إخراج الزكاة وتوزيعها بشكل صحيح

إخراج الزكاة وكيفية توزيعها:

الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة، وتعد من أهم العبادات التي يؤديها المسلمون في جميع أنحاء العالم. وهي عبادة مالية تهدف إلى تطهير المال وتنقيته من الشوائب، كما أنها وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية. تعتبر الزكاة من الحقوق المالية التي فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين، وتعد من واجباتهم الدينية التي يجب عليهم الالتزام بها. وفي هذا المقال، سنتناول بشكل مفصل مفهوم الزكاة، كيفية إخراجها، والأمور المتعلقة بتوزيعها.

1. تعريف الزكاة

الزكاة في اللغة تعني الزيادة والنماء، وهي مشتقة من الفعل “زكا”، بمعنى “نمى” أو “طهر”. أما في الاصطلاح الشرعي، فتُعرَف الزكاة بأنها “حق واجب في المال يُخرج إلى مستحقيه، بنسبة محددة، سواء كان المال مالًا نقديًا أو مالًا عينيًا”. يُعتبر إخراج الزكاة من العبادات التي تهدف إلى تطهير النفس والمال، وإعانة الفقراء والمساكين، وتحقيق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع المسلم.

2. الأساس الشرعي لإخراج الزكاة

تعد الزكاة فريضة دينية مفروضة على كل مسلم مالك للحد الأدنى من المال، المعروف بـ “النصاب”. وقد وردت العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤكد وجوب الزكاة على المسلمين، ومن أبرز الآيات في القرآن الكريم التي تتحدث عن الزكاة قوله تعالى:

“وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” (البقرة: 110).

3. شروط وجوب الزكاة

هناك عدة شروط يجب أن تتوافر في الشخص والمال لكي يكون الزكاة واجبة عليه:

• الإسلام: الزكاة واجبة على المسلمين فقط.

• البلوغ والعقل: لا تجب الزكاة على الطفل أو المجنون.

• الحرية: الزكاة لا تجب على العبيد.

• المال المملوك: يجب أن يكون المال مملوكًا بالكامل لصاحبه، أي لا يُحتسب المال الذي ليس له عليه ملكية كاملة.

• النصاب: وهو الحد الأدنى الذي إذا وصل المال إليه تجب الزكاة، ويختلف النصاب حسب نوع المال (النقد، الذهب، الفضة، التجارة…).

4. كيفية حساب الزكاة وإخراجها

أ. الذهب والفضة

تجب الزكاة في الذهب والفضة إذا بلغ نصابها. والنصاب في الذهب يقدر بـ 85 جرامًا من الذهب الخالص، وفي الفضة بـ 595 جرامًا. والنسبة التي تجب في الزكاة هي 2.5% من قيمة المال المتوافر لدى الشخص في السنة الهجرية.

ب. النقد

تُحسب الزكاة في الأموال النقدية على نفس المبدأ المتبع في الذهب والفضة، حيث يجب أن تصل قيمة المال إلى نصاب الذهب أو الفضة، وفي حال تحققت الشروط، تُخرج الزكاة بنسبة 2.5% من القيمة الإجمالية للمال.

ج. الزروع والثمار

إذا كانت الزكاة واجبة على الزروع والثمار، فتعتمد النسبة التي يجب دفعها على نوع الري. فإذا كان الري باستخدام الماء الذي يشتريه الشخص (ري مكلف)، فإن الزكاة تكون 5%. أما إذا كان الري من خلال مياه الأمطار أو الأنهار (ري مجاني)، فإن الزكاة تكون 10%.

د. الأموال التجارية

الزكاة في المال التجاري تكون على كامل قيمة البضاعة التي يملكها الشخص، ويفترض أن الزكاة تخرج في نهاية العام الهجري بنسبة 2.5% من إجمالي الأموال التجارية.

هـ. الحيوانات

تُعطى الزكاة أيضًا في الحيوانات التي يملكها الشخص، مثل الإبل والبقر والغنم، وفقًا للأنصبة المحددة لكل نوع من الحيوانات، وتختلف النسبة حسب نوع الحيوان وكمية الماشية المملوكة.

5. كيفية توزيع الزكاة

توزيع الزكاة هو جزء مهم من العملية الشرعية لإخراجها. وقد حدد الله تعالى في القرآن الكريم المستحقين الذين يجب أن تُعطى لهم الزكاة، وهم:

أ. الفقراء والمساكين

الفقراء هم الذين لا يجدون ما يسد احتياجاتهم الأساسية من الطعام والملبس والمأوى. أما المسكين فهو أقل حالًا من الفقير في معيشته، ويحتاج إلى الزكاة بشكل أكبر. يُشترط في المستحقين أن يكونوا في حاجة حقيقية، والهدف هو تحسين حالتهم الاقتصادية.

ب. العاملين على جمع الزكاة

هؤلاء هم الأشخاص الذين يقومون بجمع الزكاة وتوزيعها، ويدفع لهم جزء من الزكاة كأجر على عملهم، ويعد هذا مصدراً من مصادر استحقاق الزكاة.

ج. المؤلفة قلوبهم

وهم الأشخاص الذين يُراد أن يُعززوا في دينهم أو الذين يُرجى أن يسهموا في نشر الدعوة الإسلامية.

د. الرقاب

وهذا المصطلح يُقصد به تحرير العبيد، حيث يمكن استخدام جزء من الزكاة لتحرير رقاب الأفراد المستعبدين.

هـ. الغارمون

وهم المدينون الذين في حاجة إلى تسديد ديونهم، إذا كانت هذه الديون تثقل كاهلهم ولا يستطيعون سدادها.

و. في سبيل الله

يُقصد بذلك صرف الزكاة في الأعمال التي تخدم الإسلام والمسلمين، مثل تمويل المشاريع الخيرية، دعم الجمعيات الخيرية، تقديم المعونة للاجئين، ودعم الأنشطة الدعوية.

ز. ابن السبيل

وهم الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة مالية أثناء سفرهم ويعجزون عن العودة إلى ديارهم بسبب الظروف المالية.

6. أهمية الزكاة في المجتمع

الزكاة لا تقتصر فائدتها على الفرد الذي يخرجها، بل تعود فوائدها على المجتمع ككل. من أهم هذه الفوائد:

• التكافل الاجتماعي: تُسهم الزكاة في تحقيق العدالة الاجتماعية وتخفف من معاناة الفقراء والمحتاجين.

• تنقية المال: بإخراج الزكاة، يطهر المسلم ماله ويزيده بركة، كما أن الله يبارك في الأموال التي يخرج فيها الزكاة.

• الحد من الفقر: من خلال توزيع الزكاة على الفقراء والمحتاجين، يتم تخفيف حدة الفقر وتوفير احتياجاتهم الأساسية.

• تحقيق المساواة: الزكاة تمنح فرصة للضعفاء والمساكين لتلبية احتياجاتهم على قدم المساواة مع الأغنياء، مما يخلق توازنًا اجتماعيًا.

7. أثر الزكاة على الفرد والمجتمع

من خلال إخرج الزكاة، يُظهر المسلم تعبيرًا عمليًا عن إيمانه، وتكون الزكاة بمثابة وسيلة لتطهير النفس والمال. كما أن إخراج الزكاة يعزز الشعور بالمسؤولية الاجتماعية ويشجع على روح التعاون والمشاركة في المجتمع.