5 نصائح لتحقيق أكبر فائدة من الموظفين المؤقتين

في ظل التغيرات المتسارعة في بيئة الأعمال الحديثة، أصبحت الشركات بحاجة ماسة إلى مرونة عالية في إدارة مواردها البشرية، وهذا ما دفع الكثير من المؤسسات إلى الاستعانة بالموظفين المؤقتين لتلبية متطلبات محددة في فترات زمنية معينة. ورغم أن التعاقد مع موظفين مؤقتين يُعد حلاً فعّالاً لتقليل التكاليف وسد فجوات العمل الطارئة، إلا أن الاستفادة القصوى من هذه الفئة تتطلب إدارة استراتيجية تضمن الانسجام والكفاءة وتحقيق النتائج المرجوة.

الموظف المؤقت ليس مجرد شخص يعمل لفترة وجيزة، بل هو عنصر يمكن أن يحدث فارقاً كبيراً إذا ما تم التعامل معه بشكل احترافي. وفي هذا السياق، يقدم هذا المقال خمس نصائح جوهرية تمكّن المؤسسات من تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموظفين المؤقتين، مع التركيز على الدمج السلس، وضمان الأداء العالي، وتحقيق الأهداف التنظيمية بكفاءة.

1. تهيئة الموظف المؤقت كما لو كان موظفًا دائمًا

أحد أكبر الأخطاء التي تقع فيها المؤسسات هو اعتبار الموظف المؤقت “خارج المنظومة”، ما يؤدي إلى شعور بالعزلة والتهميش وبالتالي ضعف الأداء. التهيئة الجيدة (Onboarding) لا يجب أن تقتصر على الموظفين الدائمين فقط، بل من الضروري أن تشمل الموظفين المؤقتين أيضاً، ولو لفترة قصيرة.

ينبغي أن يتلقى الموظف المؤقت تدريباً تمهيدياً يعرّفه على ثقافة المؤسسة، وقيمها، وهيكلها الإداري، والأدوات التقنية التي سيستخدمها. كما يجب أن يتم توضيح المهام الموكلة إليه، وأهدافه المحددة، وتوقعات الأداء منه بشكل دقيق منذ اليوم الأول.

تُظهر الدراسات أن المؤسسات التي تقدم برامج تهيئة شاملة للموظفين المؤقتين تحقّق مستويات أعلى من الالتزام والاندماج لديهم بنسبة تصل إلى 50% أكثر من تلك التي تهمل هذه المرحلة. وهذا يعني أداءً أفضل وجودة عمل أعلى منذ البداية.

2. تحديد الأدوار بوضوح وتجنب الغموض

الموظف المؤقت يحتاج إلى رؤية واضحة لمهامه اليومية وحدود مسؤوليته، لأن طبيعة فترة عمله القصيرة لا تحتمل الغموض أو التجريب. لذلك، يجب تحديد نطاق العمل بوضوح، وتوزيع المهام بطريقة دقيقة، والتأكد من فهمه الكامل لما هو مطلوب منه.

إن الغموض في تحديد الدور الوظيفي يؤدي إلى تداخل المهام مع الموظفين الآخرين، ويزيد من فرص حدوث صراعات أو ازدواجية في الجهود، مما يقلل من كفاءة الفريق ككل. أما عند تحديد المهام بشكل دقيق وتقديم أدلة إجرائية مدروسة، فإن الموظف المؤقت سيتمكن من أداء عمله بكفاءة وفعالية دون الحاجة إلى إعادة التوجيه المستمر.

علاوة على ذلك، فإن توضيح المعايير التي سيتم بناءً عليها تقييم أدائه يسهم في رفع مستوى تحفيزه وتحقيق نتائج ملموسة خلال فترة عمله القصيرة.

3. توفير بيئة عمل مشجعة على الإنتاجية والتعاون

من المهم أن يشعر الموظف المؤقت بأنه جزء من الفريق، حتى لو كانت فترة عمله قصيرة. ويكمن التحدي هنا في بناء بيئة عمل ترحب بالمؤقتين وتمنحهم نفس فرص المشاركة والتواصل التي يحظى بها الموظفون الدائمون.

يجب تشجيع الموظفين الدائمين على التواصل الإيجابي مع المؤقتين، ومساعدتهم على الاندماج بسرعة ضمن فرق العمل. كما يمكن تخصيص موظف دائم ليكون بمثابة “مُرشد” للموظف المؤقت، يعينه على فهم تفاصيل العمل، والرد على استفساراته اليومية.

تشير الأبحاث إلى أن بيئة العمل التي تشجع على الشمول والتعاون تؤدي إلى رفع معنويات الموظفين المؤقتين بنسبة تصل إلى 40%، مما ينعكس مباشرة على إنتاجيتهم وجودة ما يقدمونه من خدمات أو منتجات.

4. الاستفادة من مهاراتهم وخبراتهم الخاصة

كثير من الموظفين المؤقتين يمتلكون خبرات نوعية ومهارات تقنية اكتسبوها من عملهم في مؤسسات مختلفة. وفي كثير من الأحيان، يتغافل أرباب العمل عن هذه النقطة الحيوية ويقصرون استخدامهم على مهام روتينية فقط.

من المهم الاستفادة من المهارات الفريدة التي يجلبها الموظف المؤقت إلى المؤسسة، وربما حتى تكليفه بمشاريع تطويرية قصيرة الأجل يمكنه المساهمة فيها من منطلق خبراته السابقة. على سبيل المثال، قد يكون الموظف المؤقت متخصصًا في استخدام برنامج تقني معين يمكن أن يحسّن من كفاءة العمليات داخل القسم.

إن تقييم المهارات الفردية قبل التعيين، ومن ثم توظيفها في المكان الصحيح، يرفع من القيمة المضافة للموظف المؤقت، ويحقق للمؤسسة نتائج غير متوقعة أحياناً.

5. التغذية الراجعة المنتظمة والتقييم البنّاء

من الضروري تقديم تغذية راجعة منتظمة للموظفين المؤقتين على غرار ما يتم مع الموظفين الدائمين. فحتى إن كانت فترة عملهم قصيرة، إلا أن الملاحظات البنّاءة تساعدهم على تحسين أدائهم باستمرار، وتدفعهم لبذل جهد أكبر من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة.

ينبغي أن تكون عملية التقييم مبنية على معايير محددة منذ البداية، وأن تُقدَّم التغذية الراجعة بطريقة إيجابية توضح النقاط التي تميز بها الموظف، وتلك التي يمكنه تحسينها. كما يمكن استغلال فرصة انتهاء العقد لتقديم مراجعة نهائية تسهم في تحسين فرصه في التوظيف المستقبلي، وربما إعادة استقطابه في مشاريع مستقبلية أخرى.

وفي المقابل، يمكن للمؤسسة أيضاً الاستفادة من ملاحظات الموظف المؤقت حول بيئة العمل، والتحديات التي واجهها، بما يتيح تطوير نظام إدارة الموارد البشرية لديها وتحسين تجربة العمل المؤقت.

جدول ملخص لأهم الممارسات الناجحة مع الموظفين المؤقتين

خاتمة

تحقيق أكبر فائدة من الموظفين المؤقتين لا يتحقق بمجرد التعاقد معهم، بل يعتمد على استراتيجية شاملة تبدأ من اختيارهم وتستمر في إدماجهم، وتحفيزهم، والاستفادة من قدراتهم، وتنتهي بتقييم تجربتهم وتقدير مساهماتهم. إن المؤسسات الذكية هي تلك التي لا ترى في الموظف المؤقت مجرد حل مؤقت، بل فرصة لتجديد الدماء التنظيمية، وجلب خبرات متنوعة، وتحقيق مرونة تشغيلية عالية تواكب التغيرات والتحديات.

من خلال الالتزام بالنصائح والإجراءات المذكورة أعلاه، يمكن للمؤسسات تحقيق توازن فعّال بين الاحتياجات التشغيلية قصيرة المدى والأهداف الاستراتيجية طويلة المدى، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة والإنتاجية.

المراجع:

1. Cappelli, P. (2019). Talent on Demand: Managing Talent in an Age of Uncertainty. Harvard Business Press.

2. Bersin by Deloitte (2020). High-Impact Talent Acquisition: Key Drivers and Best Practices.