أول نبي كتب بسم الله

أول نبي كتب “بسم الله الرحمن الرحيم”

تُعدُّ عبارة “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” من أسمى وأشهر العبارات في العالم الإسلامي، حيث تُستخدم في بداية الكثير من الأعمال اليومية والمشروعات والأفعال الطيبة التي يتوجه بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى. وقد أصبح لهذه العبارة طابع خاص، إذ لا تخلو منها حياتنا اليومية من الصلاة إلى الطعام، ومن الأعمال العادية إلى الأمور المهمة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: من هو أول نبي كتب هذه العبارة؟ وما هي خلفيات هذا الحدث في تاريخ الأنبياء؟

للإجابة على هذا السؤال، سنتعرض لفهم السياق التاريخي والديني لهذه العبارة العظيمة، ونكشف عن أول نبي قام بكتابتها، وكيف كانت بداية هذا التقليد الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة المسلم.

“بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” في القرآن الكريم

تظهر عبارة “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” في القرآن الكريم في بداية العديد من السور، باستثناء سورتي التوبة والبراءة. هذه العبارة تحمل في طياتها دعاءً لله سبحانه وتعالى بأن يبارك في العمل أو الكلام الذي سيُتبع، وتُظهر تواضع المؤمن واستعانته بالله في جميع شؤون حياته. وتعني العبارة “باسم الله” بدايةً للأمر أو الفعل، وتُضاف “الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” للإشارة إلى صفة الله تعالى في رحمته الواسعة التي تشمل كل شيء في الكون.

أول نبي كتب “بسم الله الرحمن الرحيم”

من خلال الدراسات التاريخية والشرعية، يُقال إن أول نبي كتب “بسم الله الرحمن الرحيم” كان النبي سليمان عليه السلام. وقد ذكر المفسرون والمحققون في هذا السياق، أن سليمان عليه السلام هو أول من كتب هذه العبارة. وقد ورد ذلك في حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث نقل عن النبي سليمان أنه كتب إلى ملكة سبأ، فبدأ رسالته بهذه العبارة.

لقد أرسل النبي سليمان عليه السلام رسالة إلى بلقيس ملكة سبأ عندما أراد دعوتها إلى الإسلام وترك عبادة الأصنام. وقد بدأ رسالته إليها بكلمات “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ”. وذلك كما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى:

“إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” (النمل: 30).

هذه الآية هي أول موضع في القرآن الكريم يذكر فيه استخدام هذه العبارة بشكل مكتوب. وبذلك، يمكن القول أن سليمان عليه السلام كان أول من بدأ بتوثيق هذه العبارة الكريمة، وكانت هذه الرسالة بمثابة إعلان عن سيادة الله عز وجل ورحمته في بداية كل عمل مهم أو مهمة، فكانت رسالة توجيه وتبليغ لبلقيس ولشعبها.

السياق التاريخي لعبارة “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ”

فيما يتعلق بتاريخ هذه العبارة، فإن النبي سليمان عليه السلام كان معروفًا بحكمته وذكائه الكبيرين. كما أنه ورث ملكاً عظيماً عن أبيه النبي داوود عليه السلام، وكان له مملكة واسعة تشمل الجن والطير والحيوانات. هذه الملكة كانت محط إعجاب لدى الأمم القديمة، وكان النبي سليمان عليه السلام يُرسل رسائل إلى العديد من الملوك والحكام لدعوتهم إلى الإسلام أو تحذيرهم من عواقب كفرهم.

عند إرسال رسالة إلى ملكة سبأ، أرسلها محملة بالحكمة والتوجيه الديني، وكتب في بداية الرسالة كلمة “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ”، مما يدل على أهمية التوكل على الله وطلب بركة الله في جميع الأعمال. هذه الرسالة كانت بمثابة تعبير عن تقوى النبي سليمان عليه السلام واحتكامه الكامل لله، سواء في تدبير شؤون مملكته أو في علاقاته مع الأمم الأخرى.

مغزى استخدام “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” في الرسالة

ما يميز كتابة النبي سليمان عليه السلام لهذه العبارة في رسالته إلى ملكة سبأ هو المعنى العميق والدلالة الدينية لهذه الكلمات. لم تكن مجرد كلمات تكتب كبداية لأي رسالة، بل كانت بمثابة إعلان قوي عن عظمة الله ورحمته. وبهذا الأسلوب، استطاع سليمان عليه السلام أن يعزز مكانة الله عز وجل في قلب المستلم للرسالة، مما يجعلها دعوة فاعلة للتأمل والتفكر في عظمة الخالق.

ولم يكن استخدام النبي سليمان لعبارة “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” مجرد صيغة دينية عابرة، بل كان جزءًا من دعوته الكبيرة التي حاول من خلالها أن يفتح عيون الآخرين على الحقيقة الإلهية. كان يسعى من خلال هذه العبارة إلى أن يُذكر الناس دائمًا بعظمة الله ورحمته، التي تعم جميع خلقه في السماء والأرض.

كيف استمر استخدام “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” عبر العصور

بعد أن كتب النبي سليمان عليه السلام “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” في رسالته إلى ملكة سبأ، استمرت هذه العبارة في أن تُستخدم في الرسائل والإعلانات. ومنذ ذلك الحين، أصبح المسلمون يرددون هذه العبارة في جميع الأمور التي يبدؤون بها، بدءًا من الأعمال اليومية البسيطة مثل تناول الطعام إلى الأعمال الكبرى مثل كتابة الكتب والمراسلات الرسمية.

ولا يقتصر الأمر على المسلمين فقط، بل أن هذه العبارة أصبحت جزءًا من ثقافة الشعوب التي تأثرت بالإسلام، حيث تعتبر بمثابة بداية مباركة وموفقة لكل شيء.

تعبير عن التوكل على الله

تُظهر عبارة “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” في بداية كل فعل أو عمل دعوة للتوكل على الله، والاعتراف الكامل بقدرته ورحمته. ولا يعد مجرد استخدام هذه العبارة عادة أو تقليد، بل هو إقرار دائم بالاعتماد على الله في كل الأمور. ففي كل مرة يُذكر فيها اسم الله في أول العمل، فإنما هو تذكير للمسلم بأن كل شيء بيده تعالى، وأنه لا قوة ولا قدرة إلا بالله.

مكانة “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” في حياة المسلم

تكتسب هذه العبارة أهمية كبيرة في حياة المسلم؛ فهي ليست مجرد كلمات يتلوها المسلم عند بدء العمل، بل هي فلسفة حياة تعكس التوجه الكامل نحو الله سبحانه وتعالى. من خلال “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ”، يعبر المسلم عن رغبته في أن يُبارك الله في عمله، وألا يكون له فيه نصيب إلا من فضل الله ورحمته. وتُعتبر هذه العبارة بمثابة تذكير دائم بأن الإنسان ليس بمفرده في هذا العالم، بل هو في حاجة دائمة إلى توجيه الله ورعايته.

خاتمة

إذن، من خلال استعراض السياق التاريخي والديني لعبارة “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ”، يتبين أن أول نبي كتب هذه العبارة كان النبي سليمان عليه السلام. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت هذه العبارة جزءًا لا يتجزأ من حياة المسلمين، تعبر عن التوكل على الله في جميع الأعمال. وبذلك، يظل استخدام هذه العبارة رمزًا لإعلان الاعتماد على الله والتوجه إليه في كل خطوة من خطوات الحياة.