سبب تسمية سورة الفرقان

سبب تسمية سورة الفرقان

سورة الفرقان هي السورة الخامسة والعشرون من سور القرآن الكريم، وهي من السور المكية التي نزلت في مكة المكرمة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة. تعد هذه السورة من السور التي تحمل في ثناياها العديد من المعاني العميقة والدروس التربوية، والتي تشكل أهمية كبيرة في حياة المسلم. وقد تمت تسميتها بـ “الفرقان” بناءً على موضوعها الرئيس والهدف الذي تسعى إلى تحقيقه، بالإضافة إلى ما تحمله من معانٍ رمزية حول الفارق بين الحق والباطل. وفي هذا المقال، سوف نتناول أسباب تسمية هذه السورة بهذا الاسم، إضافة إلى بعض من أبرز معانيها ودلالاتها.

1. الفرقان كاسم للسورة

الاسم “الفرقان” مشتق من الجذر العربي “فَرَقَ”، وهو يعني الفصل أو التمييز بين شيئين. في السياق القرآني، يشير هذا إلى التمييز بين الحق والباطل، بين المؤمنين والكافرين، وبين ما يرضي الله وما يغضبه. وقد ورد هذا المصطلح في القرآن الكريم في عدة مواضع، لكن في هذه السورة تحديدًا، يأتي ليعبر عن القرآن نفسه كفاصل بين الحق والباطل.

وتسمية السورة بهذا الاسم جاءت لتؤكد على أهمية الكتاب الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، كوسيلة للتمييز بين الخير والشر، وبين الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وبين الكذب والافتراء الذي اتهمه به أعداؤه من قريش. فكان القرآن الكريم في تلك الفترة بمثابة الفرقان الذي يفرق بين الهداية والضلال.

2. الفرقان في القرآن

الفرقان هو اسم من أسماء القرآن الكريم، وقد ورد هذا المصطلح في القرآن في عدة مواضع، منها قوله تعالى في بداية السورة: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا}. في هذه الآية، يصف الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم بأنه “الفرقان”، فهو الكتاب الذي يميز بين الحق والباطل، وبين الهداية والضلال. والقرآن، بصفته فرقانًا، يقدم للبشرية طريقًا واضحًا للسير على هدى الله سبحانه وتعالى. ومن هنا تأتي أهمية السورة كونها تشكل جزءًا من هذا الكتاب المقدس الذي يعين المؤمنين في تمييز الطريق المستقيم.

تستخدم السورة كلمة “الفرقان” أيضًا للتأكيد على نزاهة وحجية القرآن الكريم، لأنه ينزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليكون مرشدًا للبشرية، وبالتالي يكون هو المقياس الفاصل بين ما هو صحيح وما هو غير صحيح.

3. لماذا سميت السورة بـ “الفرقان”؟

إن سبب تسميتها بـ “الفرقان” هو أن هذه السورة تأتي لتوضح الفرق بين الإيمان والكفر، بين المؤمنين والمشركين، بين أهل الحق وأهل الباطل. فقد أورد الله تعالى في السورة العديد من الآيات التي تبين الملامح الأساسية لمنهج الحق وأهل الحق، وتحدد كذلك معالم الباطل وأهله.

تبدأ السورة بآية تبين أن القرآن هو الفرقان الذي أُنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ليكون نذيرًا للعالمين. وقد حددت السورة السمات الأساسية للمؤمنين الذين يتبعون القرآن، وكذلك علامات المشركين الذين ينكرون الحق. إذًا، السورة كلها تدور حول هذا المفهوم الرئيسي: الفرق بين من يسيرون في طريق الله وبين من ينكرون الحق ويسيرون في طريق الباطل.

4. المحتوى الموضوعي للسورة

تتضمن سورة الفرقان العديد من الموضوعات التي تدور حول الدعوة إلى الإيمان بالله وتوحيده، وتأكيد أن القرآن هو المصدر الوحيد للهدى. كما تقدم السورة معالم أساسية للمؤمنين الذين ينبغي عليهم أن يتحلوا بصفات فاضلة، كما تبرز السورة أيضًا صورًا من الحياة الاجتماعية والأخلاقية التي تميز المؤمنين عن غيرهم. على سبيل المثال، بينت السورة أن من صفات المؤمنين أنهم لا يستهزئون بالدعوة إلى الله، بل يستمعون إليها بعقول منفتحة.

من أبرز ملامح السورة هو تأكيدها على مسألة الوحي، وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلقى هذا الوحي من الله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلى رد الشبهات التي كان يثيرها المشركون عن القرآن الكريم، حيث اعتقدوا أن القرآن ليس سوى كلام بشري. ولكن القرآن في حقيقة الأمر هو “الفرقان” الذي يميز بين الحق والباطل، كما تدحض السورة فكرة أن القرآن هو مجرد كلام من صنع البشر.

5. الرد على المشركين في السورة

لقد شهدت الفترة التي نزلت فيها سورة الفرقان معارضة شديدة من قبل قريش للنبي صلى الله عليه وسلم ولرسالته. وكان المشركون يرمون النبي محمدًا بالعديد من التهم، منها أنه ليس سوى بشر يتكلم بكلام لا يمت إلى الوحي بصلة. وقد ورد في السورة ردود كثيرة على هؤلاء المشركين، حيث بينت لهم أن القرآن ليس كلامًا بشريًا، بل هو وحي من عند الله، وأنه الفرقان الذي يفصل بين الحق والباطل.

أيضًا، ردت السورة على الذين اتهموا القرآن بالكذب والافتراء، وبينت كيف أن القرآن يتحدى هؤلاء المكذبين ويثبت لهم بآياته المعجزات التي لا يستطيعون الرد عليها. كما وضحت السورة أن هذه المعجزات ليست سوى دليلًا على صدق النبوة التي بعث بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

6. الفروق بين المؤمنين والكافرين في السورة

تُعرِّف سورة الفرقان المؤمنين بصفاتهم وأخلاقهم التي تميزهم عن غيرهم من الناس، حيث تصفهم بأنهم يعبدون الله بخشوع، ويُعطون الحق لمن يستحقه، ولا يهدرون وقتهم في أمور لا تنفعهم. كما أنهم لا يرتكبون الكبائر، ولا يتبعون أهواءهم. أما الكافرون والمشركون فيُحْسَبُ عليهم أنهم يظلمون أنفسهم في تضليلهم للناس وتكذيبهم بالحق.

7. التحدي العظيم في السورة

تتضمن السورة أيضًا تحديًا كبيرًا للمكذبين، حيث تقول في أكثر من موضع أن القرآن هو الفرقان الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وهذه الميزة تجعل من القرآن المصدر الأول والأبقى في التوجيه والهداية للبشرية جمعاء.