الارتكاريا (الشرى) هي حالة جلدية شائعة تؤدي إلى ظهور بقع حمراء أو منتفخة على الجلد تشبه الخلايا أو القروح، وتسبب حكة شديدة في معظم الحالات. يمكن أن تتفاوت شدتها من حالة خفيفة تمر بسرعة إلى حالات مزمنة تدوم لفترات طويلة. تصيب الارتكاريا الأشخاص من جميع الأعمار والأجناس، وهي لا تقتصر على فئة معينة. لكن على الرغم من أنها عادة ما تكون غير خطيرة، فإنها قد تكون مزعجة جدًا ويمكن أن تؤثر على جودة حياة المصاب بشكل كبير. في هذا المقال، سنتناول كل ما يتعلق بالارتكاريا (الشرى) من أسباب، أعراض، تشخيص، وعلاجات.
ما هي الارتكاريا (الشرى)؟
الارتكاريا هي حالة جلدية تحدث عندما يُفرز الجسم كميات كبيرة من الهيستامين، وهو مركب كيميائي يفرزه الجهاز المناعي. يؤدي الهيستامين إلى توسع الأوعية الدموية وتحفيز الأعصاب في الجلد، مما يسبب ظهور الحبوب الحمراء المنتفخة والحكة المزعجة. تحدث هذه الحبوب غالبًا بعد التعرض لبعض العوامل المحفزة.
أنواع الارتكاريا
الارتكاريا يمكن أن تصنف إلى نوعين رئيسيين:
-
الارتكاريا الحادة:
تظهر عادة فجأة وتستمر لفترة قصيرة، قد تكون بضع ساعات إلى عدة أيام. غالبًا ما تكون نتيجة لتفاعل تحسسي مع أطعمة معينة أو أدوية أو إصابات أو عوامل بيئية. -
الارتكاريا المزمنة:
تعتبر حالة طويلة الأمد حيث تستمر الحبوب لأكثر من 6 أسابيع. في بعض الحالات، يمكن أن تستمر لفترات تتراوح من أشهر إلى سنوات. أسبابها غير واضحة في كثير من الحالات، لكن قد تكون مرتبطة بمشاكل صحية أخرى، مثل اضطرابات المناعة الذاتية أو العدوى المزمنة.
الأسباب الشائعة للارتكاريا
توجد عدة عوامل قد تكون وراء ظهور الارتكاريا، منها ما هو مباشر ومنها ما هو غير مباشر:
1. التفاعلات التحسسية:
واحدة من أكثر الأسباب شيوعًا للارتكاريا هي التفاعلات التحسسية. يمكن أن يكون هذا نتيجة لتناول أطعمة معينة (مثل المكسرات أو المأكولات البحرية أو البيض)، أو بسبب الأدوية (مثل المضادات الحيوية أو المسكنات)، أو بسبب تعرض الشخص للحساسية من حشرات أو مواد معينة.
2. العدوى الفيروسية أو البكتيرية:
يمكن أن تسبب العدوى الفيروسية أو البكتيرية ظهور الارتكاريا في بعض الحالات. غالبًا ما تحدث هذه الأنواع من الارتكاريا نتيجة للإصابة بأنفلونزا أو عدوى أخرى.
3. التعرض للمحفزات البيئية:
العوامل البيئية مثل الحرارة، البرودة، الشمس، أو حتى التعرق قد تؤدي إلى ظهور الارتكاريا. في بعض الحالات، قد تظهر الارتكاريا بعد التعرض لمؤثرات جسدية مثل الضغط على الجلد أو الاهتزاز.
4. التوتر النفسي والعوامل النفسية:
يعتبر التوتر من العوامل الرئيسية التي تساهم في ظهور الارتكاريا لدى بعض الأشخاص. الضغوط النفسية مثل القلق أو الاكتئاب قد تزيد من احتمالية ظهور الأعراض أو تجعلها أسوأ.
5. الأدوية والمستحضرات الطبية:
بعض الأدوية قد تسبب الارتكاريا كأثر جانبي. على سبيل المثال، قد تؤدي الأدوية المسكنة للألم مثل الأسبرين أو بعض الأدوية المضادة للبكتيريا إلى تحفيز ردود فعل تحسسية في الجسم.
6. الأمراض المناعية:
في حالات نادرة، قد تكون الارتكاريا نتيجة لمشاكل في جهاز المناعة، مثل أمراض المناعة الذاتية أو الاضطرابات الهرمونية.
الأعراض المميزة للارتكاريا
تتمثل الأعراض الرئيسية للارتكاريا في ظهور خلايا حمراء، مرتفعة عن سطح الجلد، غالبًا ما تكون مستديرة أو بيضاوية الشكل، ومصحوبة بحكة شديدة. بعض الأشخاص قد يعانون من تورم في الأنسجة تحت الجلد، وخاصة في منطقة الوجه، الشفاه، أو الحلق، مما قد يسبب صعوبة في التنفس في الحالات الحادة. تختلف شدة الأعراض حسب نوع الارتكاريا، فقد تكون الأعراض خفيفة لدى البعض وقد تكون شديدة لدرجة أنها تؤثر على الحياة اليومية.
التشخيص
يُشخص الأطباء الارتكاريا بناءً على التاريخ الطبي للمريض والفحص البدني. في بعض الحالات، قد يطلب الطبيب إجراء اختبارات إضافية، مثل تحليل الدم أو اختبارات الجلد للكشف عن أي نوع من الحساسية. إذا كانت الارتكاريا مزمنة، فقد يتطلب الأمر إجراء اختبارات أكثر تخصصًا لاستبعاد وجود أمراض أخرى قد تسبب الأعراض.
طرق العلاج
الهدف من علاج الارتكاريا هو تقليل الأعراض وتهدئة الجلد المتأثر. تختلف استراتيجيات العلاج حسب شدة الحالة ومدة استمرار الأعراض.
1. مضادات الهيستامين:
تعتبر مضادات الهيستامين من الأدوية الأكثر شيوعًا في علاج الارتكاريا. فهي تعمل على تقليل الحكة والتهيج عن طريق تقليل تأثير الهيستامين في الجسم. يمكن أن تكون مضادات الهيستامين متاحة على شكل حبوب أو مراهم.
2. الكورتيكوستيرويدات:
في الحالات الشديدة، قد يوصي الطبيب باستخدام الكورتيكوستيرويدات (مثل كريمات الكورتيزون أو الأقراص). هذه الأدوية تقلل من الالتهابات التي تحدث بسبب الهيستامين.
3. الأدوية المناعية:
في حالات الارتكاريا المزمنة أو الشديدة، قد يصف الطبيب أدوية لتقوية جهاز المناعة وتنظيم رد الفعل التحسسي. قد تشمل هذه الأدوية مثبطات المناعة أو العلاج البيولوجي في بعض الحالات الخاصة.
4. العلاج الطبيعي:
في بعض الحالات، يمكن أن تساعد العلاجات الطبيعية مثل استخدام مستحضرات مهدئة للبشرة (مثل جل الألوفيرا أو الكريمات التي تحتوي على الكالامين) في تخفيف الحكة والتهيج.
5. تجنب المحفزات:
قد يكون من المفيد تجنب العوامل المسببة للارتكاريا. على سبيل المثال، إذا كان المريض يعرف أنه يعاني من حساسية تجاه بعض الأطعمة أو الأدوية، يجب تجنب تناولها. كما أن تجنب التوتر وممارسة تقنيات الاسترخاء قد يساعد في السيطرة على الأعراض.
العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالارتكاريا
بعض العوامل قد تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالارتكاريا، وتشمل:
-
الحمل: الهرمونات التي تتغير أثناء الحمل قد تزيد من احتمالية ظهور الارتكاريا.
-
الأمراض المزمنة: بعض الحالات الصحية مثل الأمراض المناعية أو الالتهابية قد تكون مرتبطة بظهور الارتكاريا.
-
العمر: على الرغم من أن الارتكاريا يمكن أن تحدث في أي مرحلة عمرية، إلا أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عامًا أكثر عرضة للإصابة بالشرى.
-
العوامل البيئية: التعرض للحرارة أو البرودة بشكل مفاجئ يمكن أن يحفز ظهور الارتكاريا لدى بعض الأشخاص.
الارتكاريا والحالة النفسية
كما ذكرنا سابقًا، فإن التوتر والقلق يمكن أن يساهمان في تفاقم أعراض الارتكاريا. فقد أظهرت الدراسات أن المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية قد يعانون من حالات ارتكاريا مزمنة. يمكن أن تؤثر مشاعر القلق والتوتر على الجهاز المناعي وتزيد من إفراز الهيستامين في الجسم، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض.
الوقاية من الارتكاريا
لا توجد طريقة مؤكدة لمنع ظهور الارتكاريا، خاصة إذا كانت ناجمة عن عوامل وراثية أو مناعية. ولكن، يمكن اتخاذ بعض التدابير للحد من فرص الإصابة بها أو تخفيف الأعراض في حال حدوثها، مثل:
-
تجنب المحفزات المعروفة: مثل الأطعمة أو الأدوية المسببة للتحسس.
-
التقليل من التوتر النفسي: عن طريق ممارسة التمارين الرياضية أو تقنيات الاسترخاء.
-
الحفاظ على بشرة رطبة: وذلك باستخدام مرطبات البشرة لتقليل التهيج.
-
ارتداء ملابس فضفاضة: لتجنب الضغط على الجلد، خاصة في المناطق التي تظهر فيها الخلايا.
الخلاصة
الارتكاريا هي حالة جلدية شائعة تسبب الحكة والتهيج وقد تكون ناتجة عن تفاعلات تحسسية أو عوامل بيئية أو أمراض مزمنة. بالرغم من أنها عادة ما تكون غير خطيرة، إلا أنها قد تكون مزعجة للغاية. يعتمد العلاج على أسباب الارتكاريا وحالة المريض، وقد يتضمن استخدام مضادات الهيستامين أو الأدوية المضادة للهيستامين، بالإضافة إلى تجنب المحفزات والعناية بالبشرة. في الحالات المزمنة أو الشديدة، قد يتطلب الأمر استشارة أطباء متخصصين للحصول على علاج مناسب.
