قصة عن العطاء للأطفال
العطاء هو قيمة عظيمة تتجاوز مجرد تقديم الهدايا أو المساعدة؛ إنه شعور بالحب والاهتمام بالآخرين، دون انتظار مقابل. وفي عالمنا اليوم، من الضروري أن نغرس في قلوب أطفالنا هذا الشعور الجميل، لأن العطاء يساعد في بناء شخصياتهم ويعزز من روابطهم الاجتماعية والإنسانية. سنتناول في هذا المقال قصة عن العطاء التي يمكن أن تكون نموذجاً للأطفال لتعلم هذه القيمة الرائعة.
قصة الفتاة الصغيرة “نورا” والعطاء
في أحد الأيام، كانت هناك فتاة صغيرة تدعى “نورا”. كانت نورا فتاة محبوبة من الجميع، تتمتع بابتسامة مشرقة، وكانت تعرف كيف تجعل الآخرين سعداء. لكنها، رغم حبها للآخرين، لم تكن تعرف الكثير عن العطاء.
كانت نورا تعيش في قرية صغيرة مع والدتها وأبيها في منزل بسيط. في كل صباح، كانت تذهب إلى المدرسة رفقة أصدقائها وتعود في المساء إلى المنزل. كانت تحب أن تلعب مع صديقاتها في الحديقة، ولكن أكثر ما كانت تحبه هو قراءة القصص التي كانت والدتها تحكيها لها قبل النوم.
ذات يوم، بينما كانت نورا تلعب في الحديقة، لاحظت شيئًا غريبًا. كان هناك كلب صغير وحيد يقف بالقرب من باب منزلها، ينظر إليها بحزن. اقتربت نورا منه بحذر وسألته بصوت دافئ: “هل أنت ضائع؟”. رد الكلب بنظرة حزينة، ففهمت نورا أنه بحاجة إلى مساعدة.
قررت نورا أن تأخذ الكلب إلى منزلها، وطلبت من والدتها أن تراه. قالت والدتها بحنان: “نورا، هذا الكلب يبدو أنه بحاجة إلى العناية والاهتمام. لكننا يجب أن نكون حذرين؛ علينا أن نساعده دون أن نكون أنانيين.” وافقت نورا، وبدأت بتقديم الطعام والشراب للكلب. كما أنها جعلت الكلب ينام في حديقة المنزل، حيث كانت تضع له البطانية وتغطيه جيدًا.
وفي اليوم التالي، قررت نورا أن تبحث عن صاحب الكلب. سألت جيرانها، وسألت أيضًا في المدرسة. وبعد أيام من البحث، اكتشفت أن الكلب كان مفقودًا من منزل أحد الجيران الذي كان قد انتقل إلى مدينة أخرى. عرفت نورا أن هذا الكلب كان له مالكٌ يحبّه.
على الرغم من أن نورا كانت قد أصبحت متعلقة بالكلب، إلا أن والدتها علمتها أن العطاء يعني أيضًا الاستغناء عن شيء تحبه من أجل سعادة الآخرين. وهكذا قررت نورا أن تعيد الكلب إلى صاحبه الجديد، حيث سيكون له بيت حقيقي يهتم به.
عندما أعادت نورا الكلب إلى صاحبته، شكرتها السيدة بكل حب، وقالت لها: “أنتِ طيبة القلب، نورا، فليس كل الناس يستطيعون أن يعطوا هكذا من غير أن ينتظروا شيئًا في المقابل. هذا هو العطاء الحقيقي.”
دروس العطاء في القصة
-
العطاء دون انتظار مقابل: علمت نورا أن العطاء لا يكون فقط بإعطاء الأشياء الملموسة، بل يكون أيضًا بتقديم وقتك وجهدك لإسعاد الآخرين دون انتظار مقابل. العطاء هو شعور صادق نابع من القلب.
-
الاستغناء عن شيء تحبه من أجل سعادة الآخرين: رغم حب نورا للكلب، إلا أنها اختارت أن تعيده إلى صاحبه لكي يعيش حياة أفضل. العطاء يتطلب أحيانًا التضحية بما نحب من أجل سعادة الآخرين.
-
الاهتمام بالآخرين: العطاء ليس مقتصرًا على الأشياء المادية فقط، بل يشمل أيضًا الاهتمام بالآخرين. كان قلب نورا مليئًا بالحب، وقررت أن تهتم بهذا الكلب حتى تجد له منزلًا جديدًا.
-
التعاون مع الآخرين: العطاء لا يعني أن نعمل بمفردنا، بل يمكن أن نتعاون مع الآخرين لمساعدة من يحتاجون. نورا استعانت بوالدتها وأصدقائها في العثور على صاحب الكلب.
العطاء وأثره في بناء الشخصية
من خلال القصة، نجد أن العطاء له تأثيرات إيجابية كبيرة على الفرد. فبالعطاء، يشعر الشخص بالسلام الداخلي والراحة النفسية، ويكتسب تقدير واحترام الآخرين. إذا تم تعليم الأطفال العطاء منذ صغرهم، فإنهم سينشؤون ليكونوا أفرادًا مسؤولين، محبين، ومهتمين بالمجتمع.
كيف يمكننا تعليم الأطفال العطاء؟
-
المثال الشخصي: يجب أن نكون نحن، الآباء والمعلمون، قدوة في العطاء. الأطفال يتعلمون الكثير من خلال مراقبتنا لأفعالنا. إذا رأوا منا سلوكًا حسنًا من خلال العطاء، سيشعرون بأهمية هذه القيمة.
-
تشجيع الأطفال على تقديم المساعدة: يمكننا تشجيع الأطفال على تقديم المساعدة للأشخاص في محيطهم. سواء كان ذلك بمساعدة صديق في المدرسة أو مشاركة لعبة مع أخ أو أخت.
-
التحدث عن العطاء: يجب علينا أن نشرح للأطفال ما يعنيه العطاء وكيف يمكن أن يشعر الآخرون بالفرح والراحة عندما نساعدهم. يمكن أن تكون القصص مثل قصة نورا وسيلة رائعة لتوضيح هذه الفكرة.
-
التبرع بالممتلكات: يمكن للأطفال تعلم العطاء من خلال التبرع بالأشياء التي لا يحتاجونها، مثل الملابس أو الألعاب. هذا يعلمهم أن العطاء ليس بالضرورة أن يكون شيئًا ماديًا، بل هو مشاركة للموارد.
-
المشاركة في الأعمال التطوعية: إشراك الأطفال في الأنشطة الخيرية أو العمل التطوعي يعزز من شعورهم بالمسؤولية تجاه الآخرين ويعلمهم كيف يمكن للعطاء أن يحدث فرقًا كبيرًا في حياة الآخرين.
خاتمة
قصة نورا تعلمنا أن العطاء ليس فقط عملاً ماديًا، بل هو انعكاس للقلب الطيب والنوايا الصافية. عندما نتعلم كيف نساعد الآخرين بلا مقابل، نحن نساهم في بناء مجتمع أفضل وأكثر إنسانية. ومن خلال تعليم الأطفال قيمة العطاء منذ الصغر، نحن نزرع فيهم بذور الإنسانية والرغبة في جعل العالم مكانًا أفضل. العطاء ليس فقط لما نقدمه من أشياء، بل هو في الطريقة التي نرى بها الآخرين وكيف نتعامل معهم.
