حناء الشعر للحامل: الفوائد، الأضرار، والمحاذير الطبية

تُعد فترة الحمل من أهم الفترات التي تتطلب عناية خاصة بصحة المرأة، ليس فقط من الجانب الغذائي والبدني، وإنما أيضاً من حيث استخدام المنتجات التجميلية والكيماوية التي قد تؤثر سلبًا على صحتها أو صحة الجنين. من بين هذه المنتجات تأتي الحناء، وهي مادة طبيعية تُستخدم منذ آلاف السنين في تلوين الشعر وتجميله، وتُعتبر خيارًا شائعًا لدى كثير من النساء العربيات. غير أن استخدام الحناء خلال الحمل يُثير العديد من التساؤلات الطبية والنصائح المتباينة، لا سيما فيما يتعلق بسلامتها وتأثيراتها على الأم والجنين.

ما هي الحناء؟

الحناء هي مسحوق يُستخلص من أوراق شجرة Lawsonia inermis، والتي تنمو في مناطق حارة مثل الهند، شمال أفريقيا، والشرق الأوسط. تحتوي أوراق الحناء على مادة اللوسون (Lawsone)، وهي المركب الأساسي المسؤول عن اللون البرتقالي أو البني المائل للأحمر الذي تتركه الحناء على الجلد والشعر. إلى جانب قدرتها على التلوين، فإن الحناء تحتوي على خصائص مضادة للبكتيريا والفيروسات، ما يجعلها تستخدم تقليديًا لأغراض علاجية وتجميلية.

فوائد الحناء للشعر

قبل التطرق إلى تأثير الحناء على المرأة الحامل، من المهم فهم الفوائد العامة لاستخدام الحناء على الشعر، وهي تشمل:

• تقوية بصيلات الشعر ومنع تساقطه.

• تطهير فروة الرأس بفضل خصائصها المضادة للبكتيريا.

• تقليل القشرة وتهدئة الحكة.

• إعطاء لون طبيعي للشعر دون اللجوء إلى الصبغات الكيميائية.

• المساهمة في ترطيب الشعر ومنحه لمعانًا طبيعيًا.

الحناء خلال الحمل: ما بين الفوائد والمحاذير

رغم أن الحناء مادة طبيعية، إلا أن استخدامها خلال الحمل يجب أن يتم بحذر. العديد من النساء يلجأن إلى الحناء كبديل “آمن” عن الصبغات الكيميائية لتلوين الشعر خلال الحمل، لكن هناك مجموعة من المحاذير التي ينبغي مراعاتها، خاصة في ظل التغيرات الهرمونية والجسدية التي تحدث في جسم الحامل.

1. تأثير امتصاص الجلد للمواد النشطة

على الرغم من أن الحناء توضع خارجيًا على الشعر أو الجلد، إلا أن الجلد قد يمتص نسبة من المواد النشطة الموجودة فيها. وفي فترة الحمل، تكون طبقة الجلد أكثر حساسية وقد تسمح بامتصاص أعلى مما هو معتاد، خصوصًا إذا كانت الحناء مخلوطة بمواد أخرى مضافة.

2. الحناء التجارية والمواد الكيميائية

من أكبر المخاطر التي تهدد الحوامل هي الحناء التي تباع تجاريًا، والتي غالبًا ما تحتوي على إضافات كيميائية لتحسين اللون أو تسريع عملية التلوين. أشهر هذه المواد هي مادة “البارافينيلين ديامين” (PPD)، وهي مادة شديدة الخطورة قد تُسبب حساسية حادة أو التهابات جلدية أو حتى تسمم جلدي في الحالات الشديدة. الحناء السوداء التي تحتوي على هذه المادة تُعتبر خطرة بشكل خاص على الحوامل وينصح بتجنبها كليًا.

3. ردود الفعل التحسسية خلال الحمل

الحمل يؤدي إلى تغيّرات مناعية تجعل جسم المرأة أكثر حساسية تجاه المواد الخارجية. حتى وإن لم تكن المرأة تعاني من حساسية تجاه الحناء قبل الحمل، فإن استخدامها أثناء الحمل قد يؤدي إلى ظهور رد فعل جلدي غير متوقع مثل:

• حكة شديدة.

• تورم الجلد.

• ظهور بقع حمراء أو قشور على فروة الرأس.

• ضيق تنفس أو أعراض تحسسية أكثر خطورة في حال امتصاص المواد الكيميائية.

4. الفصل بين الحناء الطبيعية والحناء المغشوشة

التمييز بين الحناء الطبيعية والحناء المغشوشة ليس دائمًا أمرًا سهلاً بالنسبة للمستهلك، خصوصًا في الأسواق المفتوحة. الحناء الطبيعية تكون عادة ذات لون أخضر زيتوني قبل الاستخدام، بينما الحناء التي تحتوي على إضافات تظهر بلون أسود أو أحمر داكن، وتُنتج لونًا فوريًا ومفرطًا على الشعر، ما يعد مؤشرًا على وجود إضافات غير طبيعية.

فوائد استخدام الحناء الطبيعية للحامل

عند التأكد من أن الحناء المستخدمة طبيعية 100% وخالية من الإضافات، يمكن أن تُحقق للمرأة الحامل عددًا من الفوائد الآمنة نسبيًا، أبرزها:

• تلوين الشعر دون استخدام صبغات كيميائية.

• تقوية الشعر الذي يتعرض غالبًا للتلف والتساقط خلال الحمل.

• تحسين صحة فروة الرأس وتنقيتها من الفطريات والبكتيريا.

• شعور بالراحة النفسية والجمالية، خاصة لمن تهتم بمظهرها خلال الحمل.

لكن من المهم جدًا قبل استخدامها أن تقوم الحامل بإجراء اختبار حساسية بسيط على جزء صغير من الجلد، وأن تنتظر 24 ساعة للتأكد من عدم وجود رد فعل سلبي.

إرشادات استخدام الحناء بأمان أثناء الحمل

لاستخدام الحناء بطريقة آمنة خلال فترة الحمل، يجب اتباع الإرشادات التالية:

• استخدام الحناء العضوية المضمونة المصدر، والتي يُفضل أن تكون معبأة من شركة موثوقة.

• تجنب الحناء السوداء أو تلك التي تُباع مجهولة المصدر أو دون مكونات واضحة.

• إجراء اختبار حساسية قبل الاستخدام الكامل.

• تجنب استخدام الحناء في الثلاثة أشهر الأولى من الحمل، حيث تكون هذه الفترة حساسة لنمو الجنين.

• عدم ترك الحناء على الشعر لمدة طويلة، والاكتفاء بفترة تتراوح بين 30 إلى 60 دقيقة.

• استخدام قفازات عند تحضير الحناء وتطبيقها لتقليل ملامستها للجلد.

• التهوية الجيدة أثناء الاستخدام، خاصة في حال وجود رائحة قوية أو مواد مضافة.

تأثير الروائح والمركبات الطيارة في الحناء على الحامل

من الأمور التي يغفل عنها الكثيرون أن الحناء، حتى وإن كانت طبيعية، قد تُنتج روائح قوية أثناء خلطها بالماء الساخن أو الزيوت، وهذه الروائح قد تُسبب انزعاجًا للمرأة الحامل، خاصة في حالة وجود غثيان أو تحسس من الروائح خلال الثلث الأول من الحمل. ولهذا يُفضل أن تُستخدم الحناء في مكان جيد التهوية وأن لا تتعرض المرأة لها لفترة طويلة.

الفرق بين الحناء والتاتو المؤقت أثناء الحمل

من الشائع أيضاً استخدام الحناء لرسم التاتو المؤقت على الجسم، لكن هناك اختلافًا جوهريًا بين الحناء الطبيعية المخصصة للشعر وبين تلك المستخدمة في التاتو، خاصة أن الأخيرة غالبًا ما تحتوي على صبغات صناعية لزيادة كثافة اللون وثباته. وقد تم تسجيل العديد من حالات التحسس الشديد الناتجة عن استخدام حناء التاتو خلال الحمل، ما يُشكل خطرًا حقيقياً على صحة الأم.

جدول: مقارنة بين الحناء الطبيعية والحناء الكيميائية خلال الحمل

توصيات طبية من جمعيات أمراض الجلد

تشير التوصيات الصادرة عن بعض الجمعيات العالمية المتخصصة في الأمراض الجلدية مثل British Association of Dermatologists وAmerican Pregnancy Association إلى أهمية تجنب المنتجات التي تحتوي على PPD أثناء الحمل، بما في ذلك الحناء السوداء، والتركيز على استخدام المنتجات الطبيعية الخالية من المواد الحافظة أو المعززات الصناعية. وتُشير هذه الجمعيات إلى أن ردود الفعل التحسسية قد تتضاعف في فترة الحمل، لذا فإن استخدام الحناء يجب أن يكون محدودًا ومحسوبًا.

الخلاصة العلمية

رغم أن الحناء تعتبر بديلاً طبيعيًا آمنًا نسبيًا لصبغات الشعر الكيميائية، فإن استخدامها خلال الحمل يجب أن يتم بحذر ووفقًا لضوابط معينة. إن اختيار النوع المناسب من الحناء، وتجنب الحناء السوداء أو تلك المحتوية على إضافات صناعية، يُعد شرطًا أساسيًا لتفادي أية مضاعفات أو أضرار محتملة على صحة الأم أو الجنين. وكما هو الحال مع أي منتج يُستخدم خلال الحمل، فإن التشاور مع الطبيب أو الأخصائي الطبي يظل الإجراء الأفضل قبل اتخاذ أي خطوة.

المصادر

• American Pregnancy Association. “Hair Treatments During Pregnancy.” https://americanpregnancy.org

• British Association of Dermatologists. “Henna Tattoos and Hair Dyes.” https://www.bad.org.uk