إجراءات السفر المُتّبعة بعد أزمة كورونا
منذ بداية جائحة فيروس كورونا (COVID-19) في أواخر عام 2019، تم تغيير الكثير من الإجراءات في جميع جوانب الحياة اليومية حول العالم، بما في ذلك قطاع السفر. أثرت الجائحة بشكل كبير على الطريقة التي يسافر بها الناس حول العالم، ما دفع الحكومات وشركات الطيران والمنظمات الدولية إلى وضع إجراءات وتوجيهات جديدة تهدف إلى الحد من انتشار الفيروس وحماية المسافرين من المخاطر الصحية. في هذا المقال، سنعرض أبرز التغييرات والإجراءات التي تم اتخاذها في قطاع السفر بعد أزمة كورونا.
تأثير كورونا على قطاع السفر
شهد قطاع السفر في السنوات التي تلت بداية الجائحة انخفاضاً حاداً في حركة المسافرين. فقد تم فرض قيود صارمة على التنقل عبر الحدود، مما أدى إلى انخفاض كبير في عدد الرحلات الجوية والرحلات البحرية والبريّة. في الوقت نفسه، جرت الكثير من التطورات الصحية والعلمية التي أثرت على الإجراءات المتبعة في المطارات ومحطات القطار والموانئ. مع السيطرة على انتشار الفيروس في بعض المناطق وتطوير اللقاحات، بدأ قطاع السفر في العودة تدريجياً، ولكن مع سلسلة من الإجراءات والاحتياطات التي تم تنفيذها لضمان سلامة المسافرين.
إجراءات السفر المبدئية: الفحوصات والتوثيق الصحي
من أبرز الإجراءات التي تم تطبيقها بعد أزمة كورونا هي فرض فحوصات صحية قبل السفر وأثناءه. أصبح إجراء اختبار فيروس كورونا (PCR) أو اختبارات مستضدات (Antigen) ضرورة أساسية في معظم الرحلات الدولية. في العديد من البلدان، كان على المسافرين تقديم نتائج سلبية لهذه الفحوصات قبل السماح لهم بالصعود إلى الطائرة أو دخول الدولة المعنية.
إضافة إلى ذلك، أصبحت شهادة التطعيم ضد فيروس كورونا من الوثائق الأساسية التي تطلبها العديد من الدول من المسافرين الدوليين. وأصبحت بعض الدول تشترط أن يكون المسافر قد حصل على جرعتي اللقاح المعتمدين من قبل الهيئات الصحية الدولية مثل منظمة الصحة العالمية أو السلطات الصحية المحلية. في بعض الحالات، كان يُطلب من المسافرين تقديم دليل على حصولهم على اللقاح مع مرور فترة زمنية معينة بين الجرعة الثانية والسفر.
استخدام التطبيقات الصحية: الجوازات الصحية الرقمية
من الإجراءات التي انتشرت بشكل ملحوظ بعد أزمة كورونا هي التطبيقات الصحية الرقمية، التي تستخدم لتخزين ومراجعة المعلومات الصحية للمسافرين. هذه التطبيقات تشمل معلومات حول حالة التطعيم، نتائج الفحوصات الصحية، وحالة السفر الخاصة بالمسافر. العديد من البلدان اعتمدت تطبيقات مثل “إياتا ترافل باس” أو “كورونا فري” لتسهيل عمليات التفتيش الصحي وتسريع إجراءات الوصول والمغادرة في المطارات.
تعتبر هذه الجوازات الصحية الرقمية وسيلة فعّالة لتقليل الحاجة إلى التوثيق الورقي، ما يسهم في تقليل الازدحام وتقليص التلامس بين الأشخاص في الأماكن العامة. بالإضافة إلى ذلك، تساعد هذه التطبيقات المسافرين على الاطمئنان إلى استيفائهم لجميع المتطلبات الصحية قبل سفرهم.
تطبيق تدابير السلامة الصحية في المطارات
أصبحت المطارات بعد أزمة كورونا بيئات تحتاج إلى تدابير صحية صارمة للحفاظ على سلامة المسافرين. فقد تم تطبيق إجراءات متعددة في المطارات تشمل:
-
التباعد الاجتماعي: تم تعديل تصميم المرافق داخل المطارات بحيث يتمكن المسافرون من الحفاظ على مسافة آمنة بينهم أثناء الانتظار في طوابير الصعود للطائرة أو عند المرور عبر أجهزة الأمن.
-
استخدام الكمامات: أصبحت الكمامات جزءًا لا يتجزأ من إرشادات السفر، حيث تم فرض إلزامية ارتداء الكمامات داخل المطار وعلى متن الطائرات. في بعض الأماكن، تم أيضًا تنفيذ فحوصات حرارية لرصد أي أعراض محتملة للمسافرين.
-
تعقيم الأسطح: تمت زيادة إجراءات التعقيم بشكل مكثف في كافة أرجاء المطارات، بما في ذلك أجهزة التسجيل الذاتي، والأماكن العامة، وأسطوانات الحقائب.
-
تقليص الوقت في المطار: تم تقليل ساعات انتظار المسافرين في صالات الانتظار من خلال تنفيذ إجراءات تسجيل الصعود المبكر، مما يقلل من الوقت الذي يقضيه المسافرون في الأماكن المغلقة.
الرحلات الجوية: تغييرات في سياسات شركات الطيران
فيما يخص شركات الطيران، شهدت صناعة الطيران تحولاً كبيراً في سياستها وأسلوب عملها بعد أزمة كورونا. مع زيادة الاهتمام بالتدابير الصحية، تم تعديل جداول الرحلات الجوية لتقليل الازدحام، وأُدخلت بعض التغييرات في طريقة تقديم الطعام والشراب على متن الطائرات. هناك أيضًا سياسة جديدة في العديد من شركات الطيران بخصوص سياسات الإلغاء أو التغيير في التذاكر، حيث تسمح بعض الشركات بإجراء تعديلات مرنة على التذاكر نتيجة للظروف الصحية العالمية.
كما أن العديد من شركات الطيران قامت بتعزيز برامج التنظيف والصيانة للطائرات، بما في ذلك استخدام مواد مطهرة أكثر فاعلية للمقاعد ومرافق الطائرات. وقد تم تخصيص فرق من العاملين لتنظيف الطائرة بشكل مستمر أثناء توقفها في محطات التوقف بين الرحلات.
السفر الداخلي: إجراءات متزايدة لمكافحة الفيروس
بالإضافة إلى السفر الدولي، كانت إجراءات السفر الداخلي في العديد من البلدان تتطلب أيضًا توخي الحذر. في بعض البلدان، كان هناك حظر على السفر بين الولايات أو المقاطعات إلا في حالات خاصة مثل السفر لأغراض العمل أو العناية الصحية. مع تطور اللقاحات وتزايد الوعي بالفيروس، بدأ الوضع يتحسن تدريجياً، لكن معظم الدول ما زالت تفرض قيودًا وتدابير احترازية خاصة.
من الإجراءات التي تم تنفيذها أيضًا فرض حمل الكمامات في وسائل النقل العام مثل القطارات والحافلات. كما تم تقييد العدد المسموح به من الركاب في بعض وسائل النقل العام، لضمان التباعد الاجتماعي.
التأثيرات الاقتصادية على قطاع السفر
على الرغم من عودة النشاط السياحي والسفر تدريجيًا، لا يزال قطاع السفر يعاني من آثار الجائحة الاقتصادية. فقد تأثرت شركات الطيران بشكل كبير بسبب تقليص الرحلات وزيادة التكاليف التشغيلية المرتبطة بتنفيذ الإجراءات الصحية، بما في ذلك إجراءات الفحص والتعقيم المستمر. بالمثل، تعرض قطاع الفنادق ومنشآت الإقامة لتحديات اقتصادية كبيرة، مما دفع العديد منها إلى تقليص حجم الأعمال أو التوقف مؤقتًا.
ومع تزايد الوعي بالسلامة الصحية، أصبح السفر في بعض الوجهات أكثر تكلفة، حيث تضاعفت التكاليف المرتبطة بالحفاظ على سلامة المسافرين. كما أن هناك تكاليف إضافية من فرض شروط الحجر الصحي، وإجراء فحوصات صحية قبل وبعد الوصول إلى الوجهات.
التحولات في السياحة
شهدت السياحة تحولات كبيرة في أنماط السفر بعد الجائحة. إذ توجه العديد من المسافرين نحو وجهات محلية أو شبه محلية نظرًا للقيود الصحية المفروضة على السفر الدولي. كان للسياحة الداخلية دور كبير في تعافي العديد من الاقتصادات، حيث أعطت الحكومات الأولوية للسياحة المحلية من خلال برامج تشجيع على السفر الداخلي.
علاوة على ذلك، أصبح السفر الرقمي والعمل عن بُعد من الاتجاهات المتزايدة بعد أزمة كورونا، حيث بدأ العديد من الأفراد في السفر لأغراض العمل مع الاستمرار في ممارسة وظائفهم عن بُعد. وقد ساعدت هذه الظاهرة في تعزيز الإقامة الطويلة في وجهات سياحية معينة التي توفر بيئات ملائمة للعمل عن بُعد.
ختامًا
في النهاية، لا تزال إجراءات السفر بعد أزمة كورونا تشهد تطورًا مستمرًا وفقًا للظروف الصحية العالمية والتقدم في مكافحة الفيروس. إن ضمان سلامة المسافرين والتقليل من المخاطر الصحية أصبح أولوية قصوى للعديد من الحكومات وشركات السفر. ومن المتوقع أن تستمر هذه التدابير لفترة طويلة حتى بعد السيطرة الكاملة على الجائحة، في حين أن تحولات جديدة في أسلوب السفر، مثل السفر الرقمي، قد تصبح جزءًا من “الطبيعة الجديدة” للسفر في المستقبل.
