أقوال عباس محمود العقاد
يُعد عباس محمود العقاد من أبرز أعلام الأدب والفكر في العالم العربي خلال القرن العشرين، وقد تميز بقدرته الفائقة على التعبير العميق والرصين عن قضايا الفكر، والدين، والسياسة، والإنسان، مما جعله مرجعًا أدبيًا وثقافيًا فريدًا في عصره وما بعده. لم يكن العقاد كاتبًا فحسب، بل كان مفكرًا موسوعيًا تتجاوز مؤلفاته التسعين كتابًا، تتنوع بين النقد الأدبي، والفلسفة، والسير الذاتية، والدراسات الإسلامية، والشعر. وكان لأسلوبه التأملي العميق دور كبير في بلورة رؤى فلسفية واجتماعية ما زالت تحظى بالاهتمام والقراءة حتى اليوم.
في هذا المقال، نعرض مجموعة من أبرز الأقوال والمقولات التي تركها العقاد، والتي تعكس فلسفته الفكرية ومواقفه من الحياة، والعلم، والدين، والسياسة، والمجتمع، حيث تكشف هذه الأقوال عن عمق شخصيته وثقافته الواسعة التي انبثقت من بيئة علمية صارمة وتجربة حياتية غنية.
أولاً: العقاد والفكر الإنساني
برز اهتمام العقاد بالإنسان بوصفه كائنًا عاقلاً حر الإرادة، يدفعه الوعي والإدراك إلى السعي وراء المعرفة والحق. وقد تمحورت كثير من أقواله حول أهمية العقل والعلم والتفكير الحر:
“الحرية هي الحياة، ومن لا يملك حريته لا يملك حياته.”
“الجهل ليس عذرًا، بل هو أصل الخطيئة.”
“الفكر لا يولد من فراغ، وإنما ينبعث من الحاجة والمعاناة.”
“العقل هو حارس الفضيلة، وموجه الغريزة.”
“الذكاء لا يقاس بكثرة المعلومات، بل بقدرة العقل على الربط بينها.”
تشير هذه العبارات إلى أن العقاد كان يعتبر العقل جوهر الإنسان، بل أهم ملكاته، وكان يرى أن تقدُّم الإنسان وتحرره لا يمكن أن يتمّا إلا بإعمال الفكر وتقديس المعرفة.
ثانيًا: أقوال العقاد في الحرية والاستقلال
الحرية كانت حجر الأساس في فلسفة العقاد السياسية والاجتماعية. لم يكن العقاد من الداعين للحرية بمفهومها النظري فقط، بل خاض معارك فكرية وسياسية دفاعًا عنها:
“الحرية أثمن من الحياة، لأن الحياة بدون حرية لا تستحق أن تُعاش.”
“الاستعباد الفكري أشد خطرًا من الاستعباد السياسي.”
“الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع انتزاعًا بالوعي والمعرفة.”
“ليس الحر هو من يفعل ما يشاء، بل من يعرف ما يجب أن يُفعل.”
“الحرية مسؤولية قبل أن تكون حقًّا.”
تكشف هذه الأقوال عن عمق فهم العقاد للحرية باعتبارها مسؤولية أخلاقية وفكرية تتطلب وعيًا حقيقيًا بطبيعة الإنسان وحقوقه.
ثالثًا: أقوال العقاد عن المرأة
كان العقاد من الكُتاب الذين تناولوا موضوع المرأة من زاوية مختلفة عن المعتاد في زمانه، حيث مزج بين التقدير العقلي لها وبين التحليل النفسي والاجتماعي:
“المرأة كائن يفيض بالعاطفة، لكن عقلها ليس أقل من عقل الرجل.”
“من الخطأ أن نُقيِّم المرأة بجمالها فقط، كما أنه خطأ أن نقيم الرجل بقوته فقط.”
“المرأة ليست لغزًا، بل كيان متكامل له منطقه الخاص.”
“من أحب امرأة لا لفكرها، لا يحبها بل يحب نفسه فيها.”
“الغيرة عند المرأة كالغريزة، ولكنها عند الرجل اختيار.”
هذه الأقوال تدل على رؤية فلسفية وإنسانية واضحة، حيث لم يكن العقاد يدافع عن المرأة بمنطق المساواة الصورية، بل حاول أن يفهم كيانها النفسي والاجتماعي في ضوء تفكيره التحليلي العميق.
رابعًا: أقوال العقاد عن الحب
تناول العقاد موضوع الحب في أكثر من عمل أدبي وفلسفي، منها كتابه المعروف “سارة”، الذي كان تجربة شخصية، إضافة إلى تحليلاته في كتب مثل “الإنسان في القرآن” و”عبقرية الشيطان”:
“الحب الحقيقي هو حب العقل، لأن القلب وحده يضل ويُضل.”
“من لا يستطيع أن يحب بذكائه، لا يعرف الحب.”
“الحب لا يعني الغياب عن العقل، بل التوافق معه.”
“أحبب من تحترم عقله، لا من تفتن بجماله.”
“الحب لا يُقاس بالعذاب، بل بالتفاهم.”
ويبدو واضحًا من هذه الأقوال أن العقاد لم يكن يرضى بالتعريفات العاطفية السطحية للحب، بل كان يسعى إلى جعله قيمة عقلية وروحية سامية.
خامسًا: أقوال العقاد عن الدين والإيمان
كان العقاد واحدًا من أكبر المدافعين عن الإسلام في العصر الحديث، لكنه لم يفعل ذلك بدافع التقليد، بل من خلال التحليل العقلي والدفاع المنهجي عن فلسفة الدين. كتب عن “الإسلام في القرن العشرين”، و”الله”، و”الفلسفة القرآنية”، وغيرها:
“الإيمان لا يناقض العقل، بل يكتمل به.”
“القرآن كتاب فكر قبل أن يكون كتاب عقيدة.”
“الإسلام دين حرية، لا دين قيد.”
“العقيدة لا تُفرض، بل تُفهم.”
“لا إيمان بلا فهم، ولا فهم بلا تدبر.”
العقاد كان يرى أن الدين لا ينبغي أن يُستخدم كأداة سلطوية أو وسيلة ترهيب، بل كفضاء للتأمل العقلي والتواصل الروحي مع الوجود.
سادسًا: أقوال العقاد في الأدب واللغة
الأدب واللغة العربية كانا من أعظم اهتمامات العقاد، وهو الذي خاض معارك نقدية كبيرة مع طه حسين وتوفيق الحكيم وغيرهم. وكان ينظر إلى اللغة بوصفها هوية الإنسان وفكره:
“اللغة وعاء الفكر، وكلما ازداد الإنسان تمكنًا منها ازداد فكرًا.”
“الشعر ليس زخرفًا لغويًّا، بل ترجمة للروح.”
“الأدب الذي لا يهز الفكر، أدب لا يُبنى عليه حضارة.”
“لا مستقبل لأمة تجهل لغتها.”
“الكاتب الحقيقي هو من يخلق الأفكار، لا من يكررها.”
بهذه الأقوال يبرز العقاد كمدافع عن الأصالة الفكرية واللغوية، رافضًا التقليد ومتبنيًا نهج التجديد من داخل الأصول، لا من خارجها.
سابعًا: العقاد والسياسة والمجتمع
كان العقاد عضوًا في البرلمان المصري، وناقدًا سياسيًا صارمًا، وعُرف بموقفه المعارض للديكتاتورية، سواء أكانت محلية أو خارجية:
“السياسة التي لا تستند إلى الأخلاق، خراب محقق.”
“الاستعمار لا يعيش إلا على جهل الشعوب.”
“السياسي الحقيقي هو من يبني وعي أمته، لا من يلهيها.”
“الاستبداد عدو العقل وعدو الوطن.”
“الحاكم العادل هو الذي يخضع للقانون، لا الذي يُخضع القانون له.”
هذه المقولات تعكس مواقف العقاد المبدئية، وإيمانه العميق بأن الإصلاح السياسي لا يمكن أن يتحقق دون إصلاح فكري وثقافي متكامل.
جدول: أبرز محاور أقوال العقاد
| المحور الرئيسي | أمثلة من الأقوال |
|---|---|
| الفكر والعقل | “العقل هو حارس الفضيلة”، “الذكاء لا يقاس بكثرة المعلومات” |
| الحرية والاستقلال | “الحرية أثمن من الحياة”، “الحرية لا تُمنح بل تُنتزع” |
| المرأة | “المرأة كيان متكامل له منطقه الخاص” |
| الحب | “من لا يستطيع أن يحب بذكائه، لا يعرف الحب” |
| الدين والإيمان | “الإيمان لا يناقض العقل”، “القرآن كتاب فكر” |
| اللغة والأدب | “اللغة وعاء الفكر”، “لا مستقبل لأمة تجهل لغتها” |
| السياسة والمجتمع | “الاستعمار لا يعيش إلا على جهل الشعوب”، “الاستبداد عدو العقل” |
خاتمة
إن أقوال عباس محمود العقاد لم تكن مجرد حكم عابرة أو عبارات بلاغية، بل كانت تعبيرًا عن رؤية متكاملة لفهم الإنسان والحياة والدين والمجتمع. جمع بين الأصالة والحداثة، وبين التحليل العقلي والروحاني، وبين الجرأة الأدبية والانضباط الفكري. وتبقى كلماته حية تُتداول عبر الأجيال لما تحمله من عمق وصدق، وما تثيره من تفكير وتأمل في قضايا لا تزال تلامس واقع الإنسان العربي حتى اليوم.
المصادر:
-
العقاد، عباس محمود. الفلسفة القرآنية. مكتبة النهضة المصرية.
-
العقاد، عباس محمود. سارة. دار الهلال.
