أسماء الله وصفاته الحسنى

صفات الله الحسنى

إن صفات الله الحسنى تمثل أحد أركان العقيدة الإسلامية، وتشكل أساسًا متينًا لفهم الإنسان لربه وخالقه. وهي صفات كاملة لا نقص فيها، ولا يشوبها عيب، ولا تتشابه مع صفات المخلوقين، بل تليق بجلال الله وعظمته. ويُقصد بصفات الله كل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله محمد ﷺ من صفات الكمال، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل. ويُعد الإيمان بهذه الصفات ضرورة شرعية وعقلية، إذ لا يتم الإيمان بالله إلا بالإقرار الكامل بهذه الصفات وفق ما جاء في القرآن والسنة.

أولًا: الفرق بين أسماء الله وصفاته

من المهم التمييز بين الأسماء والصفات، فكل اسم من أسماء الله يتضمن صفة من صفاته، ولكن ليس كل صفة تُعد اسمًا. فمثلاً، من أسماء الله: “الرحمن”، وهذا الاسم يتضمن صفة الرحمة، أما “الاستواء”، فهي صفة فعلية لا يُشتق منها اسم لله. لذا فالأسماء توقيفية بمعنى لا يُثبت منها إلا ما ورد في النصوص، أما الصفات فهي أوسع من الأسماء.

أنواع صفات الله عز وجل

تنقسم صفات الله إلى قسمين رئيسيين، هما: الصفات الذاتية والصفات الفعلية، وهناك من يقسمها إلى صفات كمال وصفات سلبية.

١- الصفات الذاتية

هي الصفات التي لم يزل ولا يزال الله متصفًا بها، وهي ملازمة لذاته سبحانه، لا تنفك عنه أبدًا. ومن هذه الصفات:

• الحياة: فالله حي لا يموت، حياته كاملة أزلية لا نقص فيها، لقوله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: 255].

• العلم: فالله يعلم كل شيء، ظاهرًا وباطنًا، سرًّا وعلانية، ماضيًا ومستقبلًا، قال تعالى: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: 59].

• القدرة: الله قادر على كل شيء، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

• السمع والبصر: يسمع كل شيء ويبصر كل شيء، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

• الكلام: من صفاته أنه يتكلم، وكلامه ليس كمثل كلام البشر، ومنه أنزل القرآن.

٢- الصفات الفعلية

هي الصفات التي تتعلق بمشيئة الله وإرادته، إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها، وهي غير ملازمة لذاته دائمًا. ومن أمثلتها:

• الاستواء على العرش: قال تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: 54].

• النزول إلى السماء الدنيا: كما جاء في الحديث الصحيح: “ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر”.

• المجيء يوم القيامة: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: 22].

• الرضا والسخط: الله يرضى عن عباده المؤمنين، ويسخط على الكافرين والمنافقين.

• الخلق والإحياء والإماتة: من أفعاله المستمرة، التي تقع بمشيئته وتقديره.

تفصيل لبعض صفات الله الحسنى

الرحمة

من أعظم صفاته جل وعلا، وقد اشتق الله منها اسمين من أسمائه، “الرحمن” و”الرحيم”. ورحمة الله وسعت كل شيء، قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: 156]. وهي ليست كرحمة المخلوقين التي تنبع من ضعف، بل هي رحمة كمال تليق بجلال الله.

العزة

صفة دالة على القوة والامتناع والغلبة، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: 8]. وعزة الله كاملة لا يُذل، ولا يُغلب، ولا يُقهر.

الحكمة

الله سبحانه حكيم في خلقه وأمره وشرعه، لا يفعل شيئًا عبثًا، بل كل أمر عنده بحكمة دقيقة، يعلمها من يعلمها، ويجهلها من يجهلها. قال تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [التحريم: 2].

العلم

صفة أزلية أبدية، لا يغيب عنه شيء، لا في الأرض ولا في السماء. يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. علمه محيط بكل شيء، قال تعالى: ﴿أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ [النساء: 166].

القدرة

قدرة الله لا حدود لها، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 20]. خلق السماوات والأرض، والعرش العظيم، والذرة الصغيرة، بقدرته الباهرة.

العدل

من صفات الله أنه لا يظلم أحدًا، ولا يجور، وعدله مطلق وكامل. قال تعالى: ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: 49].

خصائص صفات الله

ضوابط في التعامل مع صفات الله

1. الإثبات: نُثبت ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله، دون زيادة ولا نقصان.

2. التنزيه: ننزهه عن كل نقص وعيب، فلا نشبهه بخلقه.

3. الاعتدال: لا نغلو في إثبات الصفات ولا نعطلها، بل نؤمن بها كما وردت.

4. عدم التكييف والتمثيل: لا نكيف الصفات ولا نقول “كيف استوى؟”، ولا نمثلها بصفات البشر.

أثر الإيمان بصفات الله في حياة المسلم

الإيمان بصفات الله يعمق في النفس معاني التوكل والرضا والخوف والرجاء، ويغرس الطمأنينة في القلب، ويمنح العبد حسن الظن بربه، فيعلم أن الله عليم بحاله، سميع لدعائه، رحيم بضعفه، قادر على نصره، عادل في قضائه. كما يدفعه إلى مراقبة الله في السر والعلانية، فلا يعصي من يعلم أنه يراه.

أهل السنة والجماعة وموقفهم من الصفات

أهل السنة والجماعة هم الطائفة التي حافظت على المنهج الصحيح في باب الصفات، فقد آمنوا بها كما وردت في الكتاب والسنة، دون تحريف أو تعطيل أو تمثيل أو تكييف. وهم وسط بين أهل التعطيل الذين نفوا الصفات، وأهل التمثيل الذين شبهوها بصفات المخلوقين. وقد اعتمدوا في فهمهم على القواعد المستمدة من نصوص الوحي.

خلاصة صفات الله الحسنى في القرآن والسنة

وردت صفات الله في مواضع كثيرة من القرآن الكريم والسنة النبوية، وهي صفات ثابتة لا تقبل التأويل الباطل أو التشكيك. ومن هذه الصفات ما هو متعلق بالذات الإلهية كالعلم والحياة، ومنها ما هو متعلق بالأفعال كالرزق والمغفرة. ومن الأسماء التي تتضمن صفات: “الغفور” (يدل على صفة المغفرة)، “العدل” (يدل على صفة العدل)، “اللطيف” (يدل على اللطف والرعاية)، “القوي” (يدل على القدرة).

خاتمة علمية

إن باب صفات الله هو باب جليل من أبواب العقيدة الإسلامية، يتطلب التوقف عند النصوص، وإدراك أن العقل لا يحيط بذات الله، فلا يجوز أن يُدخل المرء في هذا الباب القياس البشري أو المنطق العقلي المحدود. إن أعظم وسيلة لسلامة الاعتقاد هي الوقوف عند النصوص بإيمان وتسليم، والانقياد للمنهج السلفي الذي جمع بين إثبات الصفات وتنزيه الخالق عن الشبه والمثيل.

المراجع:

1. كتاب “الرسالة التدمرية” لشيخ الإسلام ابن تيمية.

2. كتاب “شرح العقيدة الطحاوية” لابن أبي العز الحنفي.