أحكام التجويد في الممتحنة

أحكام التجويد في سورة الممتحنة

تعد سورة الممتحنة واحدة من السور المدنية التي تحمل بين طياتها العديد من الأحكام والمواعظ التي تنظم علاقة المسلم بغير المسلمين، وتحدّثت عن بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالولاء والبراء، إضافة إلى الحديث عن بعض الأوضاع الاجتماعية والإنسانية التي كانت سائدة في تلك الفترة. ومع ذلك، فإن هذه السورة لا تقتصر على المعاني والمفاهيم، بل تتضمن أيضًا أهمية كبيرة في علم التجويد، حيث تتضمن العديد من الأحكام التي يجب على القارئ الإلمام بها لضمان قراءة السورة بشكل صحيح وفقًا لقواعد علم التجويد.

تعريف التجويد وأهميته

قبل الخوض في أحكام التجويد المتعلقة بسورة الممتحنة، يجب أن نعرف معنى التجويد. التجويد هو فن قراءة القرآن الكريم، ويتمثل في إتقان النطق بالكلمات القرآنية، مع مراعاة الحروف وحركاتها، وأماكن الوقف، ومدّ الصوت، وغير ذلك من القواعد التي تعين على النطق الصحيح للآيات القرآنية. الهدف من التجويد هو الحفاظ على لحن القرآن كما نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ومن الأهمية بمكان أن نعلم أن تعلم التجويد ليس محصورًا في تلاوة القرآن فقط، بل هو مهم لفهم المعاني بشكل دقيق، إذ أن تغير نطق حرف أو خطأ في قراءة بعض الأحكام يمكن أن يؤدي إلى تغيير المعنى. وبالتالي، يعتبر تعلم التجويد من الأمور الضرورية لكل مسلم ومسلمة يسعى لقراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه بشكل صحيح.

السياق العام لسورة الممتحنة

سورة الممتحنة هي السورة رقم 60 في القرآن الكريم، وهي من السور المدنية التي نزلت بعد الهجرة. تتناول السورة العديد من القضايا المهمة التي تتعلق بالعلاقات بين المسلمين وغير المسلمين، وتركز بشكل خاص على ضرورة الحفاظ على الولاء للإسلام مع الحفاظ على حقوق الآخرين في حالة وجود علاقات اجتماعية أو تجارية مع غير المسلمين. يتضمن النص القرآني كذلك توجيهات للمسلمين حول كيفية التعامل مع الأعداء في سياقات متعددة.

أهم أحكام التجويد في سورة الممتحنة

فيما يلي نستعرض بعضًا من أبرز أحكام التجويد التي تتضمنها سورة الممتحنة. هذه الأحكام تمثل بعض القواعد المهمة التي يجب أن يتم الالتزام بها من أجل قراءة السورة بشكل صحيح.

1. الإخفاء

الإخفاء هو أحد الأحكام الأساسية في التجويد التي تبرز بشكل واضح في سورة الممتحنة. يحدث الإخفاء عندما يأتي حرف من حروف الإخفاء بعد حرف من حروف المد أو بعد الحروف الساكنة. يتطلب الإخفاء إخفاء الصوت بشكل جزئي مع الإتيان به بصورة واضحة.

في سورة الممتحنة، نلاحظ في آية “يُحِبُّونَ” (الآية 8) أن حرف “ي” يأتي بعد حرف الحاء المجهور، وهذا يؤدي إلى إخفاء الحروف المجهورة جزئيًا عند النطق بها. يتطلب ذلك الحفاظ على نبرة الصوت بحيث لا يكون غليظًا أو ضعيفًا.

2. المد

المد هو إطالة الصوت في الحروف المدية التي تظهر في بعض كلمات القرآن. وتظهر أحكام المد بوضوح في سورة الممتحنة في عدة أماكن. المد يكون في صورتين رئيسيتين: المد الطبيعي والمد الفرعي.

في السورة، مثلًا، في كلمة “فَجَاءَكُمُ” (الآية 9) يظهر المد العارض للسكون، حيث يتم المد بحرف “الواو” في الكلمة.

أنواع المد التي يمكن أن تلاحظ في السورة:

• المد الطبيعي: ويشمل الألف والواو والياء المدية في الكلمات. يظهر مثلًا في كلمة “الْحَقُّ” (الآية 1).

• المد العارض للسكون: كما في كلمة “أَمَرَ” في الآية 9.

3. الإظهار

الإظهار هو نطق الحروف بأصوات واضحة دون إخفاء أو غنة. ويحدث ذلك عندما يأتي حرف من حروف الإظهار بعد حرف متحرك أو ساكن.

في سورة الممتحنة، هناك العديد من المواضع التي يظهر فيها حرف القاف، مثل “قُولُوا” (الآية 1). من المهم أن نلاحظ أن حرف القاف في هذه الكلمة يظهر بوضوح من دون إخفاء أو غنة.

4. التفخيم والترقيق

يجب أن نميز بين التفخيم والترقيق في قراءة القرآن الكريم. التفخيم هو رفع الصوت في الحروف الثقيلة مثل: “ص”، “ط”، “ق”، وغيرها، في حين أن الترقيق يكون في الحروف الرقيقة مثل: “ي”، “ر”، “ل”.

في سورة الممتحنة، مثلًا، نجد أن كلمة “وَرَحْمَتُهُ” في الآية 5 تحتاج إلى التفخيم في حرف “ر”، مما يضفي لها نغمة قوية في القراءة.

5. القلقلة

القلقلة هي ظاهرة صوتية تحدث عند النطق بالحروف القلقلة (ق، ط، ب، ج، د). ويجب أن يتم نطقها بحركة قوية، حيث يظهر في القرآن صوت هذه الحروف بشكل مميز. وفي سورة الممتحنة، نجد أن حرف “ق” يظهر بوضوح في العديد من الكلمات مثل “قَالَ” و”قُولُوا” مع ضرورة إظهار القلقلة فيها عند قراءتها.

6. الغنة

الغنة هي الصوت الذي يصدر عن الأنف عندما تقرأ بعض الحروف بطريقة خاصة. وغالبًا ما تحدث الغنة في الحروف التي تخرج من الأنف مثل “م” و”ن” عند النطق في كلمات مثل “مَعَ” (الآية 7) و”نَبَذُوا” (الآية 9). من الضروري التنبّه إلى الغنة وعدم التقليل من الصوت عند هذه الحروف.

7. الوقف والابتداء

من الأحكام التي يجب مراعاتها في سورة الممتحنة هي الوقف والابتداء. يجب أن يكون القارئ على دراية بكيفية الوقف عند نهايات الآيات، وخاصة في الكلمات التي تحتوي على حرف “لام” مثل “الْحَقُّ” في الآية 1. بعض الأماكن في السورة تستدعي الوقف التام أو الوقف الكافي، ويجب معرفة متى يُوقف القارئ في مكان مناسب من أجل التدبر الصحيح للآيات.

8. المدود في القرآن

تظهر في سورة الممتحنة العديد من المدود التي يجب أن تُقرأ بترتيب ونطق صحيحين. المد الفرعي الذي يظهر في سورة الممتحنة مثل “الْحَقُّ” (الآية 1) يتطلب إطالة الصوت على الحروف المدية بشكل مناسب دون إسراف.

9. الإدغام

الإدغام هو دمج الحروف التي تأتي في الكلمات المتتالية بحيث يتم النطق بهما معًا بشكل سلس. في سورة الممتحنة نجد بعض الأمثلة مثل “مُّتَّبِعِينَ” (الآية 9)، حيث يتم إدغام “م” مع “ت”.

الخاتمة

تعد سورة الممتحنة من السور التي تتضمن العديد من الأحكام التجويدية التي يجب على المسلم أن يتعلمها ويطبقها عند قراءته للقرآن الكريم. تشمل هذه الأحكام المد والإخفاء والقلقلة والإظهار وغيرها من القواعد التي تساهم في تحسين التلاوة وضمان نطق القرآن بطريقة صحيحة.