إن كتاب “إعادة هيكلة القطاع المصرفي العربي”، الذي كتبه الباحث والمفكر كمال الدويني، يعدّ إضافة قيّمة للمكتبة الاقتصادية والمصرفية العربية. يأخذنا الكتاب في رحلة عميقة إلى داخل دلالة ومعنوية الهيكل التنظيمي كبيئة عمل داخلية تمت لبعض البنوك العربية والتجارية المصرية، مسلطًا الضوء على تأثير هذا الهيكل على نوعية الخدمة المصرفية المقدمة للعملاء.
يستعرض الدويني بدقة وعمق مدى تعقيد وتشعب المشكلات التي تواجه البنوك العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص. يبرز الحاجة الملحة إلى تدخلات إصلاحية لضمان تكامل القطاع المصرفي مع التطور العالمي وثورة المعلومات والاتصالات الحديثة.
من خلال تحليل مفصل، يسلط الضوء على عدم استثمار البنوك العربية لمواردها المالية بشكل فعّال، مما يؤدي إلى هروب مدخراتها للدول الأخرى وتفادي بعض رؤوسائها للمخاطر الاستثمارية. يركز على أثر ذلك على مستوى الخدمات المصرفية ورأس المال في هذه البنوك بالمقارنة مع المصارف العالمية.
في سياق إعادة الهيكلة المصرفية، يشير الدويني إلى أهمية اتخاذ القرارات بحذر وتأني وتدرج، نظرًا لوجود العديد من المحاذير والمعايير التي يجب مراعاتها. يقدم الكتاب أمثلة عملية لعمليات إعادة هيكلة ناجحة لبعض البنوك، مما يسهم في فهم أفضل لتأثير هذه العمليات على نقل ملكية البنوك الحكومية إلى القطاع الخاص، سواء الأجنبي أو المحلي.
ومن أجل تحقيق تغيير إيجابي وجذب الاستثمارات، يقدم الكتاب توصيات مستنيرة ونموذجًا لهيكل تنظيمي مقترح يعزز استثمار أموال المودعين ويسهم في تعزيز النظام الاقتصادي للدولة. يلقي الضوء أيضًا على دور عناصر البيئة الداخلية للعمل في تحسين أداء العاملين في القطاع المصرفي، وتحقيق الفاعلية المرجوة من الإصلاح بشكل عام.
في ختام القراءة، يظهر أن “إعادة هيكلة القطاع المصرفي العربي” لا يقتصر على أن يكون مصدرًا للمعلومات القيمة بل يمثل أيضًا نقطة انطلاق لفهم أعماق هيكل وعملية التحول في البنوك العربية.