخر مهم في البحث عن تجربة المستخدم. خلال هذه الاختبارات، يُطلب من المشاركين إتمام مهام معينة على المنتج أو الخدمة. يتم مراقبة سلوكهم أثناء إتمام المهام لجمع بيانات حول كيفية تفاعلهم مع واجهة المستخدم.
مراقبة التفاعل عن بعد:
تتيح هذه التقنية للمشاركين استخدام المنتج من منازلهم أو مكاتبهم، ويتم مراقبة تفاعلهم عبر الإنترنت. هذه الطريقة تعطي الباحثين فرصة لدراسة المستخدمين في بيئات طبيعية.
5. تحليل البيانات واستخلاص النتائج
بعد انتهاء الجلسة، تأتي المرحلة الأهم وهي تحليل البيانات المستخلصة من الجلسة. يعتمد تحليل البيانات على نوع البحث الذي تم إجراؤه، ولكن هناك بعض الطرق المشتركة لتحليل البيانات التي يجب اتباعها:
تصنيف البيانات:
يمكن تصنيف البيانات إلى فئات مختلفة بناءً على الموضوعات أو المشاكل المشتركة. على سبيل المثال، إذا كان عدة مستخدمين أشاروا إلى مشكلة معينة في التنقل أو الواجهة، فيمكن تصنيف هذه البيانات تحت فئة “مشاكل التفاعل”.
تحليل الأنماط:
من خلال تحليل البيانات، يمكن اكتشاف الأنماط المتكررة في سلوك المستخدم. هذا يساعد في تحديد النقاط القوية والضعيفة في التصميم وتجربة المستخدم.
تحديد الحلول:
بناءً على البيانات المستخلصة من الجلسة، يمكن تحديد الحلول المناسبة لتحسين تجربة المستخدم. قد تشمل هذه الحلول إعادة تصميم جزء من واجهة المستخدم، تحسين التوجيه، أو تبسيط عملية التسجيل.
6. إعداد التقرير النهائي ومشاركة النتائج
بعد تحليل البيانات، يجب تقديم تقرير شامل يوضح كافة النتائج التي تم التوصل إليها. يجب أن يتضمن التقرير ملخصًا للأهداف التي تم تحقيقها، والتحديات التي تم اكتشافها، والفرص التي يمكن استغلالها لتحسين تجربة المستخدم. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم تقديم التوصيات بناءً على النتائج التي تم جمعها.
يجب أن يتضمن التقرير أيضًا الرسوم البيانية أو الرسومات التوضيحية التي تساعد في شرح النتائج بطريقة مرئية. يساعد ذلك في تبسيط المعلومات وتوضيح كيفية تأثير التغييرات المقترحة على تجربة المستخدم.
7. أهمية التحسين المستمر
البحث عن تجربة المستخدم لا يتوقف بعد إجراء الجلسة البحثية الأولى. بل يجب أن يكون جزءًا من عملية مستمرة لتحسين المنتج. بناءً على الملاحظات والنتائج التي تم جمعها، يجب إجراء تعديلات على التصميم ومن ثم اختبار تلك التعديلات مرة أخرى مع المستخدمين.
عملية التحسين المستمر تساهم في ضمان أن المنتج يلبي احتياجات المستخدمين بشكل أفضل مع مرور الوقت. كما تساعد في الحفاظ على رضا المستخدمين وزيادة احتمالات نجاح المنتج في السوق.
الخاتمة
تعد جلسات البحث عن تجربة المستخدم جزءًا أساسيًا من تطوير أي منتج رقمي. من خلال التخطيط الجيد، والإدارة المدروسة للجلسات، وتحليل البيانات بعناية، يمكن للمصممين والباحثين تحديد التحديات التي تواجه المستخدمين وتقديم حلول لتحسين التجربة. كما أن التحسين المستمر بناءً على هذه البيانات يعد من العوامل الأساسية التي تسهم في نجاح المنتج وجذب المستخدمين.
