ترتيب أكبر الأديان في العالم
تُعتبر الأديان من الظواهر الاجتماعية والثقافية الكبرى التي شكلت عبر التاريخ حياة الإنسان وأثرت في تطور الحضارات والفكر الإنساني. تختلف الأديان في عدد أتباعها وتعاليمها وممارساتها، إلا أن هناك مجموعة من الأديان الكبرى التي يتبعها عدد ضخم من البشر حول العالم. في هذا المقال، سنتناول ترتيب أكبر الأديان في العالم من حيث عدد الأتباع، مع استعراض شامل لكل دين من حيث نشأته، تعاليمه الأساسية، توزيع أتباعه، وأهم الممارسات التي يتميز بها.
1. المسيحية
عدد الأتباع وتوزيعهم
المسيحية هي أكبر ديانة في العالم من حيث عدد الأتباع، حيث يقدر عدد المسيحيين بنحو 2.3 مليار نسمة، ما يعادل حوالي 31% من سكان العالم. تنتشر المسيحية في معظم قارات العالم، وخصوصاً في الأمريكتين وأوروبا وأفريقيا.
نشأة المسيحية
نشأت المسيحية في القرن الأول الميلادي في منطقة فلسطين التاريخية، على يد يسوع الناصري الذي يعتبره المسيحيون المسيح المخلّص. تعتمد المسيحية على الكتاب المقدس، الذي يتضمن العهد القديم والعهد الجديد.
التعاليم الأساسية
تؤمن المسيحية بالله الواحد، وبالثالوث الأقدس (الأب والابن والروح القدس). تعتبر تعاليم الحب والتسامح والمغفرة من أهم مبادئها، كما تركز على الخلاص الذي يأتي من خلال الإيمان بيسوع المسيح.
المذاهب المسيحية
تنقسم المسيحية إلى عدة مذاهب رئيسية، منها الكاثوليكية التي تتبع الفاتيكان وتحتل المرتبة الأكبر من حيث عدد الأتباع، والأرثوذكسية، والبروتستانتية التي نشأت في القرن السادس عشر.
2. الإسلام
عدد الأتباع وتوزيعهم
يأتي الإسلام في المرتبة الثانية بين أكبر الأديان العالمية، ويقدر عدد المسلمين بنحو 1.9 مليار نسمة، أي حوالي 24% من سكان العالم. ينتشر الإسلام بشكل واسع في الشرق الأوسط، شمال أفريقيا، آسيا، وبعض أجزاء أوروبا وأمريكا الشمالية.
نشأة الإسلام
أسس الإسلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم في القرن السابع الميلادي في مكة والمدينة في شبه الجزيرة العربية. القرآن الكريم هو الكتاب المقدس في الإسلام، وهو يُعتقد أنه وحي من الله نزل على النبي محمد.
التعاليم الأساسية
تقوم أركان الإسلام الخمسة على الإيمان بالله وحده، الصلاة، الصيام في شهر رمضان، الزكاة، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً. يؤكد الإسلام على التوحيد والتقوى وأهمية العدالة الاجتماعية.
المذاهب الإسلامية
يوجد في الإسلام مذاهب متعددة أبرزها المذهب السني والمذهب الشيعي، ويختلف كل منهما في بعض المسائل الفقهية والشرعية، مع وجود اتفاق على المبادئ الأساسية للدين.
3. الهندوسية
عدد الأتباع وتوزيعهم
الهندوسية هي ثالث أكبر ديانة في العالم، ويتبعها حوالي 1.2 مليار نسمة، معظمهم في الهند ونيبال وبعض المناطق في جنوب آسيا.
نشأة الهندوسية
تعتبر الهندوسية أقدم الديانات في العالم، إذ تعود جذورها إلى الحضارات القديمة في وادي السند. هي ليست ديانة توحيدية بالكامل، بل هي مجموعة معقدة من المعتقدات والطقوس.
التعاليم الأساسية
تتميز الهندوسية بتعدد الآلهة، مثل براهما، فيشنو، شيفا، وغيرها. تؤمن بفكرة التناسخ (التقمص) والكارما (نتائج الأفعال). تعكس الهندوسية فلسفة عميقة تشمل السعي نحو التحرر الروحي (الموكشا).
الممارسات الدينية
تتنوع الممارسات الهندوسية بين العبادة في المعابد، الاحتفالات الدينية، اليوغا، والتأمل. كما تلعب الكاستا (الطبقات الاجتماعية) دوراً في تنظيم المجتمع الهندوسي.
4. البوذية
عدد الأتباع وتوزيعهم
يقدر عدد أتباع البوذية بحوالي 500 مليون نسمة، تنتشر بشكل رئيسي في دول شرق آسيا مثل الصين، اليابان، تايلاند، وسريلانكا.
نشأة البوذية
تأسست البوذية على يد سيدهارتا غوتاما (بوذا) في القرن السادس قبل الميلاد في الهند. تعود جذور البوذية إلى تعاليم التحرر من المعاناة والتنوير الروحي.
التعاليم الأساسية
تركز البوذية على “الأربع حقائق النبيلة” و”الطريق الثماني” كمنهج للتخلص من المعاناة والبلوغ إلى النيرفانا (التحرر النهائي). لا تؤمن البوذية بوجود إله خالق، بل تركز على التأمل والوعي الذاتي.
المذاهب البوذية
تتنوع البوذية إلى مذاهب عديدة أبرزها التيرافادا، الماهايانا، والفاجرايانا، وتختلف في بعض الطقوس والممارسات، لكنها تشترك في المبادئ الأساسية.
5. الديانات التقليدية الصينية
عدد الأتباع وتوزيعهم
تجمع الديانات التقليدية الصينية، مثل الطاوية والكونفوشيوسية، ما يقرب من 400 مليون متبع في الصين وبعض الدول الآسيوية.
نشأة الديانات التقليدية الصينية
تعود جذور هذه الديانات إلى فلسفات وتعاليم قديمة تعود إلى آلاف السنين، وتجمع بين ممارسات دينية وفلسفية واجتماعية.
التعاليم الأساسية
تركز على التوازن والانسجام مع الطبيعة، احترام الأسلاف، واتباع الفضائل الأخلاقية. الطاوية تؤمن بـ”الطاوي” كطريق للانسجام مع الكون، في حين تركز الكونفوشيوسية على الأخلاق، النظام الاجتماعي، واحترام الأسرة.
الممارسات
تتنوع الطقوس بين التأمل، الشعائر الدينية، تكريم الأجداد، واستخدام الرموز والطلاسم.
6. الديانة السيخية
عدد الأتباع وتوزيعهم
يتبع الديانة السيخية نحو 30 مليون نسمة، معظمهم في الهند، خاصة في ولاية البنجاب.
نشأة السيخية
تأسست السيخية في القرن الخامس عشر على يد المعلم ناناك ديف، كرد فعل على التوترات بين الهندوس والمسلمين في شبه القارة الهندية.
التعاليم الأساسية
تؤمن السيخية بالله الواحد، وتشدد على المساواة بين البشر، العدالة الاجتماعية، والعمل الصالح. تعتبر كتاب الغورو غرانث صاحب القدسية المركزية.
الممارسات
تشمل الممارسات الاحتفال بالمناسبات الدينية، ارتداء الرموز مثل الخنجر (كربان)، والحفاظ على المبادئ الأخلاقية.
7. اليهودية
عدد الأتباع وتوزيعهم
يبلغ عدد اليهود حوالي 15 مليون نسمة، يتوزعون بين إسرائيل والشتات في الولايات المتحدة وأوروبا.
نشأة اليهودية
هي من أقدم الديانات التوحيدية، نشأت في الشرق الأوسط قبل أكثر من 3000 عام، وتستند إلى التوراة كمصدر رئيسي.
التعاليم الأساسية
تؤمن اليهودية بإله واحد، وتلتزم بشريعة موسى، التي تشمل قواعد دينية وأخلاقية واجتماعية.
الممارسات
تتضمن الصلوات اليومية، الاحتفال بالأعياد الدينية مثل الفصح، والتزام الشريعة في مختلف جوانب الحياة.
الجدول التالي يوضح مقارنة تقريبية بين أكبر الأديان من حيث عدد الأتباع والتوزيع الجغرافي:
| الدين | عدد الأتباع (مليار) | النسبة من سكان العالم (%) | التوزيع الجغرافي الرئيسي |
|---|---|---|---|
| المسيحية | 2.3 | 31 | الأمريكتان، أوروبا، أفريقيا |
| الإسلام | 1.9 | 24 | الشرق الأوسط، آسيا، شمال أفريقيا |
| الهندوسية | 1.2 | 15 | الهند، نيبال |
| البوذية | 0.5 | 6.5 | شرق آسيا |
| الديانات الصينية | 0.4 | 5.5 | الصين، شرق آسيا |
| السيخية | 0.03 | 0.4 | الهند |
| اليهودية | 0.015 | 0.2 | إسرائيل، الشتات |
تأثير الأديان على المجتمعات والثقافات
تؤثر الأديان بشكل عميق في مختلف جوانب الحياة، بما يشمل القوانين، الفنون، الأدب، التقاليد الاجتماعية، وحتى النظم السياسية. لقد لعبت الأديان دوراً محورياً في بناء الحضارات الكبرى عبر التاريخ، كما ساهمت في تشكيل القيم والمبادئ التي تحكم العلاقات الإنسانية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأديان كانت مصدر إلهام للكثير من الإنجازات العلمية والفنية. على سبيل المثال، كان للرهبان المسيحيين والمسلمين دور كبير في حفظ ونقل المعرفة خلال العصور الوسطى، وظهرت مدارس علمية وجامعات كانت منبعاً للعلماء.
الأديان أيضاً تشكل مصدر توتر وصراع في بعض الأحيان، نتيجة لاختلاف المعتقدات والممارسات. إلا أن جوهر العديد من الأديان يدعو إلى السلام والتسامح، ويحث على التعايش المشترك واحترام التنوع.
الخلاصة
يمثل ترتيب الأديان الكبرى في العالم انعكاساً لتنوع الفكر البشري وثقافاته، حيث تتوزع الأديان بحسب عدد أتباعها ونطاق انتشارها بين القارات المختلفة. المسيحية والإسلام هما الأكبر من حيث العدد والتأثير، تليهما الهندوسية والبوذية. لكل ديانة تاريخ طويل ومعقد، ومجموعة من التعاليم التي تميزها، وتؤثر بشكل مباشر في حياة ملايين الناس حول العالم. تبقى الأديان قوة محركة للحضارة الإنسانية، سواء في إطار الإيمان الروحي أو في التأثير الاجتماعي والثقافي.
المصادر:
-
The Pew Research Center, “The Future of World Religions: Population Growth Projections, 2010-2050,” 2015.
-
Encyclopaedia Britannica, “Major World Religions,” accessed 2025.
