أسباب الدوار والزغللة المفاجئة

الدوار والزغللة هي من الأعراض التي قد تصيب الإنسان بشكل مفاجئ، وتعتبر من الظواهر الشائعة التي يعاني منها الكثيرون في مراحل حياتهم المختلفة. قد تكون هذه الأعراض بسيطة ومؤقتة، أو قد تكون مؤشرًا على مشكلة صحية أكثر خطورة. في هذا المقال، سنتناول أسباب الشعور بالدوار والزغللة، ونعرض العوامل التي تساهم في حدوثها، مع استعراض طرق التعامل مع هذه الأعراض وسبل الوقاية منها.

ما هو الدوار والزغللة؟

الدوار هو شعور خاطئ بعدم الاستقرار أو الإحساس بحركة غير طبيعية، سواء كانت الحركة في الجسم أو في المحيط المحيط به. قد يترافق الدوار مع الشعور بالغثيان والقيء في بعض الأحيان، وقد يكون مصحوبًا بتأثيرات أخرى مثل الدوخة أو التوتر النفسي.

أما الزغللة، فهي عبارة عن اضطراب في الرؤية حيث يصبح العالم من حول الشخص ضبابيًا أو غير واضح، ويشعر الفرد بعدم القدرة على رؤية الأشياء بشكل حاد أو مركز. قد يشعر البعض أيضًا بالزغللة أثناء تحرك العين أو التركيز على شيء ما لفترة طويلة.

الدوار والزغللة هما شعوران يختلفان عن بعضهما، ولكن قد يتداخلان معًا في بعض الحالات مما يجعل من الصعب التمييز بينهما في البداية.

الأسباب الرئيسية للدوار والزغللة

1. مشاكل في الأذن الداخلية

الأذن الداخلية تلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على توازن الجسم. تتكون الأذن الداخلية من مجموعة من الهياكل التي تساعد على الحفاظ على التوازن، مثل القنوات الهلالية والحوصلات. عندما تحدث اضطرابات في هذه الهياكل، مثل التهاب الأذن الوسطى أو دوار الوضعة الانتيابي الحميد (BPPV)، فقد يشعر الشخص بالدوار المفاجئ والزغللة.

الدوار الوضعي الانتيابي الحميد هو حالة شائعة تحدث عندما تنفصل بلورات الكالسيوم الصغيرة داخل الأذن الداخلية عن مكانها الطبيعي وتتحرك في القنوات الهلالية. هذا يمكن أن يسبب إحساسًا مفاجئًا بالدوار عند تحريك الرأس في وضعيات معينة.

2. انخفاض ضغط الدم

انخفاض ضغط الدم المفاجئ، خاصة عند الوقوف بسرعة من وضع الجلوس أو الاستلقاء، يمكن أن يسبب الدوار والزغللة. يُعرف هذا بحالة “الدوار الوضعي” أو “الدوار الناتج عن انخفاض ضغط الدم الوضعي”، وهي حالة شائعة تؤثر على الأشخاص الذين يعانون من انخفاض ضغط الدم أو من جفاف الجسم.

عندما يقف الشخص فجأة، قد لا يتسنى لجسمه تكيف الدورة الدموية بسرعة، مما يؤدي إلى نقص الدم في الدماغ والشعور بالدوار والزغللة.

3. الصداع النصفي

الصداع النصفي هو نوع من أنواع الصداع الذي يمكن أن يتسبب في أعراض مرافقة مثل الدوار والزغللة. قد يشعر الشخص المصاب بالصداع النصفي بنوبات من الدوار أو الشعور بأن البيئة من حوله تدور. تعتبر هذه الأعراض من الأعراض الشائعة لدى المصابين بالصداع النصفي.

4. الإجهاد النفسي والقلق

التوتر النفسي والقلق الشديد يمكن أن يؤدي إلى اضطراب في التوازن والشعور بالدوار. في حالات القلق المستمر أو نوبات الهلع، قد يختبر الشخص الشعور بالزغللة والدوار كجزء من الاستجابة النفسية للضغط. هذه الأعراض قد تكون مصحوبة بمشاعر الخوف والرهبة.

5. مشاكل في الرؤية

مشاكل العين مثل عيوب الرؤية غير المصححة أو تغيرات في الرؤية نتيجة للإجهاد البصري يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالزغللة. على سبيل المثال، إذا كانت عدسات النظارات غير ملائمة، أو كانت العين متعبة من التركيز لفترات طويلة على شاشات الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة، فقد يتسبب ذلك في صعوبة في الرؤية وضبابية.

6. مشاكل في الدورة الدموية

مشاكل الدورة الدموية، مثل انسداد الشرايين أو الأمراض المتعلقة بالقلب، قد تؤدي إلى انخفاض تدفق الدم إلى الدماغ وبالتالي إلى الشعور بالدوار. كما أن بعض الأمراض مثل الأوعية الدموية الدقيقة في المخ قد تكون السبب وراء الدوار المفاجئ.

7. الحمل

النساء الحوامل قد يعانين من الدوار والزغللة بشكل متكرر، خاصة في المراحل المبكرة من الحمل. ذلك يعود إلى التغيرات الفسيولوجية الكبيرة التي تحدث في الجسم، بما في ذلك انخفاض ضغط الدم وزيادة تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية.

8. أدوية معينة

هناك بعض الأدوية التي قد تتسبب في الشعور بالدوار والزغللة. وتشمل هذه الأدوية أدوية الضغط الدموي، مضادات الاكتئاب، والأدوية المهدئة. في بعض الأحيان، قد تكون الأدوية المضادة للفطريات أو أدوية مضادة للفيروسات سببًا في هذا الشعور أيضًا.

تشخيص أسباب الدوار والزغللة

لتحديد سبب الدوار والزغللة بشكل دقيق، يجب على الشخص المعني مراجعة الطبيب المختص. يبدأ التشخيص من خلال تحليل التاريخ الطبي للمريض والأعراض المصاحبة. وقد يتطلب الأمر إجراء فحوصات معينة، مثل:

• الفحص السريري: للكشف عن أي علامات قد تشير إلى مشكلة في الأذن الداخلية أو الدورة الدموية.

• اختبارات التوازن: لتحديد ما إذا كانت هناك مشاكل في الأذن الداخلية أو الأعصاب المسؤولة عن التوازن.

• تحاليل الدم: لتحديد ما إذا كان هناك نقص في مستويات السكر أو نقص في المواد المغذية الأساسية.

• اختبارات الرؤية: لتحديد ما إذا كانت المشكلة مرتبطة بالعين.

طرق التعامل مع الدوار والزغللة

1. تعديل نمط الحياة

إذا كان السبب وراء الدوار والزغللة هو انخفاض ضغط الدم أو نقص السوائل في الجسم، يمكن التعامل مع الأعراض عن طريق زيادة استهلاك السوائل والملح إذا كانت الحالة تسمح بذلك. كما يوصى بالاستراحة لفترات قصيرة وتجنب الوقوف فجأة أو التحرك بسرعة.

2. استخدام الأدوية

إذا كان السبب يعود إلى اضطرابات في الأذن الداخلية أو التوازن، يمكن أن يصف الطبيب أدوية مضادة للدوار مثل “الميكلوزين” أو “الديمنهيدرينات” لتخفيف الأعراض. في حالة الصداع النصفي، قد يصف الطبيب أدوية خاصة للحد من نوبات الدوار المرتبطة بهذا المرض.

3. العلاج الطبيعي

في بعض الحالات، قد يشمل العلاج الطبيعي التمارين الخاصة التي تهدف إلى إعادة تأهيل الأذن الداخلية وتحسين التوازن. مثلًا، تمارين “إعادة التوازن” التي تساعد على التكيف مع وضعيات الرأس قد تكون مفيدة في حالات مثل دوار الوضعة الانتيابي الحميد.

4. العلاج النفسي

إذا كانت الأعراض ناتجة عن القلق أو التوتر النفسي، قد يشمل العلاج تقنيات مثل العلاج السلوكي المعرفي، الاسترخاء، وتقنيات التنفس العميق التي تساعد على تقليل القلق.

الوقاية من الدوار والزغللة

لتقليل حدوث الدوار والزغللة المفاجئة، يمكن اتباع بعض النصائح الوقائية:

• تجنب التغيرات المفاجئة في وضعية الجسم.

• ممارسة الرياضة بانتظام لتحسين الدورة الدموية والتوازن.

• تجنب الإجهاد البصري أو التحديق لفترات طويلة.

• الحفاظ على توازن غذائي مناسب لضمان مستويات السكر في الدم.

• الحفاظ على مستويات ضغط الدم تحت السيطرة من خلال الفحوصات المنتظمة.

الدوار والزغللة هما من الأعراض التي قد تصيب أي شخص في أي وقت، ولكن غالبًا ما تكون حالات مؤقتة وليست مؤشرًا على أمراض خطيرة. إذا تكررت الأعراض أو أصبحت أكثر حدة، يجب استشارة الطبيب للتأكد من التشخيص الدقيق واتخاذ الإجراءات العلاجية المناسبة.