كتاب “التسامح الصفري: مقاومة الدفع نحو العقاب في مدارسنا” يعد عملاً شاملاً وتحريريًا قام به ريك أيرز، ويليام أيرز، وبرناردين دورن، ويهدف إلى فحص وتحليل السياسات التعليمية العقابية في المدارس الأمريكية. يناقش الكتاب، الذي نُشر في نوفمبر عام 2001 من قبل دار النشر “The New Press”، الانتقادات والتحديات التي تطرحها سياسات التسامح الصفري، ويقدم بديلاً مفكرًا ومتعمقًا للنهج العقابي السائد في النظام التعليمي.
يشير مفهوم “التسامح الصفري” في البداية إلى الحظر الشامل ضد حمل الأسلحة في المدارس، ولكنه سرعان ما توسع ليشمل إجراءات عقابية صارمة وأكثر قسوة. يكشف الكتاب بأن النتائج العملية لتطبيق هذه السياسات أدت إلى زيادة الشعور بعدم الأمان داخل المؤسسات التعليمية، وذلك بالرغم من الهدف المعلن لهذه السياسات بتحقيق الأمان والنظام. الكتاب يبرز بأن أولى ضحايا هذه الإجراءات هي العلاقات الأساسية والحيوية بين المعلم والطالب وبين المدرسة والمجتمع.
يجمع “التسامح الصفري” بين أصوات متعددة من الميدان التعليمي والفكري، حيث يشارك فيه مفكرون بارزون مثل القس جيسي جاكسون الأب، وميشيل فاين، وباتريشيا ويليامز، إلى جانب معلمين وطلاب ونشطاء من المجتمع. يُظهر الكتاب أن غالبية الطلاب الذين يتم طردهم من المدارس بموجب إجراءات تأديبية جديدة يُرسلون إلى بيوتهم لمخالفات غير عنيفة، وأن السرعة في الحكم والعقاب تؤثر بشكل غير متناسب على الأطفال السود واللاتينيين.
إضافة إلى ذلك، يسلط الكتاب الضوء على كيفية تآكل الحمايات الدستورية المتعلقة بالخصوصية، وحرية التعبير، والإجراءات القانونية الواجبة نتيجةً للنهج التأديبي الجديد، والذي يُعتبر بمثابة تمظهر لتحول المدارس إلى بيئات تشبه السجون أكثر من كونها مؤسسات تعليمية. يعبر الكتاب عن قلق عميق تجاه هذه التطورات، موجهًا نقدًا لاذعًا للتوجه نحو “عسكرة” المدارس.
من المفاهيم الأساسية التي يتناولها الكتاب هو أن الأمن والسلامة لا يأتيان عن طريق الإجراءات القاسية والعقوبات الشديدة، بل من خلال بناء علاقات إيجابية داخل المجتمع المدرسي، وتعزيز التفاهم والثقة بين جميع الأطراف المعنية. يحث الكتاب على التفكير في سياسات تأديبية أكثر توازناً وإنسانية تقدر الفرد وتسعى لإعادة تأهيله بدلاً من مجرد عقابه.
“التسامح الصفري” يعتبر بحق موردًا قيمًا للآباء، والطلاب، والمعلمين، وجميع المواطنين المهتمين بمستقبل التعليم وبمفهوم العدالة داخل النظام التعليمي. يشكل الكتاب دعوة لإعادة التفكير في كيفية تنظيم المؤسسات التعليمية والسياسات التأديبية بما يخدم الصالح العام ويحافظ على حقوق وكرامة جميع الطلاب.