في كتابه الموسوم بعنوان “الاطماع الصهيونية في المياه اللبنانية”، يقدم الكاتب أحمد إبراهيم العلي رواية موسّعة وشاملة حول إحدى القضايا الرئيسية التي تعصف بلبنان، وهي مسألة استغلال المياه والأطماع الصهيونية المتعلقة بها. يستعرض الكتاب بدقة تاريخ هذه القضية، سواء في فترة الانتداب الفرنسي أو في مرحلة الاستقلال، حيث حاول الفكر الصهيوني بمهارة تسويق أفكاره المعادية للبنان وحقوقه في موارده المائية.
يسلط العلي الضوء على المحاولات الصهيونية للتأثير على الرأي العام الدولي بخصوص استغلال مياه لبنان، ويعرض بشكل دقيق كيفية تحرك إسرائيل على أرض الواقع لترسيخ هذا النهج. يبرز الكاتب ندرة الدراسات التي تناولت هذا الموضوع بطريقة موضوعية، مما يجعل هذا الكتاب إسهامًا مهمًا في ملء الفراغ في هذا المجال.
الدراسة العلمية-الأكاديمية التي قام بها العلي تتيح للقارئ فهماً عميقاً لموضوع الأطماع الصهيونية في المياه اللبنانية. يتيح الكتاب للباحثين والمهتمين استكشاف هذا الجانب من التاريخ بسهولة، ويمنحهم فرصة لفهم التداولات الزمنية والمصادر المتنوعة التي تدعم الحجج المطروحة.
التناول الحيادي والموضوعي الذي يظهر في الكتاب يضفي عليه قيمة خاصة، حيث يبتعد العلي عن التعبيرات العاطفية ويقدم القضية بشكل يفتح المجال للقارئ لاستنتاج ذاتي وتقييم موضوعي. يتناول الباحث تسليط الضوء على مخططات إسرائيل التوسعية، ويفحص الذرائع المتنوعة التي استخدمت لتبرير هذه الأطماع، مثل المجال الحيوي لاقتصاد إسرائيل ومفهوم الحدود الآمنة.
الدراسة لا تقتصر على التحليل التاريخي فحسب، بل تشدد العلي على توثيق الأدلة من خلال مصادر متنوعة تمتد من المؤتمرات الصهيونية الأولى في نهاية القرن الماضي حتى الوقت الحالي. يظهر الباحث بوضوح كيف ما زالت إسرائيل تحافظ على حلم إنشاء إسرائيل الكبرى، وكيف يستمر العمل في هذا الاتجاه وفقًا لظروف الصراع في المنطقة.
من خلال هذا العرض، يُظهر الكتاب قيمة علمية فائقة ويثير اهتمام القراء والمثقفين، حيث يقدم تحليلاً شاملاً وموضوعيًا لقضية حساسة. يُشكّل الكتاب إضافة قيمة إلى المكتبة العربية، ويستحق الاطلاع لمن يرغب في فهم أعماق الأطماع الصهيونية في المياه اللبنانية وتداولاتها في سياق الصراعات الإقليمية.