الاضطرابات المستقبلية: دلائل وحسرات

في كتاب “المستقبل في النظرة الواضحة: تسعة دلائل على الاضطراب القادم” من تأليف يوجين ليندن، يُطرح السؤال الشائك: هل الانهيار الاقتصادي والمجاعات القاتلة والاضطرابات السياسية والعواصف الكارثية والتعصب الديني والأوبئة القاتلة والمدن المزدحمة هي ما ينتظرنا في المستقبل؟ ويقول ليندن إن مفاتيح مستقبلنا مخبأة أمام أعيننا، محجوبة بسبب وهج الحاضر وطغيان الماضي الحديث. يقول ليندن: “سنعرف الكثير إذا استطعنا الإجابة على سؤال واحد: هل ستكون الحياة في القرن القادم أقل استقرارًا مما هي عليه الآن؟” لقد ازدهر البشر خلال استقرار استثنائي في العقود الأخيرة، لكن نجاحنا يحمل في طياته بذور الاضطراب المستقبلي. إذا نظرنا بعناية، يمكننا رؤية بوادر التقلبات القادمة. لكن ماذا يمكننا فعله بشأن ذلك؟ يصعب بشكل خاص تصور عودة الاضطراب اليوم، نظرًا لأن أفراد جيل الطفولة البومية قد تمتعوا بامتياز النمو في واحدة من أكثر الفترات استقرارًا في تاريخ البشرية. لقد مر أكثر من خمسين عامًا دون صراع كارثي بين القوى الكبرى؛ ولقد مرت أكثر من ستين عامًا منذ نهاية أخر كساد اقتصادي كبير. تقع هذه المهلة ضمن فترة من 150 عامًا من الطقس الجيد الذي بدأت تتغير. منذ آباءنا البعيدين آخر مرة شاهدوا فيها استقرارًا حقيقيًا، قبل أكثر من 8000 عام، اخترع البشر الزراعة والكتابة والمدن والتجارة. لقد حلقنا إلى القمر وتضاعفنا من بضعة ملايين إلى حوالي 5.6 مليار نسمة. لقد بدأنا ننظر إلى الاستقرار على أنه الشيء الطبيعي، لكنه ليس كذلك. خلال الـ 95 في المئة الأولى من وجود الإنسان على الكوكب، كان على أجدادنا التعامل بانتظام مع التغيير السريع الناتج عن تغيرات المناخ المفاجئة وتأثيرها على المناظر الطبيعية وإمدادات الغذاء. حتى في المقطع الزمني القصير الذي يشكل التاريخ الإنساني المسجل، انهارت الحضارات مرارًا وتكرارًا بسبب الجفاف والأوبئة، ومع غزو الجيوش والأفكار. ماذا سيعني إذا عاد الاضطراب؟ يوضح الكتاب تسعة دلائل على الإجابة. تشمل هذه الدلائل: الفجوة المتزايدة باستمرار بين الأغنياء والفقراء؛ انتشار الأمراض المعدية من جديد؛ تأثير التغير المناخي العالمي على الشركات والتصورات البشرية؛ وأزمات العملات في المكسيك وآسيا. في كل واحدة من التسعة دلائل، يركز ليندن على جانب متجاهل من الأحداث المألوفة. ينظر ما وراء الاضطرابات الفورية التي تسببها أزمات العملات المكسيكية والآسيوية، على سبيل المثال، لرؤية التقلب الكامن في السوق العالمية الذي كشفت عنه هذه الأزمات. يظهر الكتاب كيف أن كل دليل يعاني من زيادة الاضطراب في الجوانب الأساسية للحياة الحديثة، بدءًا من الأسواق المالية العالمية إلى النظم الطبيعية التي تدعم صحتنا. كيف سنعيش في عام 2050؟ كيف يمكننا التخطيط للحياة في كون مضطرب ومربك؟ يستكشف ليندن الآفاق المخيفة لهذا العالم من خلال سلسلة من السيناريوهات التي تصوّر القوى التي ستسود في العقود القادمة. من لندن ونيويورك إلى وسط أفريقيا والقارة القطبية الجنوبية، تصوّر هذه السيناريوهات الحياة في عالم غير مستقر في عام 2050.