في أعقاب نهاية الحرب الباردة، تحملت الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية هائلة وغير سهلة، حيث كان على قادتها تحديد الطريق في بيئة غير مستكشفة تمامًا، مسعيين إلى تحديد وجهة لم تكن واضحة تمامًا منذ البداية. كانت هذه المهمة أكثر تعقيدًا من بيئة الحرب الباردة، حيث كانت أقل قابلية للتقدير وأقل قابلية للتحكم. وفي هذا السياق، يظهر الاهتمام الأمريكي البارز في أمان القارة الأوروبية كهدف استراتيجي غير قابل للتحول.
في إدارة الرئيس كلينتون، كانت الولايات المتحدة تسعى إلى الإبقاء على التزامها والحفاظ على وجودها في النظام الجيواستراتيجي الذي يمثله نظام أمان أوروبا بعد انتهاء الحرب الباردة. ويتطلب تفسير هذا الاختيار الاستناد إلى تحليل يبرز الاعتبارات الاستراتيجية التي تخضع لصيرورة تاريخية، ولا تقتصر على تداعيات نهاية الحرب الباردة، بل تتكيف مع مستجدات عالم يختلف تمامًا عن عالم الحرب الباردة.
تركز سياسة الخارجية الأمريكية في هذه المرحلة على إعادة تأسيس الرابطة الأطلسية، من خلال إعادة بناء علاقات جيوسياسية متجددة. يقوم هذا الإعادة تأسيس على مبدأ القيادة، حيث يتعين على القوة الفاعلة أن تمتلك مشروعية لجمع الآخرين في منظومة جماعية. كما يسعى النظام الأمريكي إلى تشجيع دور الشراكة، حيث يتحمل الآخرون أعباءًا ويشاركون في تحقيق أهداف مشتركة. يُسمح للشركاء بالمبادرة والمشاركة في تحديد مسار التعاون، مع الحفاظ على الحق في اللعب دور شراكة ينصب عند الحاجة، وذلك من أجل تجنب أي تحرك يمكن أن يشكل تهديدًا للتفوق والريادة.
تأتي هذه الدراسة لاستكشاف أهم جوانب الهندسة الأمنية الجديدة التي سعت واشنطن لبناءها بعد انتهاء الحرب الباردة. تسلط الضوء على السعي إلى إقامة نظام قاري يمتد من فانكوفر إلى فلاديفوستوك، يشمل بالكامل القارة الأوروبية. يُظهر الكتاب تفاصيل وتحليلات متعمقة حول هذه التحولات الاستراتيجية، مما يجعله أحد القراء الضروريين في ميدان السياسة الدولية. يمتد الكتاب على 748 صفحة، ويتم نشره تحت إشراف منشورات زين الحقوقية، ويتميز بغلاف كرتوني فاخر. يصنف هذا الكتاب ضمن فئة الكتب السياسية، تحديدًا في فرع السياسة الدولية، ويقدم معلومات غنية وشاملة تجعله لا غنى عنه لفهم التحولات السياسية والاستراتيجية في مرحلة مهمة من تاريخ العلاقات الدولية.