إفرازات ما بعد التبويض: أسبابها

إفرازات بعد التبويض: تفسير، أنواع وتأثيرات

تعتبر الإفرازات المهبلية جزءاً طبيعياً من الدورة الشهرية لدى النساء، وتختلف هذه الإفرازات في نوعها وكميتها بناءً على المرحلة التي تمر بها المرأة في دورتها الشهرية. من بين أهم المراحل التي تؤثر بشكل كبير على إفرازات المهبل هي مرحلة التبويض، حيث يحدث تغيير ملحوظ في نوع وكمية الإفرازات نتيجة التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال هذه الفترة. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل إفرازات ما بعد التبويض، ما هي أنواعها، كيف يتم تفسيرها، وما هي العوامل التي تؤثر عليها.

1. ما هي مرحلة التبويض؟

التبويض هو المرحلة التي يتم خلالها إطلاق البويضة من المبيض استعدادًا للتخصيب بواسطة الحيوان المنوي. تحدث هذه العملية عادة في منتصف الدورة الشهرية تقريبًا، حيث يتزامن ذلك مع ذروة مستويات هرمون الإستروجين في الجسم. بعد التبويض، تبدأ مستويات هرمون البروجستيرون في الارتفاع، وهو الهرمون المسؤول عن تحضير الرحم لاستقبال البويضة المخصبة.

خلال التبويض، تنقلب طبيعة الإفرازات المهبلية. تصبح الإفرازات أكثر شفافية وتشبه بياض البيض، مما يساعد على تسهيل مرور الحيوانات المنوية إلى داخل الرحم. ولكن، بعد التبويض، تبدأ الإفرازات في التغيير مع بداية تأثيرات هرمون البروجستيرون.

2. طبيعة الإفرازات بعد التبويض

بعد التبويض، هناك تغيرات واضحة في طبيعة الإفرازات المهبلية. يمكن تصنيف هذه الإفرازات إلى عدة أنواع بناءً على الفترة التي تلي التبويض والهرمونات السائدة في الجسم.

2.1. الإفرازات الصافية والمائية

في البداية، بعد التبويض مباشرة، قد تظل الإفرازات المائية أو الصافية مستمرة لبضعة أيام. هذا النوع من الإفرازات يشير عادةً إلى توازن جيد بين مستويات الهرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون. هذه الإفرازات قد تكون مؤشرًا على أن الجسم في حالة صحية جيدة ويفترض أن يكون الرحم مستعدًا لاستقبال الحمل في حال حدث التخصيب.

2.2. الإفرازات السميكة والبيضاء

مع مرور الوقت بعد التبويض، يزداد إفراز هرمون البروجستيرون، مما يؤدي إلى زيادة سمك الإفرازات المهبلية. تصبح هذه الإفرازات أكثر كثافة وأقل مائية، حيث تتحول إلى إفرازات بيضاء أو كريمية. هذه الإفرازات هي سمة مميزة للفترة التي تلي التبويض، حيث أنها تساعد في الحفاظ على رطوبة المهبل وحمايته من العدوى.

2.3. الإفرازات المدممة أو البنية

في بعض الحالات، قد تظهر إفرازات بنية أو مدممة بعد التبويض بفترة قصيرة. يعتبر هذا الأمر غير نادر ويمكن أن يكون نتيجة لانغراس البويضة المخصبة في جدار الرحم، ما يؤدي إلى نزيف خفيف، يعرف أحيانًا بنزيف الانغراس. بينما قد يكون هذا طبيعيًا في بعض الحالات، إلا أن وجود نزيف غير طبيعي أو إفرازات شديدة قد يتطلب استشارة الطبيب للتأكد من عدم وجود مشاكل صحية أخرى.

3. تأثيرات هرمونات الجسم على الإفرازات بعد التبويض

إفرازات المهبل هي في الأساس نتيجة لتأثيرات التغيرات الهرمونية في الجسم، وتحديدًا تأثير هرموني الإستروجين والبروجستيرون. يلعب هرمون الإستروجين دورًا في زيادة إفراز السوائل في المراحل الأولى من الدورة الشهرية، بينما يتسبب البروجستيرون، الذي يرتفع بعد التبويض، في جعل الإفرازات أكثر كثافة وأكثر دهنية.

3.1. هرمون الإستروجين

خلال مرحلة ما قبل التبويض، عندما يكون هرمون الإستروجين في أعلى مستوياته، تصبح الإفرازات المهبلية رطبة، مائية، وشفافة، مما يسهل مرور الحيوانات المنوية. هذا التغيير في الإفرازات يعد من علامات فترة التبويض التي يتزايد خلالها احتمال حدوث الحمل.

3.2. هرمون البروجستيرون

بعد التبويض، يبدأ هرمون البروجستيرون في الارتفاع، وهو المسؤول عن تحضير الرحم لاستقبال البويضة المخصبة. هذا الهرمون يعزز سمك الإفرازات، مما يجعلها أكثر كثافة وأكثر دهنية. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي البروجستيرون إلى توقف الإفرازات المائية تدريجيًا ويحولها إلى إفرازات أقل كثافة، وهي سمة تميز مرحلة ما بعد التبويض.

4. التغيرات الطبيعية في الإفرازات بعد التبويض

تُعد التغيرات التي تحدث في الإفرازات بعد التبويض جزءًا من الدورة الشهرية الطبيعية، وهي تحدث بناءً على الاستجابة الهرمونية. ولكن تختلف هذه الإفرازات بين النساء حسب العديد من العوامل مثل العمر، صحة الجهاز التناسلي، ومستوى الهرمونات في الجسم.

4.1. أسباب زيادة الإفرازات

قد تزداد كمية الإفرازات بعد التبويض نتيجة لعدة عوامل، أبرزها:

• التغيرات الهرمونية: زيادة إفراز هرمون البروجستيرون بعد التبويض يؤثر بشكل مباشر على نوع وكمية الإفرازات.

• الحمل المبكر: في حالة حدوث التخصيب، قد يحدث نزيف خفيف أو إفرازات بنية نتيجة لانغراس البويضة.

• التوتر أو الضغط النفسي: تؤثر الحالة النفسية على إفرازات الجسم، مما قد يزيد من كمية الإفرازات المهبلية.

4.2. أسباب انخفاض الإفرازات

قد تنخفض الإفرازات أو تصبح أقل كثافة بعد التبويض لعدة أسباب، بما في ذلك:

• انخفاض مستويات هرمون البروجستيرون: في حالة فشل حدوث الحمل، يعود مستوى هرمون البروجستيرون إلى الانخفاض، مما يؤدي إلى تغييرات في الإفرازات.

• الاجهاد: التوتر النفسي أو الجسدي قد يؤثر سلبًا على إنتاج الإفرازات المهبلية.

5. الإفرازات بعد التبويض: هل هي مؤشر على الحمل؟

الإفرازات المهبلية ليست دائمًا مؤشرًا قاطعًا على الحمل، لكن في بعض الحالات يمكن أن تكون إحدى العلامات المبكرة له. إفرازات مدممة أو بنية قد تحدث في بعض الحالات عند انغراس البويضة المخصبة في جدار الرحم، وهو ما يُعرف بنزيف الانغراس. لكن لا يمكن الاعتماد بشكل كامل على الإفرازات كعلامة مؤكدة للحمل، حيث أن هذه التغيرات قد تحدث أيضًا في حالات أخرى مثل الدورة الشهرية أو الاضطرابات الهرمونية.

6. التغيرات المرضية في الإفرازات بعد التبويض

إفرازات المهبل عادة ما تكون طبيعية بعد التبويض، لكن في بعض الأحيان قد تشير بعض التغيرات في نوع أو كمية الإفرازات إلى وجود مشكلات صحية. من بين هذه التغيرات:

6.1. الإفرازات ذات الرائحة الكريهة

إذا كانت الإفرازات بعد التبويض ذات رائحة كريهة، قد يشير ذلك إلى وجود عدوى مهبلية مثل الفطريات أو البكتيريا. يجب أن يتم استشارة الطبيب في هذه الحالة لتحديد السبب والعلاج المناسب.

6.2. الإفرازات السميكة بشكل غير طبيعي

إذا أصبحت الإفرازات سميكة جدًا أو لزجة بطريقة غير معتادة، فقد تكون هذه علامة على وجود مشاكل هرمونية، مثل متلازمة تكيس المبايض (PCOS) أو اضطرابات أخرى.

6.3. نزيف غير مفسر

إذا كانت الإفرازات بعد التبويض مدممة أو يصاحبها نزيف شديد أو طويل الأمد، قد يكون هذا علامة على اضطراب في الهرمونات أو مشكلة صحية أخرى مثل الأورام الليفية أو التهاب الرحم.

7. الخلاصة

تعد الإفرازات المهبلية بعد التبويض جزءًا طبيعيًا من الدورة الشهرية، وهي تتأثر بالعديد من العوامل مثل التغيرات الهرمونية والحالة الصحية العامة. من الطبيعي أن تتغير طبيعة هذه الإفرازات بعد التبويض، ولكن إذا كانت هناك تغيرات غير معتادة أو مصحوبة بأعراض أخرى مثل الألم أو الحكة أو النزيف، يجب استشارة الطبيب للحصول على التشخيص والعلاج المناسب.