متى تبدأ مناسك الحج ومتى تنتهي

يُعد الحج من أركان الإسلام الخمسة، وهو فرضٌ على كل مسلم بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على أدائه مرة واحدة في العمر. ويُعتبر الحج رحلة روحية وعبادية عظيمة تتم في وقت محدد من السنة، وتبدأ مناسكه من ميقات الإحرام حتى الانتهاء من آخر أركانه، وتُجسد أسمى معاني الطاعة والعبادة والتقرب إلى الله تعالى. في هذا المقال سنتناول بشكل موسع متى تبدأ مناسك الحج ومتى تنتهي، مع تفصيل خطواته وأركانه ومواقيته، مستعرضين أهم التفاصيل المرتبطة بكل مرحلة من مراحل الحج.

تعريف الحج وأهميته في الإسلام

الحج هو زيارة بيت الله الحرام في مكة المكرمة، لأداء مجموعة من المناسك الشرعية في زمن مخصوص، وهو في شهر ذي الحجة، الشهر الثاني عشر من شهور السنة الهجرية. الحج فريضة على المسلمين القادرين جسديًا وماليًا، لما له من فضل عظيم وأجر جزيل، إذ قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».

تبدأ رحلة الحج من الإحرام، وتستمر حتى إتمام جميع المناسك، التي تشمل الوقوف بعرفة، ورمي الجمرات، والطواف، والسعي، وغيرها من الشعائر التي تميزه عن سائر العبادات.

بداية مناسك الحج: ميقات الإحرام

ميقات الإحرام هو الموضع الذي يُحرِم منه الحاج، أي ينوي الدخول في النسك ويبدأ أداء مناسك الحج. يجب على الحاج أن يغتسل، ويلبس ملابس الإحرام (الإزار والرداء للرجال، ولباس محتشم للنساء)، ويقرأ نية الإحرام قائلاً: “لبيك حجًا” أو “لبيك عمرة” حسب النية.

مواقيت الإحرام حسب مكان الإقامة

حدد النبي محمد صلى الله عليه وسلم مواقيت الإحرام لكل من يأتي إلى مكة من جهات مختلفة، وهي خمسة مواقيت معروفة:

عند الإحرام، يتوقف الحاج عن بعض الأمور المحظورة كالتطيب، والتقليم، وقص الشعر، ويبدأ في أداء النسك بقلوب مخلصة.

أيام مناسك الحج ومتى تبدأ

يبدأ موسم الحج رسمياً في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، ويستمر حتى اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وأحياناً يمتد حتى اليوم الرابع عشر، حسب سماح السلطات وتنظيم الحجاج. يمكن تقسيم الأيام المهمة في الحج إلى:

اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية)

هو اليوم الذي يبدأ فيه الحجاج بالتوجه إلى منى. يُعرف بيوم التروية لأنه يوم استراحة وتجهيز قبل الوقوف بعرفة، حيث يقوم الحجاج بالنزول في منى، والصلاة بها، والاستعداد للوقوف بعرفة في اليوم التالي.

اليوم التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة)

يُعد يوم عرفة من أهم أيام الحج، وهو الركن الأعظم. في هذا اليوم، يقف الحجاج في صعيد عرفة للدعاء والتضرع إلى الله، ويكون الوقوف من بعد الظهر وحتى غروب الشمس. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الحج عرفة”.

يبدأ الوقوف من وقت زوال الشمس (بعد الظهر) وحتى غروبها، ويعتبر هذا اليوم نقطة التحول في الحج، حيث ينتهي وقوف عرفة فتبدأ مناسك الحاج التالية.

اليوم العاشر من ذي الحجة (يوم النحر)

بعد غروب شمس يوم عرفة، يتوجه الحجاج إلى مزدلفة، حيث يقضون الليلة ويجمعون الحصى لرمي الجمرات. وفي فجر اليوم العاشر يبدأ الحجاج برمي الجمرات بدءاً من جمرة العقبة الكبرى، ثم يقومون بذبح الأضاحي (النحر)، ويتبع ذلك حلق الرأس أو تقصيره، ثم يطوفون بالبيت طواف الإفاضة.

اليوم الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة (أيام التشريق)

يُسمى يومي الحادي عشر والثاني عشر بأيام التشريق، ويقوم الحجاج برمي الجمرات الثلاث في منى (الصغرى، الوسطى، الكبرى) في كل من هذين اليومين. ويُستحب البقاء في منى والابتعاد عن مكة في هذه الأيام.

اليوم الثالث عشر من ذي الحجة (اليوم الأخير)

هو آخر أيام التشريق، ويقوم الحجاج برمي الجمرات، وفيه تنتهي مناسك الحج بإكمال رمي الجمرات، ثم التوجه للطواف الوداع، وهو الطواف الأخير الذي يودع به الحاج البيت الحرام قبل مغادرته.

أركان مناسك الحج بالتفصيل

الحج يتكون من عدة أركان لا يصح الحج بدونها، وتتوزع عبر مراحل بدءًا من الإحرام وحتى الطواف الوداع:

نهاية مناسك الحج

تنتهي مناسك الحج رسميًا بعد أداء طواف الوداع، وهو طواف حجى يقوم به الحاج قبل مغادرة مكة المكرمة. يُعد طواف الوداع إشارة إلى انتهاء الحج، ولا يجوز تركه. بمجرد الانتهاء منه، يمكن للحاج أن يخلع ملابس الإحرام ويعود إلى حياته الطبيعية، ويُسمح له بجميع ما كان محظورًا عليه أثناء الإحرام.

بعد طواف الوداع، يستحب مغادرة مكة سريعًا، ويكون هذا الطواف آخر ما يفعله الحاج في مكة، وبذلك يُعتبر قد أتم مناسك الحج.

الجدول الزمني لمناسك الحج

أهم الأحكام المرتبطة بمناسك الحج

• الإحرام: يجب على الحاج الالتزام بعدم المخالفة لما حرمه الإحرام كاستخدام العطور، قص الشعر، لبس المخيط للرجال، الجماع، وغيرها من المحظورات.

• الوقوف بعرفة: لا يصح الحج بدون الوقوف بعرفة، ومن ترك الوقوف فحجه ناقص.

• رمي الجمرات: يجب إتباع الترتيب في رمي الجمرات وعدم التخلف عن رميها في أوقاتها.

• الذبح: ذبح الأضحية واجب بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر.

• الطواف والسعي: ركنان أساسيان في الحج، ولا يُستكمل الحج بدونهما.

تأثير الحج على حياة المسلم الروحية والاجتماعية

يُعَدّ الحج من أعظم التجارب الروحية التي يمر بها المسلم، حيث تُعزز العلاقة بين العبد وربه، وتنقي النفس من الذنوب، وتؤكد على وحدة الأمة الإسلامية في مكان واحد بغض النظر عن اختلاف الأعراق واللغات. كما يعمق الحج من شعور التضامن والتكافل بين المسلمين، ويجدد الإيمان ويقوي التعلق بالله.

الخلاصة

تبدأ مناسك الحج من الإحرام في الميقات المخصص، مرورًا بأيام التروية، الوقوف بعرفة، المبيت في مزدلفة، رمي الجمرات، النحر، الطواف والسعي، ثم ينتهي الحج بطواف الوداع. تُحدد هذه المراحل ضمن أيام ذي الحجة، مع الحرص على أداء كل ركن وفقًا للشرع. من خلال أداء هذه المناسك، يُحقق المسلم القرب من الله، ويعيش تجربة إيمانية وروحية فريدة، تنعكس آثارها على حياته بعد العودة إلى بلده.

المصادر والمراجع

• القرآن الكريم

• صحيح البخاري ومسلم (في أحاديث الحج)

هذه المصادر تمثل المرجع الأساسي لفهم تفاصيل الحج وشروطه وأركانه.