أكثر دول العالم أماناً

قائمة أكثر الدول أماناً في العالم

في عالم يشهد تغيرات متسارعة وتحديات أمنية متنوعة، أصبحت مسألة الأمان واحدة من أبرز أولويات الأفراد والدول على حد سواء. فالأمان لا يقتصر على غياب الحروب أو النزاعات، بل يشمل مجموعة واسعة من العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة، مثل انخفاض معدلات الجريمة، الاستقرار السياسي، البنية التحتية الأمنية، الرعاية الصحية، سهولة الوصول إلى العدالة، ومستوى الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة. بناءً على ذلك، يتم إصدار تقارير سنوية من قبل مؤسسات عالمية تعتمد على مؤشرات علمية دقيقة لتصنيف الدول وفقاً لمستوى الأمان فيها. من أبرز هذه المؤسسات معهد الاقتصاد والسلام الذي يصدر “مؤشر السلام العالمي” (Global Peace Index).

يعتمد هذا المؤشر على مجموعة من المعايير التي تُقاس باستخدام بيانات إحصائية وتحليلية موثوقة، مثل معدلات الجرائم، عدد الصراعات الداخلية والخارجية، مستوى الإنفاق العسكري، وعلاقات الدولة الخارجية. وفي هذا السياق، نستعرض قائمة بأكثر الدول أماناً في العالم، مبينين العوامل التي أهلتها لاحتلال هذه المراتب المتقدمة من حيث الاستقرار والأمن الشامل.

آيسلندا: نموذج عالمي للأمان والسلام

تتصدر آيسلندا قائمة الدول الأكثر أماناً في العالم للعام السادس عشر على التوالي، بحسب مؤشر السلام العالمي. ويعود هذا التصدر إلى عدة أسباب جوهرية، منها:

• انخفاض معدلات الجريمة: تعتبر آيسلندا من الدول التي تكاد تنعدم فيها الجرائم العنيفة. المجتمع الأيسلندي يتميز بثقافة مبنية على الثقة والتعاون.

• عدم وجود جيش دائم: رغم عدم امتلاكها لجيش، تعتمد آيسلندا على قوات الشرطة المدربة، التي نادراً ما تستخدم الأسلحة.

• استقرار سياسي متين: الديمقراطية المزدهرة، الشفافية الحكومية، والعدالة الاجتماعية ساعدت في بناء مجتمع متماسك ومستقر.

• نظام تعليمي وصحي متقدم: توفر الدولة خدمات صحية وتعليمية مجانية أو شبه مجانية مما يعزز شعور المواطنين بالأمان والرعاية.

نيوزيلندا: طبيعة خلابة وأمان داخلي

تأتي نيوزيلندا في المرتبة الثانية ضمن أكثر الدول أماناً، ويرتبط ذلك بعدد من الخصائص الفريدة:

• تشريعات متقدمة لمكافحة العنف: قوانين صارمة ضد الأسلحة ومراقبة محكمة للأنشطة المشبوهة.

• انخفاض كبير في معدل الجرائم: خاصة الجرائم المتعلقة بالمخدرات والعنف المنزلي.

• نظام قضائي عادل وشفاف: القضاء النيوزيلندي يحظى بثقة المواطنين، مع وجود آليات فعالة لتطبيق القانون.

البرتغال: تحول جذري نحو الأمان

في العقود الأخيرة، شهدت البرتغال تحولاً كبيراً جعلها واحدة من أكثر الدول أماناً في أوروبا والعالم. ويعود ذلك إلى:

• تحسينات في النظام القضائي: القضاء البرتغالي شهد إصلاحات جوهرية زادت من كفاءته.

• انخفاض معدلات البطالة والفقر: مما ساهم في خفض معدلات الجريمة.

• نهج دبلوماسي سلمي: البرتغال تتجنب الصراعات الدولية وتركز على العلاقات الإيجابية مع جيرانها.

النمسا: استقرار وسط أوروبا

تتميز النمسا بمستوى عالٍ من الأمان بفضل عدة عوامل:

• أنظمة أمنية متطورة: تعتمد على تكنولوجيا متقدمة في مراقبة وتحليل الجرائم.

• مجتمع منظم ومنضبط: الطابع الثقافي النمساوي يعزز من احترام القوانين والمؤسسات.

• نظام صحي وتعليمي متفوق: ما يساهم في تقليل الضغوط الاجتماعية.

الدنمارك: رفاهية وأمان

الدنمارك ليست فقط من أكثر الدول رفاهية بل أيضاً من أكثرها أماناً، ويظهر ذلك في:

• انعدام الفساد تقريباً: الشفافية والنزاهة في المؤسسات الحكومية.

• رعاية اجتماعية شاملة: تؤمن احتياجات المواطن وتقلل من فرص الانزلاق إلى الجريمة.

• مشاركة مجتمعية فاعلة: يشعر المواطنون بالمسؤولية تجاه مجتمعهم، مما يعزز التعاون والسلام.

كندا: تنوع وأمان في آن واحد

رغم تنوعها الثقافي والديموغرافي، حافظت كندا على مكانتها كإحدى الدول الآمنة عالمياً. ويُعزى ذلك إلى:

• سياسات هجرة مدروسة: تضمن اندماج الوافدين في المجتمع الكندي بصورة إيجابية.

• مجتمع متسامح ومنفتح: يقلل من التوترات العنصرية والدينية.

• أجهزة أمنية وكشفية فعالة: تعتمد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمان.

سنغافورة: الصرامة القانونية في خدمة الأمان

في جنوب شرق آسيا، تحتل سنغافورة الصدارة من حيث الأمان نتيجة لعدة خصائص:

• قوانين مشددة ضد الجريمة: تؤدي إلى ردع قوي لكل أشكال العنف أو الفوضى.

• رقابة إلكترونية دقيقة: تُستخدم لمتابعة الجرائم والتصدي لها فوراً.

• نظام نقل عام آمن ومراقب: يوفر شعوراً بالأمان حتى في ساعات الليل المتأخرة.

سويسرا: توازن بين الحرية والنظام

سويسرا تجمع بين الاستقلال الفردي والنظام المؤسسي القوي، مما يعزز شعور المواطنين بالأمان:

• حياد دولي طويل الأمد: يحميها من التورط في صراعات خارجية.

• قوانين مرنة ولكن فعالة: تحترم الخصوصية وتفرض احترام القانون.

• نسبة امتلاك سلاح منظمة: رغم ارتفاع النسبة، إلا أن الجرائم بالسلاح نادرة جداً.

اليابان: مجتمع منضبط ومؤسسات قوية

تعد اليابان من أكثر الدول أماناً في آسيا والعالم، ويعزى ذلك إلى:

• ثقافة مجتمعية منضبطة: تقوم على الاحترام والنظام.

• معدلات جريمة منخفضة للغاية: خاصة في الجرائم العنيفة.

• نظام شرطي متقدم: يدمج التكنولوجيا والوعي المجتمعي في منع الجريمة.

فنلندا: واحة الأمان في الشمال الأوروبي

فنلندا دولة تتميز بأمان اجتماعي وقانوني مميز، نتيجة لـ:

• ثقة عالية في الشرطة والقضاء: تزيد من الامتثال للقانون.

• مشاركة سياسية واسعة: يشعر المواطن بأنه جزء من القرار السياسي.

• نظام تعليمي أخلاقي وتفاعلي: يؤسس لمجتمع سلمي ومتوازن.

جدول مقارنة الدول الأكثر أماناً في العالم (2025)

عوامل تؤثر في تصنيف الأمان العالمي

تصنيف الأمان لا يُبنى على عامل واحد فقط، بل يتطلب تحليل مجموعة من المؤشرات، وأهمها:

1. معدل الجريمة العنيفة: مثل القتل والاعتداءات.

2. مستوى الإنفاق العسكري: الدول ذات النفقات المرتفعة غالباً ما تعكس عدم الاستقرار الإقليمي.

3. العلاقات الدولية: الدول التي تتمتع بعلاقات سلمية تكون أكثر أماناً.

4. الاستقرار السياسي: الحكومات المستقرة توفر بيئة آمنة.

5. الشفافية والفساد: الفساد يؤدي إلى تقويض الأمن الداخلي.

6. النظام القضائي وفعالية تطبيق القانون: يعزز الثقة ويوفر شعوراً بالحماية.

7. الاستعداد للطوارئ والكوارث: سواء الطبيعية أو البيولوجية أو الأمنية.

خاتمة تحليلية

في النهاية، فإن الأمان ليس مجرد رقم في مؤشر أو تصنيف على ورقة، بل هو إحساس ملموس يشعر به المواطن يومياً في تفاصيل حياته. الدول التي تتصدر هذه القائمة لم تصل إلى هذه المكانة صدفة، بل عبر سنوات من العمل المؤسسي الدؤوب، والثقة المتبادلة بين الحكومة والمواطن، وتكريس موارد كبيرة لضمان الاستقرار والسلم الاجتماعي. ورغم أن التحديات الأمنية متغيرة، فإن الأسس التي بُنيت عليها هذه الدول تمثل نموذجاً يُحتذى به لكل من يسعى نحو أمان حقيقي ومستدام.

المراجع:

1. Global Peace Index 2025 – Institute for Economics and Peace

2. United Nations Office on Drugs and Crime (UNODC) – International Crime Statistics