في عام 1993، أبصر العالم كتابًا مميزًا بعنوان “الاقتراب من الصفر: العالم السفلي الاستثنائي للهاكرز، والفريكرز، وكتّاب الفيروسات، والجناة الإلكترونيين”، والذي جمعت بين قلمين متميزين، باول مونجو وبرايان كلوف. يعتبر هذا الكتاب رحلة مثيرة ومعمقة إلى عالم مظلم لا يراه العديد منا، عالم السيبرسبيس.
يتناول الكتاب مكانًا خُلق بأبعاد غير ملموسة، يمكن الوصول إليه فقط عبر الكمبيوتر. يمكن سماعه في زمن مودم أو صفير آلة الفاكس، ورؤيته في خطوط شاشة الكمبيوتر، ولكن لا يمكن لأحد لمسه. يُطلق عليه اسم “سايبرسبيس”، وهو شبكة اتصالات تمتد من الميكروويف وكابلات الألياف البصرية إلى الهواتف والحواسيب وقواعد البيانات. إنه ويب غير مادية تربط كل زاوية نائية في العالم. يدير هذا العالم التكنولوجي تدفق المعلومات والاتصالات والأموال، ولكنه اليوم يعاني من الفيروسات الحاسوبية وهجمات هاكرز مراهقين وحروب إلكترونية في عالم الشبكات الرقمية.
يروي الكتاب تاريخ العالم السفلي للحواسيب، من منشأه الغامض في فترة “فريكرز” الهاتفية في أواخر الستينيات إلى الظاهرة الدولية الاستثنائية التي أصبح عليها في الوقت الحالي. يأخذ الكتاب قارئه في رحلة مثيرة عبر أعظم المجرمين الإلكترونيين، مثل “المنتقم الداكن” في بلغاريا، الذي أفسدت فيروساته الأنظمة في جميع أنحاء العالم، و”Fry Guy” في إنديانا، الذي في سن الخامسة عشرة قام بالتلاعب في سجلات الائتمان وتحويل الأموال للحصول على فوائد شخصية. كما يتتبع الكتاب تطور أشكال الضرر الإلكتروني الأخرى مثل الرابيت، وبرامج التروجان، والقنابل المنطقية، والديدان، إلى جانب الأبعاد الدولية للعالم السفلي للحواسيب، من أمريكا إلى بريطانيا وألمانيا، ثم إلى بلغاريا وروسيا والشرق الأقصى.
يعد “الاقتراب من الصفر” السجل التاريخي الشامل للجريمة الإلكترونية، ويضعها في سياق المجتمع المتكنولوجي الذي نعيش فيه. يتنبأ الكتاب بأن جميع الجرائم في المستقبل ستكون جرائم بيانات، ويعكس تأثير الثقافة التكنولوجية على الجريمة والأمان السيبراني. إنه كتاب استثنائي في مجاله، يقدم رؤية فريدة وقيمة حول عالم الهاكرز والجريمة الرقمية، وهو مرجع لا غنى عنه لمن يرغبون في فهم عمق هذا العالم السفلي المثير والمعقد.