ارتفاع الضغط عند الحامل في الشهر الثامن: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج
يعد ارتفاع الضغط أثناء الحمل من أكثر المشاكل الصحية شيوعًا التي تواجه المرأة الحامل، خاصة في الأشهر الأخيرة من الحمل. في الشهر الثامن، وهو الشهر الذي يقترب فيه موعد الولادة، تزداد المخاوف من تطور هذه الحالة بسبب المخاطر المحتملة التي قد تؤثر على الأم والجنين. يطلق على هذه الحالة اسم “ارتفاع ضغط الدم الحملي”، ويمكن أن يكون لها تأثيرات خطيرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب.
1. ما هو ارتفاع الضغط عند الحامل في الشهر الثامن؟
ارتفاع ضغط الدم عند الحامل في الشهر الثامن يُشير إلى حالة طبية تحدث عندما يرتفع ضغط الدم بشكل غير طبيعي خلال الحمل، ويكون هذا الارتفاع غالبًا مصحوبًا بوجود بروتين في البول، مما يشير إلى إمكانية الإصابة بتسمم الحمل (Pre-eclampsia). يختلف ضغط الدم الطبيعي للحامل من امرأة لأخرى، ولكنه غالبًا ما يكون حوالي 120/80 مم زئبقي. عند وجود ارتفاع مستمر في الضغط يزيد عن 140/90 مم زئبقي، يمكن تشخيص الحالة بأنها ارتفاع ضغط الدم.
2. أنواع ارتفاع ضغط الدم الحملي
هناك نوعان رئيسيان من ارتفاع ضغط الدم الذي يمكن أن يحدث أثناء الحمل:
أ. ارتفاع ضغط الدم الحملي
يحدث هذا النوع من ارتفاع ضغط الدم بعد الأسبوع 20 من الحمل، وعادة ما يختفي بعد الولادة. ومع ذلك، فإن ارتفاع ضغط الدم الحملي قد يكون مؤشرًا على تطور مشاكل صحية أخرى قد تؤثر على الأم والجنين إذا لم يتم مراقبته ومعالجته بشكل مناسب.
ب. تسمم الحمل (Pre-eclampsia)
يعتبر تسمم الحمل أحد أكثر الحالات خطورة في الأشهر الأخيرة من الحمل. يتميز بارتفاع ضغط الدم مع وجود بروتين في البول وتورم في الأطراف. قد تؤدي هذه الحالة إلى مضاعفات خطيرة مثل انفصال المشيمة، نقص الأوكسجين للجنين، أو حتى التسمم للأم.
3. أسباب ارتفاع ضغط الدم عند الحامل في الشهر الثامن
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، وتختلف من حالة إلى أخرى. يمكن تلخيص الأسباب الرئيسية في النقاط التالية:
أ. التغيرات في الجهاز الدوري
أثناء الحمل، يمر جسم المرأة بعدد من التغيرات الهرمونية والفسيولوجية التي تؤثر على الجهاز الدوري. قد يؤدي تدفق الدم الزائد عبر الأوعية الدموية وتوسع الأوعية الدموية إلى رفع الضغط بشكل غير طبيعي، خاصة إذا كانت الأوعية الدموية غير قادرة على التكيف مع هذه التغيرات.
ب. الزيادة في وزن الجسم
زيادة الوزن بشكل غير طبيعي أثناء الحمل يمكن أن تكون أحد العوامل التي تساهم في رفع ضغط الدم. تحث هذه الزيادة في الوزن على ضخ الدم بشكل أكبر، مما يزيد الضغط على الأوعية الدموية.
ج. العوامل الوراثية
تعتبر العوامل الوراثية أحد العوامل التي تلعب دورًا كبيرًا في ارتفاع ضغط الدم عند الحامل. النساء اللواتي يعانين من تاريخ عائلي للإصابة بارتفاع ضغط الدم أو تسمم الحمل تكون فرصهن في الإصابة بهذه الحالة أكبر.
د. تسمم الحمل
أحد الأسباب المباشرة لارتفاع ضغط الدم في الشهر الثامن هو تطور حالة تسمم الحمل، التي تتميز بارتفاع ضغط الدم والبروتين في البول. يرتبط التسمم عادة بتوسع الأوعية الدموية في الجسم مما يؤدي إلى ضعف تروية الأنسجة والأعضاء.
هـ. الحمل في سن متأخرة
النساء اللواتي يحملن في سن متأخرة (أكثر من 35 عامًا) معرضات بشكل أكبر للإصابة بارتفاع ضغط الدم والحالات المرتبطة به، مثل تسمم الحمل.
و. الحمل بتوأم
الحمل بتوأم أو أكثر من جنين يزيد من الضغط على الجسم مما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
ز. مشاكل الكلى
أي مشاكل صحية تتعلق بالكلى قبل الحمل أو أثناءه قد تؤدي إلى صعوبة في التحكم في ضغط الدم.
4. أعراض ارتفاع ضغط الدم عند الحامل في الشهر الثامن
من المهم معرفة أعراض ارتفاع ضغط الدم في الشهر الثامن من الحمل لتمكين الأم من التوجه للطبيب فور ظهورها. الأعراض الأكثر شيوعًا تتضمن:
-
الصداع الشديد: يحدث بسبب زيادة الضغط على الأوعية الدموية في الرأس.
-
تورم في الأطراف: وخصوصًا في اليدين والقدمين.
-
مشاكل في الرؤية: مثل الرؤية الضبابية أو فقدان مؤقت للرؤية.
-
آلام في البطن: ألم مفاجئ أو مستمر في الجانب الأيمن من البطن قد يكون بسبب تورم الكبد.
-
الغثيان والقيء: خاصة إذا كان مصحوبًا مع ظهور أعراض أخرى.
-
زيادة الوزن المفاجئ: الذي قد يكون ناتجًا عن احتباس السوائل.
5. تشخيص ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
تشخيص ارتفاع ضغط الدم عند الحامل يتم عادة عن طريق قياس ضغط الدم بانتظام في العيادات. يمكن تشخيص حالة تسمم الحمل إذا كانت المرأة الحامل تعاني من ارتفاع ضغط الدم مع وجود بروتين في البول. كما قد يقوم الطبيب بفحص الكلى ووظائف الأعضاء الأخرى للتأكد من سلامة الأم والجنين.
في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر إجراء فحوصات إضافية مثل:
-
اختبارات الدم: للتحقق من وجود مشاكل صحية مثل تلف الكبد أو الكلى.
-
الفحص بالموجات فوق الصوتية: للتأكد من صحة الجنين ونموه بشكل طبيعي.
-
تحليل البول: للكشف عن وجود البروتين الذي قد يشير إلى تسمم الحمل.
6. علاج ارتفاع ضغط الدم عند الحامل في الشهر الثامن
تعتمد طرق علاج ارتفاع ضغط الدم عند الحامل في الشهر الثامن على الحالة الصحية للمرأة والجنين ومدى شدة الحالة. يمكن تلخيص الأساليب العلاجية في النقاط التالية:
أ. مراقبة دقيقة
في حالة ارتفاع ضغط الدم المعتدل، قد يوصي الطبيب بمراقبة الضغط بشكل مستمر مع متابعة للأعراض. ستحتاج المرأة إلى فحوصات منتظمة للحفاظ على سلامتها وسلامة الجنين.
ب. العلاج الدوائي
إذا كان ضغط الدم مرتفعًا بشكل غير طبيعي أو كان هناك خطر على صحة الأم أو الجنين، قد يوصي الطبيب باستخدام أدوية خافضة لضغط الدم. هذه الأدوية تكون مصممة خصيصًا للحمل ولا تؤثر على الجنين.
ج. الراحة التامة
من المهم أن تحصل الحامل على قسط كافٍ من الراحة، ويمكن أن يتطلب ذلك التزامًا بالراحة في السرير لفترات طويلة لتقليل الضغط على الأوعية الدموية وتحسين تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية.
د. النظام الغذائي
يُوصى بتقليل تناول الأم للأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الملح أو الدهون. التركيز على تناول الطعام الغني بالبوتاسيوم والمغنيسيوم يمكن أن يساعد في تقليل ضغط الدم.
هـ. التوليد المبكر
في الحالات الشديدة من ارتفاع ضغط الدم أو تسمم الحمل، قد يكون من الضروري إجراء ولادة مبكرة لضمان صحة الأم والجنين. قد يقرر الطبيب التدخل المبكر إذا كانت هناك خطر شديد على حياة المرأة أو الجنين.
7. مخاطر ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
ارتفاع ضغط الدم غير المعالج يمكن أن يؤدي إلى عدة مضاعفات خطيرة تشمل:
-
تسمم الحمل: مما قد يهدد الحياة.
-
انفصال المشيمة: والذي يؤدي إلى نقص الأوكسجين والغذاء للجنين.
-
الولادة المبكرة: نتيجة للمضاعفات الصحية التي قد تتطلب تدخلًا مبكرًا.
-
مشاكل في الكلى والكبد: التي قد تهدد صحة الأم.
-
النوبات: في الحالات الشديدة، يمكن أن تؤدي الحالة إلى نوبات تؤثر على صحة المرأة.
8. الوقاية من ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
توجد بعض الطرق التي قد تساعد في تقليل خطر ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، بما في ذلك:
-
الحفاظ على وزن صحي قبل الحمل وأثناءه.
-
اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على جميع العناصر الغذائية.
-
ممارسة النشاط البدني بانتظام تحت إشراف طبي.
-
تجنب التوتر والضغوط النفسية.
-
زيارة الطبيب بانتظام لإجراء الفحوصات اللازمة.
9. الخاتمة
يعتبر ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، خصوصًا في الشهر الثامن، من الحالات الطبية التي تتطلب اهتمامًا وعناية فائقة. من الضروري أن تلتزم المرأة الحامل بالمتابعة الطبية الدقيقة لتشخيص الحالة في مراحلها المبكرة ومنع تطورها إلى مشاكل صحية أكثر تعقيدًا.
