في كتابه الرائع الذي يحمل عنوان “البعد السياسي للاستشراق في فكر إدوارد سعيد”، يقدم الكاتب محمد البطاط تحليلاً عميقاً وشاملاً لفلسفة وأفكار إدوارد سعيد، الذي أصبحت مسيرته الفكرية هدفاً للكثيرين نظراً لمواقفه القومية المؤثرة والتي جعلته محط انتباه الرأي العام الدولي.
يتناول الكتاب بشكل رئيسي تأثير إدوارد سعيد في مجال الاستشراق، حيث يرصد الكاتب ببراعة فريدة جميع الجدليات التي أثارها سعيد حول هذا الموضوع الحساس. ومن خلال تحليله العميق، يستعرض البطاط كيف أن سعيد كان يعارض بشدة التيار الاستشراقي الغربي، وكيف أنه كان يسعى جاهداً إلى إلقاء الضوء على التحيزات والتشويهات التي كانت تطبق على الثقافة الشرقية.
ومن خلال صفحات الكتاب البالغة 450 صفحة، يستعرض البطاط المواقف المثيرة التي واجهها سعيد، حيث اتُهم بألقاب من قبيل “بروفيسور الإرهاب” وكونه مستشرقاً، وهو الأمر الذي يعد تحدياً كبيراً للفهم الصحيح لمسيرته الفكرية.
ويضيف الكتاب لمسة خاصة من خلال استعراضه لمواقف سعيد في فلسطين، حيث واجه انتقادات شديدة من إذاعة السلطة الفلسطينية التي اتهمته بالاستشراق، بالرغم من أنه كان يعتبر من أكبر المنتقدين لهذا التيار.
تأتي هذه الدراسة في سياق دقيق ومتنوع، حيث يرصد الكاتب مواقف النقد والدفاع عن سعيد، وكيف تأثرت مسيرته بالاتهامات والانتقادات. وفي هذا السياق، يبرز البطاط أيضاً المساهمات الفعّالة لسعيد في ميدان السياسة والعلوم السياسية، وكيف أنه أسهم في تشكيل وجدان الرأي العام بشكل كبير.
تأتي الدراسة في غلاف كرتوني أنيق، يعكس روح الكتاب وأهميته. وتتميز النسخة التي نشرتها دار دجلة ناشرون وموزعون في عام 2016 بجودة عالية في التحقيق والطباعة، مما يجعلها مرجعاً مهماً في مكتبة الباحثين والمهتمين بالعلوم السياسية.
باختصار، يعد كتاب “البعد السياسي للاستشراق في فكر إدوارد سعيد” لمحمد البطاط عملًا فريدًا يسلط الضوء على جوانب مهمة من حياة وأفكار إدوارد سعيد، ويشكل مساهمة قيمة في فهم تأثيره البارز في المجال السياسي والفكري.