متى يبدأ الطفل الجلوس؟

متى يبدأ الطفل الجلوس؟

يعد الجلوس أحد المهارات الحركية الأساسية التي يكتسبها الطفل في مراحل نموه المبكرة. يتساءل العديد من الآباء عن الموعد المناسب الذي يبدأ فيه الطفل الجلوس بشكل مستقيم، وهو سؤال مهم لأن هذه المرحلة تعتبر من المعالم الهامة في النمو الحركي للطفل. تتيح القدرة على الجلوس للطفل فرصة لاستكشاف محيطه بشكل أفضل وتعلم المهارات الحركية التي ستساعده في المراحل اللاحقة من تطوره مثل المشي والركض.

مراحل تطور الجلوس لدى الطفل

من المعروف أن الطفل يبدأ في اكتساب المهارات الحركية بشكل تدريجي ومنظم. عملية تعلم الجلوس ليست حدثًا مفاجئًا بل هي عملية تتضمن عدة مراحل، وكل مرحلة تعتمد على المهارات السابقة التي اكتسبها الطفل. من هنا، تبدأ رحلة الطفل نحو الجلوس من لحظة ولادته، وتزداد تدريجيًا مع تقدم الوقت.

1. مرحلة الولادة حتى ثلاثة أشهر

عند الولادة، يظل الطفل في وضعية الانحناء، حيث تكون عضلاته لا تزال ضعيفة وغير قادرة على تحمل وزن الجسم بشكل مستقر. في هذه المرحلة، يعتمد الطفل كليًا على الدعم الخارجي مثل الأيدي أو الوسائد.

2. من ثلاثة إلى ستة أشهر

في هذه الفترة، تبدأ عضلات الرقبة والظهر في التصلب بشكل تدريجي. يبدأ الطفل في رفع رأسه خلال النوم على بطنه، مما يعد علامة على أن العضلات المسؤولة عن التوازن والتنسيق الحركي تبدأ في التطور. على الرغم من أن الطفل لا يستطيع الجلوس بمفرده بعد، إلا أنه قد يظهر بعض المحاولات في دعم نفسه باستخدام يديه عندما يتم وضعه في وضع الجلوس.

3. من ستة إلى ثمانية أشهر

بحلول نهاية هذه الفترة، يبدأ الطفل في اكتساب قدرة أكبر على التحكم في جسده. يستطيع الطفل، في هذا العمر، الجلوس بمساعدة دعم خفيف مثل دعم اليد أو الوسادة. وفي العديد من الحالات، يمكن للأطفال في هذه المرحلة الجلوس بمفردهم لبضع لحظات قبل أن ينهاروا أو يسقطوا.

4. من ثمانية إلى 12 شهرًا

في هذا الوقت، يصبح الطفل أكثر قدرة على الجلوس بشكل ثابت ومستقل لفترات أطول. تبدأ العضلات المسؤولة عن التوازن والتنسيق في تقوية نفسها، مما يسمح للطفل بالجلوس دون الحاجة إلى دعم. في هذه المرحلة، يبدأ الطفل في تحريك يديه وقدميه بشكل أكثر سيطرة، ويكتسب القدرة على الانحناء للأمام أو للجانب للوصول إلى الأشياء.

5. بعد 12 شهرًا

في هذه المرحلة، يصبح الطفل قادرًا على الجلوس بشكل ثابت لعدة دقائق دون الحاجة إلى أي دعم. يصبح الطفل أكثر مرونة في تحريك جسده في الاتجاهات المختلفة. يستطيع الطفل أيضًا أن يتنقل من وضعية الجلوس إلى وضعيات أخرى مثل الزحف أو الوقوف أو حتى المشي.

العوامل المؤثرة في بداية الجلوس

توجد عدة عوامل يمكن أن تؤثر في توقيت البداية التي يبدأ فيها الطفل الجلوس بشكل مستقل. من بين هذه العوامل:

1. التطور الجسدي للطفل

بعض الأطفال يتطورون أسرع من غيرهم. قد يكون لديهم قوة عضلية أكبر في الرقبة والظهر تساعدهم على الجلوس في وقت مبكر. بينما قد يحتاج آخرون إلى مزيد من الوقت لتقوية هذه العضلات. فالتطور الجسدي يختلف بين الأطفال ويجب على الآباء أن يتقبلوا هذا الاختلاف.

2. التغذية

تلعب التغذية دورًا كبيرًا في نمو الطفل بشكل عام، بما في ذلك تطور العضلات والعظام. الأطفال الذين يتلقون تغذية جيدة، بما في ذلك الكميات المناسبة من البروتينات والفيتامينات والمعادن، قد يظهرون تحسنًا أسرع في اكتساب المهارات الحركية.

3. الوقت المخصص للنشاط البدني

يشجع تحفيز الطفل على اللعب والنشاط البدني على تعزيز نمو العضلات بشكل أسرع. يمكن للألعاب التي تشجع الطفل على التمدد، مثل اللعب على البطن أو المحاولة للوصول إلى الألعاب، أن تحسن من قوة عضلاته وتساعده على الجلوس بشكل أسرع.

4. التفاعل مع البيئة

قد تتأثر قدرة الطفل على الجلوس بتفاعله مع محيطه. الطفل الذي يتمتع بالفرصة لاستكشاف محيطه في بيئة آمنة، من خلال مراقبة والديه أو الأشخاص المحيطين به، قد يتعلم أسرع من الأطفال الذين لا يحصلون على نفس المستوى من التفاعل والتحفيز.

علامات استعداد الطفل للجلوس

هناك عدة علامات يمكن أن تلاحظها الأم تشير إلى استعداد الطفل للجلوس، وهذه العلامات تتضمن:

• رفع الرأس: إذا كان الطفل قادرًا على رفع رأسه أثناء النوم على بطنه، فهذا يشير إلى أن عضلاته قادرة على التحكم في رأسه، وهي خطوة مهمة نحو الجلوس.

• التوازن: الطفل الذي يظهر قدرة على الجلوس لفترات قصيرة أو يوازن جسمه عند محاولته الجلوس بدون دعم سيكون أكثر استعدادًا للجلوس بشكل كامل.

• التحكم في اليدين: قدرة الطفل على استخدام يديه بشكل متقن يمكن أن تشير إلى استعداده للجلوس، حيث تساعد اليدان في الحفاظ على التوازن عند الجلوس.

• التفاعل الاجتماعي: الطفل الذي يبدأ في إظهار تفاعلات اجتماعية مع الأشخاص من حوله من خلال الابتسامات أو التحديق في محيطه قد يظهر في وقت مبكر استعدادًا للجلوس.

العوامل التي قد تؤخر الجلوس

بينما يكون معظم الأطفال قادرين على الجلوس بشكل مستقل بين عمر 6 إلى 9 أشهر، هناك بعض العوامل التي قد تؤخر هذا التطور. من بين هذه العوامل:

• التأخر في النمو الحركي: بعض الأطفال قد يواجهون تأخرًا في اكتساب المهارات الحركية بسبب ظروف صحية مثل ضعف العضلات أو المشكلات العصبية.

• قلة النشاط البدني: الأطفال الذين لا يتم تشجيعهم على اللعب والنشاط البدني قد يعانون من تأخر في تقوية عضلاتهم الحركية الضرورية للجلوس.

• الأسرة: إذا لم يتوفر للطفل بيئة آمنة وملائمة لاكتساب المهارات الحركية، مثل الأثاث غير المناسب أو الظروف غير الملائمة، قد يؤدي ذلك إلى تأخر اكتساب المهارات الحركية.

كيفية مساعدة الطفل على الجلوس بشكل أسرع

يمكن للآباء أن يساعدوا الطفل في هذه المرحلة من تطوره من خلال بعض الأنشطة والتمارين التي تعزز من تقوية عضلاته. من بين هذه الأنشطة:

• الوقت على البطن: من خلال وضع الطفل على بطنه لفترات قصيرة كل يوم، فإنه سيتعلم تقوية عضلات الرقبة والظهر، مما يسهل عليه الجلوس لاحقًا.

• استخدام الألعاب: الألعاب التي يمكن للطفل أن يصل إليها وهو في وضع الجلوس يمكن أن تشجعه على استخدام يديه للحفاظ على توازنه.

• التفاعل الاجتماعي: التفاعل مع الطفل من خلال التشجيع والمساعدة على الجلوس يمكن أن يزيد من ثقته في نفسه ويحفزه للقيام بالخطوة التالية في تطوره الحركي.

• الحفاظ على الوضعية الصحيحة: تأكد من أن الطفل يجلس بشكل صحيح عند القيام بأي نشاط، لأن الوضعية السليمة تساعد على تحسين تطور العضلات.

الخلاصة

تعد مرحلة الجلوس جزءًا مهمًا في تطور الطفل الحركي، وتشير إلى بداية قدرة الطفل على التحكم بشكل أفضل في جسده. لكن التوقيت الذي يبدأ فيه الطفل الجلوس يختلف من طفل إلى آخر، ويتأثر بعدد من العوامل الجسدية والبيئية. مع الدعم الصحيح والتفاعل الاجتماعي، يمكن للأطفال تعلم الجلوس بشكل آمن وفي الوقت المناسب، مما يفتح لهم بابًا للاستكشاف واللعب بشكل أفضل.