أنواع الضرائب في اليمن: دراسة موسعة في التشريعات والتطبيقات المالية

تُعد الضرائب أحد الأعمدة الأساسية في هيكل الاقتصاد العام لأي دولة، حيث تُمثل المصدر الرئيسي للإيرادات العامة التي تُستخدم لتمويل الخدمات والبنى التحتية والمؤسسات الحكومية. وفي اليمن، تمثل الضرائب محورًا مهمًا في منظومة الإيرادات العامة، وإن كان النظام الضريبي يواجه العديد من التحديات المرتبطة بالوضع السياسي والاقتصادي المتأزم منذ سنوات. على الرغم من هذه التحديات، يظل النظام الضريبي في اليمن قائمًا ويتضمن مجموعة من الضرائب التي تُفرض وفقاً لقوانين وتشريعات منظمة.

الإطار القانوني والتشريعي للضرائب في اليمن

يخضع النظام الضريبي اليمني لمجموعة من القوانين والتشريعات التي صدرت منذ توحيد البلاد عام 1990. ويُعتبر “قانون الضرائب العامة على الدخل رقم 17 لسنة 2010” من أهم القوانين الناظمة للضرائب في اليمن، بالإضافة إلى قوانين أخرى مثل قانون الضرائب على المبيعات وقانون الجمارك. كما توجد قرارات وزارية ولوائح تنفيذية تُكمل القوانين وتُحدد تفاصيل الإجراءات.

تُشرف الهيئة العامة للضرائب على إدارة وتحصيل الضرائب، بينما تُشرف الهيئة العامة للجمارك على الرسوم الجمركية. وتعمل كل من الهيئتين بالتعاون مع وزارة المالية، وتُعدان من الأجهزة المركزية في النظام المالي للدولة.

أنواع الضرائب في اليمن

أولاً: الضرائب المباشرة

تشمل الضرائب المباشرة تلك التي تُفرض مباشرة على دخل الأفراد أو أرباح الشركات، وتُدفع من قبل المكلف إلى الدولة دون وسيط.

1. ضريبة الدخل على الأفراد

تُفرض ضريبة الدخل على الأفراد الذين يمارسون نشاطاً تجارياً أو مهنياً. وتنص التشريعات اليمنية على أن جميع المواطنين والمقيمين الذين يحققون دخلاً سنوياً يتجاوز حدًا معينًا ملزمون بدفع هذه الضريبة.

• الشرائح الضريبية: تختلف بحسب قيمة الدخل. ويبدأ الإعفاء الضريبي من دخل معين، ثم تزداد النسبة تدريجياً.

• الدخل الخاضع للضريبة: يشمل الأجور، الرواتب، الأرباح التجارية، أرباح المهن الحرة، وأي دخل آخر يتحقق داخل الجمهورية اليمنية.

2. ضريبة أرباح الشركات

تُفرض على أرباح الشركات والمؤسسات التجارية والصناعية والخدمية. وتُحسب على أساس صافي الربح السنوي بعد خصم المصروفات والتكاليف المقبولة ضريبياً.

• نسبة الضريبة: تصل إلى 20% من صافي الربح.

• الإعفاءات: بعض الشركات التي تستثمر في مناطق نائية أو في قطاعات استراتيجية مثل الزراعة والطاقة قد تحصل على إعفاءات ضريبية جزئية أو كلية.

3. ضريبة العقارات

تُفرض هذه الضريبة على دخل الإيجارات من العقارات السكنية أو التجارية. ويُطلب من المؤجرين تسجيل عقود الإيجار ودفع النسبة المقررة من الدخل الناتج عن التأجير.

4. ضريبة الأرباح الرأسمالية

تُفرض على الأرباح الناتجة عن بيع الأصول مثل الأراضي والعقارات والأسهم. وتُحسب النسبة الضريبية على أساس الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء بعد خصم التكاليف.

ثانياً: الضرائب غير المباشرة

الضرائب غير المباشرة تُفرض على الإنفاق أو الاستهلاك، وتُحصّل عند نقطة البيع أو الإنتاج.

1. ضريبة المبيعات

تُعد من أهم الضرائب غير المباشرة في اليمن، وتُفرض على السلع والخدمات التي تُباع داخل البلاد.

• النسبة العامة: 5% على معظم السلع، وقد تصل إلى 10% أو أكثر في بعض السلع الكمالية أو الاستهلاكية.

• السلع المعفاة: تشمل الأدوية، المعدات الطبية، وبعض المواد الغذائية الأساسية.

2. الضريبة الانتقائية

تُفرض على بعض السلع التي تُعد ضارة بالصحة أو البيئة، مثل التبغ، المشروبات الغازية، والمشروبات الكحولية (في المناطق التي يُسمح بها قانونًا).

3. الضرائب الجمركية

تشمل الرسوم التي تُفرض على السلع المستوردة إلى اليمن. وتُعتبر من أهم مصادر الإيرادات غير المباشرة، خاصة مع ضعف النظام الداخلي للتحصيل الضريبي.

• نسبة الضريبة الجمركية: تختلف بحسب نوع السلعة، وتبدأ من 5% وتصل في بعض الحالات إلى 25%.

• الإعفاءات الجمركية: بعض المواد الأولية التي تدخل في الصناعات الإنتاجية المحلية تُعفى جزئياً أو كلياً من الرسوم الجمركية.

ثالثاً: الضرائب النوعية

وتشمل الضرائب التي تُفرض على أنشطة أو قطاعات محددة وتختلف من حيث طبيعتها وطريقة احتسابها.

1. ضريبة المهن الحرة

تُفرض على الأطباء، المحامين، المهندسين، المحاسبين وغيرهم من أصحاب المهن الذين يمارسون عملهم بشكل مستقل. ويتم احتسابها على أساس الدخل الصافي السنوي.

2. ضريبة النشاط التجاري

تُفرض على المحال التجارية والأسواق والمراكز التجارية، وتُحسب استناداً إلى حجم النشاط ومكان العمل ونوع السلعة أو الخدمة المقدمة.

3. ضريبة التعدين والمحاجر

تُفرض على الشركات أو الأفراد العاملين في استخراج المعادن والمواد الأولية مثل الذهب، الأحجار، الرخام، الجبس وغيرها.

4. الضرائب البيئية

تبدأ هذه الضرائب بالظهور كجزء من التوجه نحو حماية البيئة، وتُفرض على الأنشطة التي تنتج تلوثاً أو تستخدم موارد بيئية بشكل مفرط، مثل مصانع الأسمنت، مصافي النفط، وشركات التنقيب.

الجدول التالي يوضح تصنيف أنواع الضرائب في اليمن:

التحديات التي تواجه النظام الضريبي في اليمن

رغم وجود هيكل تنظيمي وتشريعي واضح نسبياً، إلا أن النظام الضريبي اليمني يعاني من عدد من التحديات التي تُعيق قدرته على تحقيق كفاءة التحصيل وعدالة التوزيع. من أبرز هذه التحديات:

1. الانقسام السياسي والإداري: أدى النزاع المسلح والانقسام بين الحكومة الشرعية والسلطات الأخرى إلى وجود أنظمة مزدوجة للتحصيل الضريبي في بعض المناطق.

2. الفساد الإداري والمالي: يُشكل الفساد تحدياً كبيراً يحدّ من كفاءة إدارة الضرائب، سواء من حيث التقييم أو التحصيل أو الرقابة.

3. ضعف الوعي الضريبي: يُعاني الكثير من الأفراد والشركات من ضعف في الفهم الضريبي، مما يؤدي إلى التهرب الضريبي.

4. قصور التكنولوجيا والرقمنة: ما زالت معظم عمليات التقييم والتحصيل تعتمد على الوسائل اليدوية، مما يزيد من فرص الخطأ والفساد.

5. ضعف الحوافز للمكلفين: لا توجد سياسة فعالة لتقديم الحوافز الضريبية أو مكافأة المكلفين الملتزمين، مما يُضعف من الامتثال الطوعي.

الإصلاحات المقترحة لتحسين النظام الضريبي

إن تطوير النظام الضريبي في اليمن يتطلب رؤية شاملة وإرادة سياسية قوية، بالإضافة إلى مجموعة من الخطوات التقنية والإدارية، ومن أبرزها:

• تحديث القوانين الضريبية لتتماشى مع المعايير الدولية، مع الأخذ في الاعتبار خصوصية الاقتصاد اليمني.

• رقمنة النظام الضريبي عبر إنشاء نظام موحد إلكتروني يربط بين الجهات المختلفة ويُسهّل عمليات التسجيل والتحصيل.

• تعزيز الشفافية والمساءلة عبر الرقابة على أداء موظفي الضرائب، ومكافحة التهرب والفساد.

• توعية المجتمع الضريبي من خلال حملات إعلامية وتثقيفية توضح أهمية الضرائب ودورها في تنمية الخدمات.

• تطبيق مبدأ العدالة الضريبية بحيث تتوزع الأعباء الضريبية وفقاً للقدرة المالية لكل فئة من المكلفين.

الخاتمة

الضرائب في اليمن تمثل عنصرًا مركزيًا في تمويل الدولة، لكنها تتطلب إصلاحًا عميقًا لضمان فعاليتها وعدالتها. يشكل تنويع الضرائب والتوسع في قاعدة المكلفين مع تعزيز الإدارة الضريبية والإصلاح المؤسسي خطوات ضرورية للنهوض بهذا القطاع. ورغم التحديات القائمة، فإن بناء نظام ضريبي عادل وشفاف يُعد ضرورة استراتيجية للنهوض الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في اليمن.

المراجع:

1. قانون الضرائب العامة على الدخل رقم 17 لسنة 2010 – وزارة الشؤون القانونية اليمنية.

2. تقرير البنك الدولي حول اليمن: إطار الإيرادات العامة وأثر النزاع على النظام المالي، 2021.