أكثر 10 شعوب مستهلكة للسكر في العالم

السكر، تلك المادة البيضاء الحلوة التي تدخل في تفاصيل حياتنا اليومية، يمثل أحد أهم المكونات الغذائية التي يستخدمها البشر في تحلية الأطعمة والمشروبات، إضافة إلى دوره الكبير في الصناعات الغذائية المختلفة. رغم فوائده كمصدر سريع للطاقة، فإن الإفراط في استهلاك السكر أصبح مصدر قلق صحي عالمي، حيث يرتبط بظهور أمراض مزمنة مثل السكري والسمنة وأمراض القلب. وفي ظل هذا الواقع، تختلف معدلات استهلاك السكر من دولة لأخرى بناءً على عوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية. نستعرض في هذا المقال تحليلًا مفصلاً عن أكثر عشر شعوب مستهلكة للسكر في العالم، مع التعرف على الأسباب التي تساهم في ارتفاع استهلاك السكر في هذه البلدان وأثر ذلك على صحة المجتمعات.

طبيعة استهلاك السكر وأهميته

السكر هو مركب كيميائي ينتمي إلى الكربوهيدرات البسيطة، ويوجد طبيعيًا في العديد من الأطعمة مثل الفواكه والحبوب، لكنه يدخل أيضًا في صورة سكر مكرر يضاف إلى المشروبات والأطعمة المصنعة. يعد السكر مصدرًا سريع الامتصاص للطاقة، ما يجعله عنصرًا مرغوبًا في أنظمة الغذاء الحديثة، لا سيما في صناعة المشروبات الغازية، الحلويات، منتجات المخابز، والأطعمة الجاهزة.

على الرغم من أن جسم الإنسان يحتاج إلى كميات معينة من السكريات لتأمين وظائفه الحيوية، إلا أن الإفراط في استهلاكه يؤدي إلى مشاكل صحية جسيمة مثل:

• السمنة وزيادة الوزن

• السكري من النوع الثاني

• تسوس الأسنان

• أمراض القلب والشرايين

• اضطرابات الأيض

لذلك، فإن معرفة أنماط استهلاك السكر على مستوى الدول والشعوب تساعد في وضع استراتيجيات صحية وقائية لتقليل الأعباء الصحية.

المعايير المستخدمة لقياس استهلاك السكر

يقاس استهلاك السكر عادة بالكيلوغرامات للفرد سنويًا، ويتم جمع هذه البيانات من مصادر متعددة تشمل:

• تقارير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)

• تقارير منظمة الصحة العالمية

• الدراسات الوطنية والإقليمية حول استهلاك الأغذية

• الإحصاءات التجارية لصناعة السكر

تختلف البيانات وفقًا للظروف الاقتصادية والاجتماعية لكل دولة، كما تأخذ في الاعتبار السكر المضاف في الأغذية والمشروبات وليس فقط السكر الطبيعي.

قائمة أكثر 10 شعوب مستهلكة للسكر في العالم

1. الولايات المتحدة الأمريكية

تتصدر الولايات المتحدة الأمريكية قائمة أكبر مستهلكي السكر في العالم، حيث يبلغ متوسط استهلاك الفرد أكثر من 100 كيلوجرام سنويًا. يعود هذا الرقم المرتفع إلى عادات الغذاء الأمريكية التي تعتمد على الأطعمة المصنعة والمشروبات الغازية التي تحتوي على نسب عالية من السكريات المضافة. الثقافة الاستهلاكية التي تركز على الوجبات السريعة والحلويات تجعل من السكر جزءًا لا يتجزأ من النظام الغذائي الأمريكي.

2. ألمانيا

تعتبر ألمانيا من الدول الأوروبية التي تسجل معدلات استهلاك عالية للسكر، إذ يصل متوسط الاستهلاك السنوي للفرد إلى حوالي 90 كيلوغرامًا. يعود هذا إلى كثرة استهلاك الكعك، الشوكولاتة، والمشروبات المحلاة. الوعي الصحي بدأ يتزايد في السنوات الأخيرة، لكن العادات الغذائية التقليدية لا تزال قائمة.

3. هولندا

تحتل هولندا مكانة متقدمة في استهلاك السكر عالميًا، حيث يبلغ الاستهلاك السنوي للفرد حوالي 85 كيلوجرامًا. السبب الرئيسي في ذلك هو كثرة استهلاك الحلويات التقليدية والمخبوزات التي تحتوي على نسب عالية من السكر.

4. المملكة المتحدة

تعد المملكة المتحدة من أكثر الدول استهلاكًا للسكر في أوروبا، حيث يبلغ متوسط استهلاك الفرد نحو 80 كيلوجرامًا سنويًا. ارتبط ارتفاع الاستهلاك بانتشار المشروبات الغازية والحلويات، إضافة إلى نمط الحياة العصري الذي يعتمد على الوجبات السريعة والمأكولات الجاهزة.

5. أستراليا

يتجاوز استهلاك الفرد في أستراليا 75 كيلوجرامًا من السكر سنويًا، ويُعزى ذلك إلى الثقافة الاستهلاكية التي تعتمد بشكل كبير على المشروبات المحلاة والحلويات، رغم وجود حملات توعية صحية متزايدة للحد من استهلاك السكر.

6. نيوزيلندا

يشبه استهلاك السكر في نيوزيلندا إلى حد كبير مثيله في أستراليا، حيث يصل متوسط استهلاك الفرد إلى 70 كيلوجرامًا. يعتمد الكثير من السكان على المشروبات المحلاة والحلويات، خاصة بين فئات الشباب.

7. بلجيكا

تأتي بلجيكا في قائمة أكبر مستهلكي السكر بسبب تفضيلها الكبير للشوكولاتة، والتي تعتبر من المنتجات التقليدية الشهيرة في البلاد. يبلغ متوسط الاستهلاك حوالي 65 كيلوجرامًا للفرد سنويًا.

8. كندا

تشهد كندا استهلاكًا عاليًا للسكر يصل إلى 60 كيلوجرامًا للفرد سنويًا، ويعود ذلك إلى الاعتماد الكبير على الأطعمة المصنعة والمشروبات المحلاة، إلى جانب انتشار عادات تناول الحلويات.

9. روسيا

تسجل روسيا معدل استهلاك يصل إلى حوالي 55 كيلوجرامًا للفرد سنويًا، حيث يعتمد الروس بشكل كبير على الحلويات التقليدية والمشروبات المحلاة، إضافة إلى الحلويات الصناعية.

10. فرنسا

يبلغ استهلاك الفرد في فرنسا نحو 50 كيلوجرامًا سنويًا، ويرجع ذلك إلى العادات الغذائية الفرنسية التي تعتمد على الحلويات والمخبوزات المحلاة، رغم أن الوعي الصحي بدأ يأخذ حيزًا أكبر في السنوات الأخيرة.

العوامل المؤثرة في ارتفاع استهلاك السكر

تتعدد العوامل التي تؤثر في معدلات استهلاك السكر بين الدول، ويمكن تلخيصها في عدة نقاط رئيسية:

1. العادات والتقاليد الغذائية

تتأثر أنماط استهلاك السكر بالعادات والتقاليد التي تسود في كل مجتمع. في بعض الدول، يعتبر تناول الحلويات جزءًا أساسيًا من المناسبات الاجتماعية والاحتفالات، مما يزيد من الاستهلاك العام.

2. التطور الاقتصادي

يرتبط ارتفاع استهلاك السكر غالبًا بمستوى التنمية الاقتصادية، حيث تسمح القدرة الشرائية العالية بشراء المزيد من المنتجات التي تحتوي على السكر المضاف، خاصة الأطعمة المصنعة والمشروبات الغازية.

3. صناعة الأغذية والتسويق

تلعب شركات صناعة الأغذية دورًا مهمًا في رفع معدلات استهلاك السكر من خلال تسويق مكثف للمنتجات السكرية، وتطوير أصناف جديدة تحوي نسبًا عالية من السكر لجذب المستهلكين.

4. الوعي الصحي والتعليم

تؤثر المعرفة بالمخاطر الصحية للاستهلاك المفرط للسكر في سلوك المستهلك، فالدول التي تنشط فيها حملات التوعية الصحية تسجل معدلات أقل مقارنة بالدول التي تقل فيها تلك الحملات.

5. الأنماط الحياتية

الاعتماد على الوجبات السريعة، قلة النشاط البدني، والاعتماد على المشروبات المحلاة كلها عوامل تساهم في ارتفاع استهلاك السكر.

تأثير استهلاك السكر المرتفع على الصحة العامة

تشير الدراسات الطبية إلى أن ارتفاع استهلاك السكر يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة تؤثر بشكل مباشر على جودة حياة الأفراد ومستوى العبء الصحي في الدول. من أبرز هذه التأثيرات:

• زيادة معدلات السمنة: السكر المضاف يساهم في زيادة السعرات الحرارية بشكل كبير دون تقديم قيمة غذائية كبيرة، ما يؤدي إلى تراكم الدهون وزيادة الوزن.

• مرض السكري النوع الثاني: يرتبط تناول كميات كبيرة من السكر بزيادة مقاومة الأنسولين وارتفاع مستوى السكر في الدم، مما يؤدي إلى الإصابة بالسكري.

• أمراض القلب والشرايين: تناول السكر الزائد يعزز من عوامل الخطر التي تسبب تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم.

• تسوس الأسنان: السكريات تشكل بيئة مناسبة لتكاثر البكتيريا التي تهاجم الأسنان وتتسبب في تسوسها.

الجهود العالمية للحد من استهلاك السكر

اتجهت العديد من الدول والمنظمات الصحية إلى وضع استراتيجيات للحد من استهلاك السكر، منها:

• فرض ضرائب على المشروبات المحلاة بالسكر لخفض استهلاكها.

• تنظيم حملات توعية صحية تشجع على التقليل من السكريات المضافة.

• وضع معايير لتقليل كمية السكر في المنتجات المصنعة.

• تشجيع تناول الأطعمة الطبيعية والفواكه بدلًا من الحلويات الصناعية.

جدول يوضح متوسط استهلاك السكر السنوي للفرد في أكثر 10 دول مستهلكة

الخلاصة

يشكل استهلاك السكر مكونًا رئيسيًا في النظام الغذائي العالمي، وتختلف معدلاته من دولة لأخرى بحسب عوامل متعددة اجتماعية واقتصادية وثقافية. الدول التي تحتل مراكز متقدمة في استهلاك السكر تواجه تحديات صحية كبيرة نتيجة للآثار السلبية للاستهلاك المفرط. لذلك، تظل الجهود المبذولة للحد من هذا الاستهلاك والتوعية الصحية من الضرورات الملحة لحماية الصحة العامة والحد من انتشار الأمراض المزمنة المرتبطة بالسكر.

المصادر والمراجع

1. منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) – تقارير استهلاك السكر العالمية.

2. منظمة الصحة العالمية (WHO) – توصيات وتقارير حول استهلاك السكر وآثاره الصحية.