“واشنطن وإلهه: الدين، الحرية، وأب الوطن” لمايكل نوفاك وابنته جانا نوفاك، هو كتاب يُعيد النظر في شخصية جورج واشنطن، التي طالما اعتُبرت رمزًا للحكومة العلمانية في الولايات المتحدة. ومع ذلك، يكشف الكتاب أن الإيمان الراسخ بالعناية الإلهية كان له الدور الأبرز في تحديد مسار حياة واشنطن الاستثنائية وتأثيره التاريخي. من خلال سرد تفصيلي، يبرز الكتاب كيف أن واشنطن، الذي نجا بأعجوبة من كمين بريطاني خلال معركة بروكلين، لم يعزو نجاته لشجاعته أو خبرته التكتيكية بل إلى العناية الإلهية التي أنقذته وجنوده من الموت المحتم.
يُظهر الكتاب أن واشنطن ظل متمسكًا بقناعته بأن حرية أمريكا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتزامنا بمشيئة الله وثقتنا بالعناية الإلهية. يقدم المؤلفان واشنطن ليس فقط كرجل موارد وقوة وفضيلة، بل أيضًا كشخصية تتحلى بقيم دينية عميقة. هذا التقديم الجديد لشخصية واشنطن كرجل هدته مبادئه الدينية في إدارة شؤون الحكم يضعه في قلب النقاشات المعاصرة حول دور الإيمان في الحكومة، ويتحدى الكثير من المفاهيم المسبقة حول الحياة الداخلية لأب الوطن.
يتناول الكتاب، الذي نُشر عام 2006 عن دار “Basic Books”، العديد من الأحداث التاريخية والشخصية التي شكلت فهم واشنطن للعلاقة بين الدين والحكم، ويستعرض كيف أن واشنطن اعتبر الالتزام الديني ليس فقط مسألة شخصية بل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الأمريكية واستقلالها. ومن خلال تحليل مكتوبات واشنطن وخطبه، يكشف الكتاب عن البُعد الروحي الذي كان ينظر به إلى القضايا الوطنية والسياسية.
في السياق الأوسع للنقاشات حول الفصل بين الكنيسة والدولة في الولايات المتحدة، يعد هذا الكتاب مساهمة مهمة لفهم كيف يمكن للمعتقدات الدينية أن تشكل السياسات العامة دون التخلي عن مبادئ الحكم العلماني. يقدم الكتاب وجهة نظر مفادها أن الإيمان والقيم الدينية يمكن أن تعزز الحريات العامة وتكون جزءًا من النسيج الأخلاقي للأمة.
“واشنطن وإلهه” يتناول أيضًا كيف استخدمت الشخصيات التاريخية الأخرى الدين في إطار الحكم، مقارنًا بين واشنطن وقادة آخرين في تلك الفترة، مما يوفر تحليلاً غنيًا للدور الذي لعبه الدين في تأسيس الولايات المتحدة. من خلال التأمل في الأبعاد الدينية والأخلاقية لسياسات واشنطن، يعيد الكتاب صياغة النقاش حول ما يعنيه أن تكون دولة تقدر الحرية الدينية وترعاها في إطار نظام ديمقراطي علماني.
بهذه الطريقة، يسلط “واشنطن وإلهه” الضوء على جانب قد يكون مغفولًا عنه في تاريخ الولايات المتحدة ويقدم فهمًا أعمق للعوامل التي شكلت إرث واشنطن الطويل الأمد.