“ارفع مثل فتاة”: رحلة نحو التميز الرياضي في فيلم وثائقي استثنائي
يعد فيلم “ارفع مثل فتاة” (Lift Like a Girl) من إخراج المخرجة المصرية الموهوبة مي زايد، واحدًا من الأفلام الوثائقية التي تأسر القلوب وتلهم العقول. يقدم الفيلم نظرة عميقة ومؤثرة على حياة فتاة مراهقة تطمح إلى أن تصبح بطلة في رياضة رفع الأثقال، وذلك في قلب مدينة الإسكندرية بمصر.
قصة الفيلم: بين الطموح والتحديات
يحكي الفيلم قصة “زبيبة”، فتاة شابة تنتمي إلى حي شعبي في الإسكندرية، حيث تشرع في رحلة رياضية تحت إشراف مدربها المتفاني “كابتن رمضان”. يظهر الفيلم كيف أن هذا المدرب المتواضع والمثابر يؤسس معسكر تدريب بدائي في الهواء الطلق، بين الطرق المزدحمة والبنايات العتيقة، ليصبح مكانًا لصقل مواهب الفتيات وتحويلهن إلى بطلات على المستوى الوطني والدولي.
يستعرض الفيلم الحياة اليومية لـ”زبيبة” ومجموعة من زميلاتها، حيث يخضن تدريبات شاقة وصراعات نفسية واجتماعية، في ظل ظروف صعبة وبيئة مليئة بالتحديات. ومع ذلك، لا تفقد هؤلاء الفتيات الأمل، بل يجدن في رفع الأثقال وسيلة لتحطيم الصور النمطية وتحقيق أحلامهن.
رسائل الفيلم: الإلهام والقوة النسائية
يركز “ارفع مثل فتاة” على قضايا تمكين المرأة وكسر الحواجز المجتمعية. يعرض الفيلم الكفاح اليومي للفتيات اللواتي يتحدين الأعراف الاجتماعية في مجتمع يحد من طموحاتهن الرياضية. من خلال تتبع رحلة “زبيبة”، يقدم الفيلم رسالة قوية حول الإرادة والتصميم، ويؤكد أن النجاح ليس حكرًا على من يمتلكون الموارد، بل هو ثمرة الإصرار والعمل الجاد.
أسلوب الإخراج: البساطة والقرب من الواقع
تميزت مي زايد في إخراج هذا العمل بأسلوب بصري طبيعي وغير متكلف. استخدمت المخرجة أسلوب المراقبة (Observational Style) الذي جعل المشاهد يشعر وكأنه جزء من حياة أبطال الفيلم. تركز الكاميرا على التفاصيل اليومية: التعب، الفرح، الانتصارات الصغيرة، والإحباطات التي تواجه الفتيات في رحلتهن.
تُبرز المخرجة التناقض بين البيئة الفقيرة التي تُجرى فيها التدريبات والطموحات الكبيرة التي تحملها الفتيات، مما يضفي على الفيلم لمسة إنسانية صادقة.
الإنتاج والتعاون الدولي
الفيلم هو إنتاج مشترك بين مصر، الدنمارك، وألمانيا، مما يعكس أهمية القصة عالميًا. يسلط هذا التعاون الضوء على كيفية اهتمام العالم بالقضايا الإنسانية والرياضية التي تحملها شخصيات من دول العالم النامي.
الاستقبال النقدي والجوائز
منذ عرضه الأول في عام 2021، حصد الفيلم إشادات نقدية واسعة. تم عرضه في عدة مهرجانات دولية، مثل مهرجان تورونتو السينمائي الدولي ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي. تلقى الفيلم إشادة بفضل صدقه العاطفي، وأسلوبه السردي المميز، وقدرته على تسليط الضوء على قصص الفتيات الملهمات.
الختام: فيلم يستحق المشاهدة
“ارفع مثل فتاة” ليس مجرد فيلم عن رياضة رفع الأثقال؛ بل هو قصة ملهمة عن الطموح، والإرادة، والإصرار على تحقيق الأحلام رغم الصعاب. يقدم هذا العمل رؤية نادرة لحياة فتيات يكافحن لتحطيم القيود المجتمعية ولتحقيق مكانة في عالم رياضي غالبًا ما يسيطر عليه الرجال.
إذا كنت تبحث عن فيلم يعكس قوة الروح البشرية ويقدم قصة واقعية بعمق وتأثير، فإن “ارفع مثل فتاة” هو خيارك المثالي. هذا الفيلم لا يعكس فقط واقع الرياضة النسائية في مصر، بل يبرز أهمية المثابرة والعمل الجماعي في مواجهة التحديات.