أسطول وطاقم الملكية الأردنية

أسطول وطاقم الخطوط الملكية الأردنية: تاريخٌ من التميز والتحديث والاحترافية

تُعد الخطوط الجوية الملكية الأردنية (Royal Jordanian Airlines) الناقل الوطني للمملكة الأردنية الهاشمية، وقد تأسست في عام 1963 بأمرٍ ملكي من المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال تحت اسم “عاليا” نسبةً إلى والدته الملكة “عالية”. ومنذ نشأتها، سعت الشركة إلى أن تكون رمزاً للسيادة الوطنية ومصدراً للفخر الأردني من خلال تقديم خدمات جوية متميزة تربط الأردن بالعالم، وتعزز مكانتها الإقليمية والدولية في قطاع الطيران. لعبت عناصر متعددة دورًا محوريًا في نجاح هذه الشركة، إلا أن أبرزها يبقى أسطولها المتطور وطاقمها عالي الكفاءة الذي يتمتع بمهنية عالية وتدريب مستمر.

أولاً: تطور أسطول الخطوط الملكية الأردنية عبر العقود

منذ تأسيسها، حرصت الخطوط الملكية الأردنية على تحديث أسطولها بشكل دوري لضمان أعلى مستويات الراحة والسلامة والكفاءة التشغيلية. وقد بدأت الشركة رحلاتها في ستينيات القرن الماضي باستخدام طائرات من طراز “هاندلي بيج” البريطانية، ومن ثم تطورت إلى استخدام طائرات “بوينغ” و”لوكهيد” و”إيرباص”، إلى أن أصبحت اليوم تمتلك أسطولاً متنوعاً من الطائرات الحديثة المصممة لتلائم الرحلات الإقليمية والدولية.

الأسطول الحالي (حتى عام 2025)

يتكوّن أسطول الملكية الأردنية من أنواع مختلفة من الطائرات، مصمّمة لتلبية احتياجات الشركة المتنوعة من الرحلات القصيرة والمتوسطة والطويلة، ويشمل:

تمتاز طائرات “بوينغ دريملاينر” التي تشكل العمود الفقري للرحلات البعيدة بمواصفات تقنية عالية تشمل توفير الوقود، وتقليل الانبعاثات، وتحسين مستويات الراحة للركاب من خلال الضغط الجوي الداخلي الأفضل والإضاءة الديناميكية وتقنيات تقليل الضوضاء.

ثانياً: استراتيجية التحديث والتوسعة في الأسطول

أدركت الخطوط الملكية الأردنية منذ وقت مبكر أهمية الاستثمار المستدام في البنية التحتية الجوية، لا سيما الأسطول، لمواكبة المنافسة العالمية في مجال النقل الجوي. ولهذا فقد اعتمدت الشركة خططًا متعددة لتحديث الطائرات وإحالة القديمة منها إلى التقاعد وفقاً لدورة عمرية مدروسة تعتمد على كفاءة الطائرة الاقتصادية، ومعدلات استهلاك الوقود، ومدى مطابقتها للمعايير البيئية العالمية.

في عام 2022، أعلنت الشركة عن خطط مستقبلية لإضافة طائرات جديدة من طراز “إيرباص A320 نيو” و”بوينغ 787-9″ ضمن إطار خطة توسعة شاملة تسعى إلى مضاعفة قدرتها الاستيعابية بحلول عام 2030. كما أبدت اهتمامًا ملحوظًا باستخدام الطائرات الإقليمية الحديثة الموفّرة للطاقة والمناسبة للأسواق المحورية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ثالثاً: طاقم الخطوط الملكية الأردنية – احترافية مستدامة في السماء

لا يقلّ دور الطاقم الجوي عن دور الأسطول في تشكيل هوية الخطوط الملكية الأردنية؛ بل إن الطاقم هو الواجهة البشرية المباشرة التي يراها الركاب ويتفاعلون معها. يتمتع طاقم الشركة، من طيارين ومضيفين ومهندسين وفنيين، بمستويات عالية من الكفاءة والخبرة التي ساهمت في بناء سمعة قوية للشركة على المستوى الإقليمي والدولي.

الطيارون: نخبة مدربة بمعايير عالمية

يخضع طيارو الملكية الأردنية إلى برامج تدريب صارمة ومستمرة تشمل التدريب النظري والعملي، بالإضافة إلى محاكاة الطيران على أجهزة محاكاة متقدمة (Simulators). ويتلقى الطيارون تدريبًا في الأردن وفي مراكز تدريب دولية معتمدة، لضمان جاهزيتهم الكاملة للطيران تحت مختلف الظروف المناخية والجغرافية.

وتولي الشركة اهتمامًا بالغًا لانتقاء الطيارين وفق شروط دقيقة تشمل التحصيل العلمي، القدرة البدنية، الصحة النفسية، واللياقة التقنية. كما تتابع الهيئة العامة للطيران المدني في الأردن مستوى كفاءة الطيارين بشكل دوري.

طاقم الضيافة الجوية: سفراء في السماء

يشكل مضيفو ومضيفات الطيران الوجه الإنساني للملكية الأردنية. يتم تدريبهم وفق برامج عالمية تشمل بروتوكولات الضيافة، التعامل مع الركاب، الإسعافات الأولية، إدارة الطوارئ، وثقافة التواصل بين الثقافات. يجيد طاقم الضيافة أكثر من لغة، ويخضع لدورات في فنون الإتيكيت وخدمة كبار الشخصيات (VIP Protocol).

ولا يقتصر دور طاقم الضيافة على تقديم الطعام والمشروبات، بل يتعداه إلى تقديم الرعاية الفعلية للركاب، وخاصةً ذوي الاحتياجات الخاصة، الأطفال غير المصحوبين، وكبار السن. يُشيد المسافرون على متن طائرات الملكية الأردنية غالبًا بالاحترافية والدفء في تعامل الطاقم، ما يعكس الطابع الأردني الأصيل في حسن الضيافة والاحترام.

رابعاً: الصيانة والدعم الفني – عصب التشغيل الآمن

الخطوط الملكية الأردنية لا تكتفي بشراء أحدث الطائرات، بل تولي اهتمامًا كبيرًا لجوانب الصيانة والدعم الفني. وتُدار هذه الجوانب من قبل شركة “جت إيفياشن” (JorAMCo) وهي شركة تابعة تُعنى بأعمال الصيانة الدورية والثقيلة لطائرات الأسطول. تُعد JorAMCo مركز صيانة معتمد من جهات عالمية مثل وكالة سلامة الطيران الأوروبية (EASA) وإدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA)، مما يعزز موثوقية الأسطول في كل رحلة.

تشمل عمليات الصيانة فحوصات دقيقة تشمل المحركات، أنظمة الملاحة، هيكل الطائرة، وأجهزة السلامة، مع استخدام أدوات فحص متقدمة وتقنيات تحليل الحالة (Condition Monitoring). كما تُدار عمليات الصيانة بتقنيات رقمية تُمكّن الفرق الفنية من تتبع سجل الطائرات وضمان مطابقة العمليات للمعايير الدولية.

خامساً: التحوّل الرقمي في خدمة الأسطول والطاقم

في إطار التوجّه العالمي نحو الرقمنة، شرعت الخطوط الملكية الأردنية منذ عام 2019 في تطبيق برامج رقمية تهدف إلى تحسين الكفاءة التشغيلية، إدارة الموارد البشرية للطواقم، وتطوير صيانة الطائرات بشكل ذكي.

اعتمدت الشركة أنظمة جدولة إلكترونية ذكية لطاقم الطيران، مما يسمح بالتوزيع العادل للرحلات وتحديد أوقات الراحة والدوام وفقًا للمعايير الدولية الخاصة بسلامة الطيران. كما بدأت باستخدام تطبيقات محمولة لطاقم الضيافة تتيح لهم الوصول إلى معلومات الرحلة، سجل الركاب الخاص، ومتطلبات الخدمة على متن الطائرة في الوقت الفعلي.

في مجال الأسطول، بدأت الملكية الأردنية باستخدام نظام E-enabled aircraft الذي يتيح الاتصال المستمر بين الطائرة والأرض، ويرسل بيانات فورية عن أداء المحركات والأنظمة، ما يسمح باتخاذ قرارات صيانة استباقية دون التأثير على جداول الرحلات.

سادساً: الشراكات والتحالفات العالمية في خدمة التشغيل

انضمت الخطوط الملكية الأردنية في عام 2007 إلى تحالف الطيران العالمي “ون وورلد” (Oneworld)، لتكون بذلك أول شركة طيران عربية تنضم لهذا التحالف. وفّرت هذه الخطوة فرصة مهمة لتعزيز القدرات التشغيلية للأسطول وتوسيع آفاق التدريب الفني والتشغيلي للطاقم ضمن معايير موحدة على مستوى العالم.

تستفيد الملكية الأردنية من تبادل المعرفة الفنية، وبرامج التدريب الموحدة، وتقنيات إدارة الأسطول بين أعضاء التحالف، مما يعزز أداء الطاقم ويرتقي بجودة الخدمات المقدمة للمسافرين.

خاتمة تنفيذية

تُمثل الخطوط الملكية الأردنية نموذجًا عربيًا ناجحًا يجمع بين الإرث التاريخي العريق والتطور التكنولوجي المستمر، مدعومًا بأسطول حديث وطاقم يتمتع بأعلى درجات الاحترافية والالتزام. واستنادًا إلى استراتيجيات مدروسة، وبرامج تدريب نوعية، واستثمارات في الصيانة والتحديث، تواصل الشركة ترسيخ مكانتها في صناعة الطيران الإقليمي والدولي. ومع كل رحلة، تبقى الملكية الأردنية سفيرًا محلقًا للأردن، تنقل معه قيم التميز والضيافة والتطور.

المراجع

1. الموقع الرسمي للخطوط الملكية الأردنية – www.rj.com

2. تقارير تحالف OneWorld للطيران – www.oneworld.com