النزلات البردية: الأسباب، الأعراض، الوقاية والعلاج
مقدمة
تُعتبر النزلات البردية من أكثر الأمراض شيوعًا بين الأفراد في مختلف أنحاء العالم، حيث يصاب بها الإنسان في كافة الفصول وبخاصة في موسم الشتاء. على الرغم من كونها مرضًا بسيطًا في الغالب، فإن تأثيراتها قد تكون مزعجة للغاية، كما قد تؤدي إلى مضاعفات صحية في بعض الحالات. في هذا المقال، سنتناول تفاصيل متكاملة حول النزلات البردية، بما في ذلك الأسباب، الأعراض، الوقاية، والعلاج.
ما هي النزلات البردية؟
النزلة البردية هي عدوى فيروسية تصيب الجهاز التنفسي العلوي، وتشمل الأنف، والحلق، والحنجرة. يسبب هذا النوع من العدوى الفيروسات التي تنتقل من شخص لآخر عبر الهواء أو عبر الاتصال المباشر بالأسطح الملوثة. بالرغم من أن النزلة البردية غالبًا ما تكون غير خطيرة، فإنها قد تتسبب في أعراض مزعجة مثل السعال، والعطس، والتهاب الحلق، والحمى، وألم الجسم.
أسباب النزلات البردية
تنتج النزلات البردية عن مجموعة من الفيروسات، أكثرها شيوعًا هو فيروس الأنفلونزا (Influenza) وفيروسات الرشح العادي (Common cold viruses) مثل فيروسات “الرينو” و”كورونا” التي تساهم في إحداث معظم حالات البرد. تزداد احتمالية الإصابة بهذه الفيروسات عندما يتعرض الإنسان لتغيرات مفاجئة في الطقس، أو عندما يكون جهازه المناعي ضعيفًا بسبب عوامل مختلفة.
1. فيروسات الرشح (Rhinoviruses):
تعد فيروسات الرينو السبب الرئيسي وراء الإصابة بالنزلات البردية. تنتقل هذه الفيروسات عبر الهواء أو عن طريق التلامس المباشر مع الأسطح الملوثة. عند استنشاق هذه الفيروسات أو التلامس معها، تدخل إلى الجهاز التنفسي العلوي وتسبب أعراضًا مشابهة للبرد.
2. فيروسات الأنفلونزا:
على الرغم من أن الأنفلونزا تُعتبر مرضًا أكثر حدة من نزلة البرد العادية، إلا أن الفيروسات التي تسبب الأنفلونزا قد تؤدي أحيانًا إلى نزلة برد. كما أن أعراض الأنفلونزا تشبه إلى حد كبير نزلة البرد، لكن الأنفلونزا غالبًا ما تكون أكثر شدة وتسبب أعراضًا مثل الحمى المرتفعة وآلام الجسم.
3. فيروسات كورونا (Coronavirus):
تُعتبر بعض سلالات فيروس كورونا من أسباب نزلات البرد، وبالرغم من أن معظم حالات كورونا تكون أعراضها خفيفة، إلا أن بعض السلالات قد تتسبب في مشاكل صحية أكثر خطورة.
4. فيروسات أخرى:
قد تكون هناك فيروسات أخرى مثل الفيروسات العينية أو الفيروسات المعوية التي يمكن أن تسبب نزلات برد.
أعراض النزلة البردية
تبدأ أعراض نزلة البرد عادة بعد فترة حضانة تتراوح من يوم إلى ثلاثة أيام، وقد تظهر الأعراض تدريجيًا. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا ما يلي:
1. انسداد الأنف:
يعد انسداد الأنف من أبرز أعراض النزلة البردية، حيث يشعر الشخص بصعوبة في التنفس بسبب تورم الأغشية المخاطية في الأنف.
2. العطس المستمر:
يتسبب انسداد الأنف والتهاب الحلق في العطس المستمر، الذي قد يكون مصحوبًا بسيلان الأنف.
3. السعال:
يعتبر السعال من الأعراض الشائعة للنزلات البردية، وهو قد يكون جافًا أو مصحوبًا بإفرازات مخاطية.
4. الحمى:
على الرغم من أن الحمى ليست سمة أساسية للنزلة البردية، إلا أن بعض المرضى قد يعانون من حمى خفيفة.
5. التهاب الحلق:
يُعتبر التهاب الحلق من الأعراض الشائعة المرتبطة بالنزلات البردية، حيث يشعر الشخص بآلام وحكة في الحلق.
6. ألم العضلات:
يعاني بعض الأشخاص من آلام في العضلات والمفاصل نتيجة العدوى الفيروسية.
7. صداع:
قد يصاحب نزلات البرد صداعًا خفيفًا إلى متوسط الشدة، بسبب الضغط الناتج عن انسداد الأنف.
8. التعب العام:
يعاني الأشخاص المصابون بنزلات البرد من التعب والإرهاق العام نتيجة لمحاربة الجسم للعدوى الفيروسية.
كيفية انتقال النزلات البردية
ينتقل فيروس النزلة البردية من شخص لآخر بطرق متعددة، وأهم هذه الطرق هي:
1. الهواء:
عندما يسعل المصاب أو يعطس، يُمكن للفيروسات أن تنتشر في الهواء على شكل قطرات صغيرة، مما يزيد من فرص انتقال العدوى إلى الأشخاص القريبين.
2. الأسطح الملوثة:
يمكن للفيروسات أن تعيش على الأسطح الملوثة لمدة ساعات، وعند لمس هذه الأسطح ثم لمس الأنف أو الفم، يمكن أن ينتقل الفيروس إلى الجسم.
3. التلامس المباشر:
يؤدي التلامس المباشر مع شخص مصاب إلى نقل الفيروس من خلال الأيدي أو الأغراض المشتركة.
الوقاية من النزلات البردية
على الرغم من أنه لا يوجد علاج نهائي للنزلة البردية، إلا أنه يمكن تقليل فرصة الإصابة بها من خلال بعض الإجراءات الوقائية البسيطة:
1. غسل اليدين بشكل متكرر:
غسل اليدين بشكل دوري بالماء والصابون يساعد على تقليل خطر انتقال الفيروسات. يمكن استخدام معقم اليدين إذا لم يتوفر الماء والصابون.
2. تغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال:
من المهم تغطية الفم والأنف بمنديل عند العطس أو السعال، وإذا لم يتوفر المنديل فيجب استخدام المرفق لتجنب انتشار الفيروس.
3. الابتعاد عن الأشخاص المصابين:
من الأفضل تجنب الاختلاط المباشر بالأشخاص المصابين بنزلات برد، خاصة إذا كانوا يعانون من أعراض مثل السعال والعطس.
4. استخدام الكمامات:
يمكن أن تساعد الكمامات في تقليل انتقال الفيروسات عن طريق منع قطرات الهواء من الوصول إلى الآخرين.
5. تقوية جهاز المناعة:
الحفاظ على نظام غذائي صحي، ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والحصول على قسط كافٍ من النوم يمكن أن يساعد في تقوية جهاز المناعة وتقليل احتمالية الإصابة.
6. استخدام مطهرات الأسطح:
تنظيف الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر مثل مقابض الأبواب والمفاتيح يساعد في تقليل انتشار الفيروسات.
علاج النزلات البردية
عادةً ما تكون النزلات البردية خفيفة وتختفي من تلقاء نفسها في غضون أسبوع إلى عشرة أيام. ومع ذلك، يمكن اتخاذ بعض التدابير للتخفيف من الأعراض:
1. الراحة:
يُعتبر الراحة أهم علاج للنزلة البردية، حيث يساعد النوم الجيد والراحة على تسريع الشفاء.
2. شرب السوائل:
يساعد تناول الكثير من السوائل مثل الماء، والشاي الدافئ، والعصائر الطبيعية في ترطيب الجسم والتخفيف من احتقان الأنف.
3. استخدام مسكنات الألم:
في حال كانت الأعراض مزعجة، يمكن استخدام مسكنات الألم الخفيفة مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لتخفيف الألم والحمى.
4. البخاخات الأنفية:
يمكن استخدام بخاخات الأنف المالحة أو البخاخات المزيلة للاحتقان لتخفيف انسداد الأنف.
5. مستحضرات لتخفيف السعال:
يمكن استخدام أدوية السعال التي تحتوي على مكونات مهدئة مثل العسل أو المكونات العشبية لتخفيف السعال الجاف.
6. الغرغرة بالماء المالح:
تساعد الغرغرة بالماء المالح في تخفيف التهاب الحلق وتسكين الألم.
المضاعفات المحتملة للنزلة البردية
على الرغم من أن النزلات البردية في العادة لا تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، إلا أن هناك بعض الحالات التي قد تؤدي فيها إلى مشكلات صحية أكبر، مثل:
1. التهاب الأذن الوسطى:
قد تنتقل العدوى من الأنف إلى الأذن الوسطى، مما يسبب التهاب الأذن والألم.
2. التهاب الجيوب الأنفية:
في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي نزلة البرد إلى التهاب الجيوب الأنفية، مما يتسبب في احتقان الأنف وضغط في الوجه.
3. التهاب الحلق البكتيري:
يمكن أن يؤدي التهابات الحلق الناتجة عن نزلات البرد إلى حدوث التهابات بكتيرية في الحلق، مما يتطلب علاجًا بمضادات حيوية.
