أكبر دول مصدرة للغاز الطبيعي

أكبر 10 دول مصدرة للغاز الطبيعي في العالم

يُعد الغاز الطبيعي من أهم مصادر الطاقة في القرن الحادي والعشرين، إذ يلعب دوراً مركزياً في توليد الكهرباء، وتدفئة المنازل، وتشغيل المصانع، بالإضافة إلى استخداماته المتعددة في الصناعات الكيميائية والبتروكيماوية. ونتيجة للطلب العالمي المتزايد على مصادر الطاقة الأنظف والأكثر كفاءة، أصبح الغاز الطبيعي عنصراً استراتيجياً في السياسات الاقتصادية والجيواستراتيجية للعديد من الدول.

تُعتبر صادرات الغاز الطبيعي أحد أهم المؤشرات على قوة البنية التحتية لقطاع الطاقة في أي بلد، وتوفر صورة واضحة عن القدرة الإنتاجية، والسيطرة على الموارد، وتنوع طرق التصدير سواء عبر خطوط الأنابيب أو الغاز الطبيعي المسال (LNG). وفيما يلي عرض شامل لأكبر عشر دول مصدّرة للغاز الطبيعي في العالم، استناداً إلى أحدث البيانات الخاصة بالصادرات السنوية من الغاز الطبيعي سواء عبر الأنابيب أو بصيغته المسالة.

1. روسيا

رغم التغيرات الجيوسياسية الكبيرة التي شهدها العالم منذ عام 2022، تظل روسيا واحدة من أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي. تمتلك روسيا ثاني أكبر احتياطي مؤكد من الغاز الطبيعي بعد إيران، وقد طورت شبكة كثيفة من خطوط الأنابيب أبرزها “نورد ستريم” و”يامال”، والتي تنقل الغاز إلى أوروبا. قبل العقوبات الغربية الأخيرة، كانت روسيا تصدر أكثر من 200 مليار متر مكعب سنوياً عبر الأنابيب، بالإضافة إلى مليارات الأمتار المكعبة من الغاز المسال.

تعتمد صادرات روسيا بشكل رئيسي على شركة “غازبروم”، وهي أكبر شركة غاز في العالم، وتعتبر ذراع الدولة الاستراتيجية في قطاع الطاقة. ومع تطور العقوبات الغربية على موسكو، بدأت روسيا في توسيع صادراتها نحو آسيا، خصوصاً الصين، عبر مشروع “قوة سيبيريا”.

2. الولايات المتحدة الأمريكية

منذ ثورة النفط والغاز الصخري، تحولت الولايات المتحدة إلى قوة طاقة عظمى، وأصبحت أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم منذ عام 2022. تجاوزت صادرات الغاز الأمريكي 140 مليار متر مكعب سنوياً، معظمها من خلال محطات التسييل في خليج المكسيك، مثل “سابين باس” و”فريبورت”.

تشحن الولايات المتحدة الغاز إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية بشكل رئيسي، وتلعب دوراً استراتيجياً في تعويض النقص الناتج عن تقليص صادرات روسيا إلى أوروبا. وتُعد هذه الطفرة في التصدير تحولاً جذرياً في سوق الطاقة العالمي، إذ أصبحت واشنطن قادرة على التأثير في أسعار الغاز العالمية بفضل قدراتها اللوجستية والتكنولوجية.

3. قطر

تحتل قطر موقعاً رائداً في سوق الغاز الطبيعي المسال، وهي من أوائل الدول التي استثمرت في تقنيات تسييل الغاز بكفاءة عالية. يبلغ حجم صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال أكثر من 110 مليار متر مكعب سنوياً، وتُرسل هذه الكميات إلى آسيا وأوروبا من خلال ميناء راس لفان.

يمثل مشروع “قطرغاز” محور صادرات الدولة، ويعتمد على احتياطيات ضخمة في حقل الشمال، الذي يُعد الأكبر في العالم والمشترك مع إيران. وتخطط الدوحة لزيادة قدرتها التصديرية بشكل كبير عبر مشاريع توسعة جديدة ستجعلها في الصدارة مجدداً بحلول 2026.

4. النرويج

تُعد النرويج أحد أهم مزودي أوروبا بالغاز الطبيعي، وتصدر أكثر من 110 مليار متر مكعب سنوياً، ما يجعلها من أبرز الدول المصدرة للغاز عبر الأنابيب. تستفيد النرويج من موقعها الجغرافي القريب من الأسواق الأوروبية، ومن بنية تحتية متطورة تشمل شبكة خطوط أنابيب بحرية ضخمة مثل “ترول” و”أورمن لانج”.

تتميز النرويج ببيئة تنظيمية مستقرة وشفافة، وتستثمر في تطوير مصادر طاقة منخفضة الانبعاثات، مما يمنحها ميزة تنافسية في الأسواق الأوروبية الباحثة عن طاقة أنظف وأكثر استدامة.

5. أستراليا

تتمتع أستراليا بقدرات هائلة في تصدير الغاز الطبيعي المسال، وتحتل مكانة متقدمة ضمن الدول الأكثر تصديراً، بحجم صادرات يتجاوز 100 مليار متر مكعب سنوياً. تمتلك البلاد عدداً من محطات التسييل الكبرى مثل “غلواد” و”بلوتو” و”ويتنستون”، وتصدر معظم إنتاجها إلى أسواق آسيا، وخاصة اليابان وكوريا الجنوبية والصين.

تُعد أستراليا مثالاً على الاستثمار طويل الأمد في البنية التحتية للغاز، وقد عززت مكانتها في السوق من خلال مشاريع شراكة مع شركات طاقة عالمية مثل شل وإكسون موبيل.

6. الجزائر

تعتبر الجزائر من أبرز الدول المصدرة للغاز الطبيعي في أفريقيا والعالم العربي، وتصدر نحو 50 مليار متر مكعب سنوياً عبر مزيج من الأنابيب والغاز المسال. تتجه معظم صادراتها إلى أوروبا عبر خطوط “ميدغاز” و”ترانسميد” التي تمر عبر إسبانيا وإيطاليا.

تُعد سوناطراك، الشركة الوطنية الجزائرية، المحرك الرئيسي لصادرات البلاد من الغاز، وتعمل على تطوير مشاريع جديدة لتعزيز الإنتاج، خصوصاً مع تزايد الطلب الأوروبي بعد تراجع الاعتماد على الغاز الروسي.

7. كندا

رغم امتلاكها لاحتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي، فإن صادرات كندا تظل موجهة بشكل رئيسي إلى الولايات المتحدة عبر شبكة أنابيب ضخمة. تُصدر كندا أكثر من 45 مليار متر مكعب سنوياً، وتسعى إلى تطوير قطاع الغاز الطبيعي المسال لتوسيع أسواق التصدير نحو آسيا وأوروبا.

وتُعد ألبرتا أكبر مقاطعة منتجة للغاز، فيما تعمل الحكومة الكندية على دعم مشاريع التسييل على الساحل الغربي للبلاد.

8. تركمانستان

تحتل تركمانستان مكانة مهمة في آسيا الوسطى، وتصدر نحو 40 مليار متر مكعب سنوياً، معظمها إلى الصين عبر خط أنابيب الغاز آسيا الوسطى-الصين. تعتمد البلاد على حقل “غالكينيش”، أحد أكبر الحقول في العالم، وتخطط لتوسيع صادراتها إلى دول أخرى مثل الهند وباكستان عبر مشاريع طموحة كخط “تابي”.

9. ماليزيا

تُعد ماليزيا من أبرز الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في منطقة جنوب شرق آسيا، بصادرات تقارب 35 مليار متر مكعب سنوياً. تستفيد من بنيتها التحتية المتقدمة ومحطاتها التسييلية مثل “بنتولو” و”كيمانغ”، وتُصدّر بشكل رئيسي إلى اليابان وكوريا الجنوبية والصين.

تدير شركة “بتروناس” معظم صادرات الغاز، وتستثمر بشكل متواصل في التنقيب والإنتاج لتعزيز قدرتها التصديرية في ظل المنافسة الإقليمية المتزايدة.

10. إيران

رغم امتلاكها لأكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، فإن صادرات إيران تظل محدودة نسبياً، وتبلغ حوالي 20 إلى 25 مليار متر مكعب سنوياً، تُنقل في معظمها إلى تركيا والعراق عبر خطوط أنابيب. تعيق العقوبات الاقتصادية الدولية قدرة إيران على تطوير مشاريع الغاز المسال وتوسيع أسواق التصدير.

مع ذلك، تمتلك إيران إمكانيات ضخمة غير مستغلة بشكل كافٍ، وتُعد شريكاً محتملاً واعداً في حال تخفيف العقوبات أو التوصل إلى تفاهمات دولية جديدة.

جدول يوضح صادرات الغاز الطبيعي لأكبر 10 دول (بالمليار متر مكعب سنوياً)

التوجهات المستقبلية في سوق تصدير الغاز الطبيعي

تشير التوجهات المستقبلية إلى زيادة الاعتماد العالمي على الغاز الطبيعي كوسيط انتقال نحو طاقات أنظف. ومع ذلك، فإن هذا القطاع يشهد منافسة شرسة بين الدول المصدّرة، وسباقاً على بناء وتطوير البنية التحتية للتسييل والنقل. الدول التي تستثمر في التكنولوجيا والبنية اللوجستية سيكون لها السبق في الهيمنة على الأسواق العالمية.

كما أن التحديات الجيوسياسية، والتغيرات في السياسات البيئية العالمية، تلعب دوراً حاسماً في إعادة تشكيل خريطة صادرات الغاز، مما يستدعي من الدول المنتجة اعتماد استراتيجيات مرنة ومتقدمة لمواكبة التحولات المتسارعة في هذا القطاع الحساس.

المراجع:

1. International Energy Agency (IEA) – Natural Gas Market Review

2. BP Statistical Review of World Energy 2023