أنواع الفحـــــــم
الفحم هو مادة صلبة تنشأ من تفاعل الكائنات الحية الميتة عبر الزمن الطويل تحت تأثير الحرارة والضغط. يتكون الفحم بشكل أساسي من الكربون، لكن يحتوي أيضاً على مكونات أخرى مثل الهيدروجين، والأوكسجين، والنيتروجين. يتم استخدام الفحم بشكل رئيسي في توليد الطاقة، سواء من خلال محطات توليد الكهرباء أو في الصناعات الأخرى مثل صناعة الحديد والفولاذ. تنقسم أنواع الفحم إلى عدة فئات حسب درجة التحول الجيولوجي الذي خضع له الفحم وطريقة تكوينه. تختلف خصائص الفحم بشكل كبير من نوع إلى آخر، حيث تتراوح هذه الخصائص بين درجة الاحتراق، نسبة الكربون، والطاقة الحرارية التي يمكن أن يولدها. في هذا المقال، سنستعرض مختلف أنواع الفحم بشكل تفصيلي.
1. الفحم النباتي (المتأكسد)
الفحم النباتي هو أحد أقدم أنواع الفحم ويُنتج من خلال تسخين المواد النباتية مثل الأخشاب في غياب الأوكسجين. يحدث هذا عادة عبر عملية تسمى “التفحيم” حيث يتعرض الخشب للحرارة في درجات حرارة تتراوح بين 400 إلى 700 درجة مئوية، مما يؤدي إلى تفكيك المركبات العضوية. هذا النوع من الفحم يختلف عن الفحم المعدني في أنه لا يتعرض للضغط أو الحرارة العالية لمدد طويلة. يعتبر الفحم النباتي مصدراً مهماً للطاقة في بعض المناطق الزراعية، حيث يُستخدم في الطهي والتدفئة.
يتميز الفحم النباتي بكونه أكثر نقاءً من حيث التركيب الكيميائي مقارنةً ببعض أنواع الفحم الأخرى. يحتوي على كربون بنسبة عالية مما يجعله قابلاً للاحتراق بشكل أسرع وأكثر كفاءة. كما أنه يتميز برائحة طيبة عند احتراقه، مما يجعله مناسباً لاستخدامه في الطهي بشكل خاص.
2. الفحم البني (الليغنيت)
الفحم البني هو نوع من الفحم الذي يتكون من مواد نباتية رسوبية يتم تحللها جزئياً تحت تأثير الحرارة والضغط في البيئة الجيولوجية. يتسم الفحم البني بلونه البني الداكن أو الرمادي ويُعتبر من الأنواع الأقل تطوراً في سلسلة تطور الفحم. يمكن العثور على الفحم البني في مناطق جغرافية متنوعة حول العالم. يمتاز هذا الفحم بمحتوى ماء مرتفع نسبياً ونسبة كربون منخفضة، مما يجعله أقل كفاءة في الاحتراق مقارنة بالفحم الأقدم.
يُستخدم الفحم البني بشكل رئيسي في توليد الكهرباء، خاصة في محطات الطاقة التي تقع بالقرب من رواسب الفحم البني. بيد أن استخدامه يتعرض للانتقاد نظراً لاحتوائه على نسبة عالية من المواد العضوية غير المحترقة التي تؤدي إلى انبعاثات ملوثة عند الاحتراق.
3. الفحم شبه القاري (السابيتوليت)
الفحم شبه القاري هو نوع من الفحم الذي يتواجد في مناطق تكون فيها الرواسب الفحمية قد خضعت لعملية تحول جزئي، حيث لم تصل بعد إلى المرحلة المتقدمة مثل الفحم الحجري. يتميز الفحم شبه القاري بمحتوى كربوني معتدل يتراوح بين 40 إلى 70%، مما يجعله أكثر قدرة على الاحتراق من الفحم البني ولكن أقل كفاءة مقارنة بالفحم الحجري.
يتم استخراج الفحم شبه القاري في بعض البلدان التي تحتوي على رواسب الفحم الرسوبية التي لم تتعرض بعد لضغط وحرارة عاليين. يستخدم هذا الفحم بشكل رئيسي في صناعة الطاقة، ولكنه لا يُستخدم بشكل واسع في الصناعات الثقيلة نظرًا لعدم كفاءته مقارنةً بالفحم الحجري.
4. الفحم الحجري (أنثراسيت)
الفحم الحجري أو الأنثراسيت هو نوع من الفحم الأكثر تطوراً في سلسلة تطور الفحم. يتسم هذا النوع بلونه الأسود اللامع، ويحتوي على أعلى نسبة من الكربون تتراوح بين 90 إلى 98%، مما يجعله الأكثر كفاءة في الاحتراق. يتم استخراج الفحم الحجري من الرواسب التي تعرضت لحرارة وضغط عالٍ لآلاف السنين، مما جعل الفحم يتعرض لتحول جيولوجي متقدم.
يعتبر الفحم الحجري من أفضل أنواع الفحم من حيث الطاقة الحرارية. يستخدم في الصناعات الثقيلة مثل صناعة الحديد والفولاذ، وكذلك في توليد الكهرباء. يمكن لمعدات احتراق الفحم الحجري أن تولد طاقة ضخمة عند مقارنتها بأنواع الفحم الأخرى. لكن على الرغم من كفاءته العالية في توليد الطاقة، فإن استخدام الفحم الحجري يُعتبر أحد المصادر الرئيسية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة.
5. الفحم القاري (البيتوميني)
الفحم القاري هو نوع من الفحم المتوسط بين الفحم البني والفحم الحجري. يحتوي هذا النوع من الفحم على نسبة كربون تتراوح بين 45 إلى 85%، مما يجعله ذو كفاءة جيدة في الاحتراق مقارنة بالفحم البني والفحم شبه القاري. يتم استخدام الفحم القاري بشكل واسع في توليد الطاقة وكذلك في صناعة الأسمنت وبعض الصناعات الأخرى.
يمتاز الفحم القاري بوجود نسبة منخفضة من المواد الطيارة والماء، مما يجعله أكثر قابلية للاحتراق وأكثر استقراراً من حيث الامتصاص الحراري. يعتبر هذا النوع من الفحم خياراً جيداً في الصناعات التي تتطلب مصادر طاقة ذات كفاءة متوسطة إلى عالية.
6. الفحم المعدني
الفحم المعدني هو نوع من الفحم الذي يتشكل من مواد نباتية وحيوانية تعرضت لمراحل متقدمة من الضغط والحرارة تحت الأرض. يُستخدم هذا الفحم بشكل رئيسي في صناعة المعادن مثل الحديد والفولاذ، حيث يُستخدم في أفران القوس الكهربائي وأفران الصهر الأخرى.
يتسم الفحم المعدني بوجود نسبة عالية من الكربون ومحتوى منخفض من المواد الطيارة مقارنة بالفحم الحجري أو الفحم القاري. ويستخدم في توليد درجات حرارة عالية لتحويل المعادن الخام إلى منتجات معدنية. يشتهر الفحم المعدني بجودته العالية من حيث الكثافة والقدرة على التفاعل الكيميائي.
7. الفحم المكوك
الفحم المكوك هو نوع آخر من الفحم الذي يتم إنتاجه عن طريق معالجة الفحم الخام في درجات حرارة مرتفعة في أفران خاصة. يتم معالجة الفحم المكوك بحيث يتحول إلى مادة صلبة وذات كثافة عالية يتم استخدامها في بعض الصناعات مثل صناعة الألمنيوم والصلب. يكون هذا النوع من الفحم خاليًا من المواد الطيارة والماء، مما يعزز قدرته على الاحتراق بكفاءة عالية.
تأثير الفحــــم على البيئة
على الرغم من أن الفحم يعد مصدرًا هامًا للطاقة في العالم، فإن استخدامه يحمل تأثيرات بيئية سلبية كبيرة. تعتبر عملية استخراج الفحم أحد العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى تدمير البيئة المحيطة. يتم حفر الأرض لاستخراج الفحم، مما يؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي وتلوث المياه الجوفية.
أما من حيث الانبعاثات، فإن احتراق الفحم في محطات توليد الكهرباء ينتج كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون، الذي يُعد من الغازات الدفيئة التي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. علاوة على ذلك، فإن الفحم يحتوي على بعض المواد السامة مثل الكبريت والنيتروجين، التي يمكن أن تلوث الهواء والمياه.
ختامًا
تُعتبر أنواع الفحم المتنوعة ضرورية في العديد من التطبيقات الصناعية والطاقة. ومع تطور التكنولوجيا، تتغير طرق استخدام الفحم وكيفية معالجته. ومع ذلك، تظل الآثار البيئية الناجمة عن استخدام الفحم مصدرًا للقلق، ما يتطلب البحث المستمر لإيجاد حلول أكثر استدامة للطاقة.
