انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل

انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل: الأسباب والتشخيص والعلاج

يعد انخفاض ضغط الدم من المشكلات الصحية الشائعة التي قد تواجه المرأة أثناء فترة الحمل. على الرغم من أنه في كثير من الحالات لا يشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة، إلا أن ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل قد يؤثر بشكل كبير على صحة الأم والجنين. في هذا المقال، سنستعرض أسباب انخفاض ضغط الدم لدى الحوامل، أعراضه، كيفية تشخيصه، وأساليب العلاج والوقاية المتاحة.

1. ما هو انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل؟

يتم تعريف انخفاض ضغط الدم بشكل عام على أنه انخفاض قراءة ضغط الدم عن المعدلات الطبيعية، بحيث يكون ضغط الدم الانبساطي (الرقم السفلي) أقل من 60 ملم زئبقي، وضغط الدم الانقباضي (الرقم العلوي) أقل من 90 ملم زئبقي. في حالة الحمل، يمكن أن يؤدي انخفاض الضغط إلى عدة مشاكل صحية، وهو يحدث عندما يواجه الجسم صعوبة في الحفاظ على ضغط الدم في مستويات كافية لضمان تدفق الدم الكافي إلى الأعضاء الحيوية بما في ذلك المشيمة التي تغذي الجنين.

2. أسباب انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل

هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل، وتختلف الأسباب من امرأة إلى أخرى. من أهم هذه الأسباب:

2.1 التغيرات الهرمونية

أثناء الحمل، يفرز الجسم مستويات عالية من هرمون البروجسترون الذي يساعد على استرخاء الأوعية الدموية. هذا الاسترخاء يزيد من مساحة الأوعية الدموية، مما قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم. هذه التغيرات الهرمونية جزء طبيعي من الحمل وتساهم في حدوث انخفاض ضغط الدم، وخاصة في المراحل الأولى من الحمل.

2.2 زيادة حجم الدم

خلال الحمل، يزداد حجم الدم في جسم المرأة لدعم نمو الجنين. ومع ذلك، قد لا تكون الأوعية الدموية قادرة على التكيف بسرعة مع هذا الحجم الزائد من الدم، مما يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم. هذا التأثير يمكن أن يزداد خاصة في الأشهر الأولى من الحمل.

2.3 الجفاف

إذا كانت المرأة الحامل تعاني من الجفاف، سواء بسبب القيء المستمر الناتج عن الغثيان الصباحي أو بسبب قلة تناول السوائل، فإن ذلك قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم. الجفاف يقلل من حجم الدم المتاح للتدفق في الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى هبوط ضغط الدم.

2.4 فقر الدم

يعتبر فقر الدم من الأسباب الشائعة لانخفاض ضغط الدم أثناء الحمل. عندما تعاني المرأة الحامل من نقص في الحديد أو الفيتامينات والمعادن الأساسية، يؤدي ذلك إلى انخفاض مستويات خلايا الدم الحمراء، وبالتالي يقل حجم الدم وكفاءته في نقل الأوكسجين.

2.5 توسع الأوعية الدموية

خلال الحمل، يحدث توسع طبيعي في الأوعية الدموية بسبب تأثيرات هرمونية. هذا التوسع يسهم في انخفاض ضغط الدم بسبب تدفق الدم إلى أماكن مختلفة في الجسم، بما في ذلك الرحم.

2.6 الاضطرابات الصحية

في بعض الحالات النادرة، قد يكون انخفاض ضغط الدم ناتجًا عن أمراض صحية معينة مثل أمراض القلب أو الغدة الدرقية أو الجلطات الدموية. في مثل هذه الحالات، يتطلب الأمر رعاية طبية متخصصة لتحديد السبب الدقيق والبدء في العلاج المناسب.

3. أعراض انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل

قد لا تظهر أي أعراض واضحة في بعض الحالات، ولكن هناك بعض الأعراض التي قد تشير إلى انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل وتشمل:

• الدوار والدوخة: من أبرز الأعراض التي قد تشعر بها المرأة الحامل هي الدوار أو الدوخة، خاصة عند الوقوف فجأة أو عند الانتقال من وضعية الجلوس إلى الوقوف.

• الإغماء: قد يحدث الإغماء بسبب عدم وصول كميات كافية من الدم إلى الدماغ.

• الإرهاق العام: قد يشعر الجسم بالتعب الشديد أو الضعف العام نتيجة انخفاض ضغط الدم.

• الغثيان: في بعض الحالات، قد تصاب الحامل بالغثيان والقيء بسبب انخفاض ضغط الدم.

• الرؤية الضبابية: يمكن أن تؤثر قلة تدفق الدم إلى العينين على الرؤية، مما يجعلها ضبابية أو مشوشة.

4. التشخيص

لتشخيص انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل، يقوم الطبيب بإجراء فحص شامل، ويشمل ذلك:

4.1 قياس ضغط الدم

يتم قياس ضغط الدم بشكل دوري عند كل زيارة طبية للتأكد من أنه ضمن المعدل الطبيعي. إذا كانت القراءات منخفضة بشكل مستمر، فإن الطبيب قد يشخص الحالة كضغط دم منخفض.

4.2 فحوصات إضافية

في بعض الحالات، قد يطلب الطبيب فحوصات إضافية مثل تحليل الدم للكشف عن وجود فقر الدم أو أي اضطرابات صحية أخرى. قد تشمل الفحوصات أيضًا فحص وظيفة القلب أو وظائف الكلى لمعرفة إذا كانت هناك أي مشاكل تؤثر على ضغط الدم.

5. العلاج والوقاية

عادة ما يتم علاج انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل بشكل غير دوائي، ويتم التركيز على اتخاذ خطوات طبيعية لتحسين الحالة. فيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن تساعد في علاج أو الوقاية من انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل:

5.1 زيادة تناول السوائل

من المهم أن تظل الحامل مرطبة بشكل جيد، لأن السوائل تساعد في الحفاظ على حجم الدم وزيادة كفاءة الدورة الدموية. ينصح بتناول كميات كبيرة من الماء والعصائر الطبيعية، وتجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين لأنها قد تؤدي إلى الجفاف.

5.2 تناول الطعام بشكل منتظم

يجب على المرأة الحامل تناول وجبات غذائية متوازنة تحتوي على البروتينات والكربوهيدرات والدهون الصحية. يساعد تناول وجبات صغيرة ومتكررة على منع انخفاض مستوى السكر في الدم الذي قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم.

5.3 تجنب الوقوف لفترات طويلة

عندما تقف المرأة لفترات طويلة دون تحرك، قد ينخفض ضغط الدم بسبب احتباس الدم في الأطراف السفلية. ينصح بالحركة المتواصلة وتجنب الوقوف لفترات طويلة.

5.4 رفع القدمين

قد تساعد وضعية رفع القدمين على زيادة تدفق الدم إلى الجزء العلوي من الجسم، وبالتالي يساعد في زيادة ضغط الدم. يفضل أن تكون الساقين مرتفعتين عند الاستراحة أو النوم.

5.5 ارتداء الجوارب الضاغطة

في بعض الحالات، يمكن أن يساعد ارتداء الجوارب الضاغطة في تقليل تورم الساقين وتحسين تدفق الدم.

5.6 الأدوية

في الحالات الشديدة أو عندما لا تتحسن الحالة من خلال التعديلات الغذائية والروتينية، قد يوصي الطبيب باستخدام الأدوية لرفع ضغط الدم، ولكن يجب أن يكون ذلك تحت إشراف طبي متخصص.

5.7 المتابعة المستمرة

يجب على الحامل مراقبة ضغط الدم بشكل دوري خلال فترة الحمل، خاصة إذا كانت تعاني من انخفاض مستمر في الضغط. يمكن أن يساعد هذا في الوقاية من حدوث مضاعفات خطيرة سواء للأم أو الجنين.

6. مضاعفات انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل

على الرغم من أن انخفاض ضغط الدم ليس عادة حالة خطيرة، إلا أن الإهمال في التعامل معها قد يؤدي إلى بعض المضاعفات. من هذه المضاعفات:

• الولادة المبكرة: قد يؤدي انخفاض ضغط الدم المستمر إلى تقليل تدفق الدم إلى المشيمة، مما يضعف تغذية الجنين ويزيد من خطر الولادة المبكرة.

• التسمم الحملي: في بعض الحالات، يمكن أن يكون انخفاض ضغط الدم مؤشرًا على التسمم الحملي، وهو حالة طبية خطيرة قد تؤثر على صحة الأم والجنين.

• إجهاد القلب: مع مرور الوقت، قد يؤدي انخفاض ضغط الدم إلى زيادة العبء على قلب الأم، مما قد يسبب مشاكل صحية طويلة المدى.

7. الختام

يعد انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل حالة شائعة يمكن أن تؤثر على العديد من النساء الحوامل، ولكنه غالبًا ما يكون غير مسبب للمشاكل الخطيرة إذا تم التعامل معه بشكل مناسب. مع اتباع الإجراءات الوقائية والعلاجية المناسبة، يمكن للمرأة الحامل أن تحظى بحمل صحي وآمن.