كتاب “كما تيار عظيم” للمؤلف باتريك هنري باس، يمثل وثيقة تاريخية معبرة تسلط الضوء على واحدة من أبرز الأحداث العامة في القرن العشرين، وهي مسيرة واشنطن التي تعد لحظة فارقة في حركة الحقوق المدنية الأمريكية. تم نشر هذا الكتاب في ديسمبر عام 2003 من قبل دار النشر “رانينج برس”، ويندرج تحت فئة التاريخ العام للولايات المتحدة الأمريكية.
تفتح صفحات الكتاب نافذة على اليوم الذي شهد تجمع آلاف الأشخاص من مختلف الأعراق والأديان والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية في 28 أغسطس 1963، لدعم المبادرة الوطنية للحقوق المدنية. كانت هذه المسيرة أكثر من مجرد تجمع، فقد شكلت معلمًا بارزًا يُظهر قوة الحركة الشعبية وتأثيرها في صياغة مسار التاريخ الأمريكي المعاصر.
أحد أبرز اللحظات التي وثقها الكتاب هو خطاب “لدي حلم” الشهير الذي ألقاه الدكتور مارتن لوثر كينج جونيور، الذي لا يزال يُعد واحداً من أقوى الخطابات في التاريخ الأمريكي. يُظهر باس، الذي يتمتع بخبرة واسعة كصحفي ومؤلف، كيف أن هذه الكلمات لم تكن فقط دعوة للعدالة والمساواة، بل كانت أيضًا نداءً للأمة بأكملها لتجديد التزامها بأيديولوجيا الحرية والحقوق للجميع.
من خلال استخدام حسابات الشهود العيان، والصور التاريخية، والتقارير الصحفية، بالإضافة إلى الملاحظات الشخصية، ينسج باس لوحة معقدة وغنية تبرز التفاعلات والأحداث التي شكلت هذا اليوم التاريخي. يستعرض الكتاب تأثير هذه المسيرة ليس فقط على المشاركين فيها، بل على الجيل ككل، ويبين كيف كان لها صدى واسع في ربوع الولايات المتحدة وحول العالم.
“كما تيار عظيم” ليس فقط توثيقًا لحدث، بل هو استكشاف لديناميكية الحركات الاجتماعية وكيف يمكن للأفراد المتحدون بقضية أن يولدوا تغييراً ملموساً في السياسات والمجتمع. من خلال تحليله للأحداث التي قادت إلى المسيرة والأثر الذي تركته، يعطي باس القارئ فهماً عميقاً لكيفية تفاعل الظروف السياسية والاجتماعية لتكوين لحظات تاريخية مهمة.
الكتاب يستحق القراءة لمن يهتم بتاريخ الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، أو لمن يسعى لفهم أعمق للقوة الدافعة وراء الحركات الشعبية وتأثيرها على التغيير الاجتماعي والسياسي. يقدم “كما تيار عظيم” رؤية شاملة ليوم غيّر مجرى التاريخ، مما يجعله مورداً قيماً للمؤرخين، الطلاب، الأكاديميين، والقراء العامة المهتمين بفهم كيف تشكلت الحقوق المدنية في أمريكا.