أقل الدول زيارة في آسيا

أقل الدول زيارة في آسيا

رغم أن قارة آسيا تعد الوجهة السياحية الأولى عالميًا من حيث عدد الزوار، وتضم بعضًا من أكثر الدول استقطابًا للسياح مثل الصين وتايلاند واليابان، إلا أن هناك دولًا أخرى في ذات القارة تُعد من بين الأقل جذبًا للسياح عالميًا، لأسباب تتراوح بين العزلة الجغرافية، والقيود السياسية، والصراعات المسلحة، وانعدام البنية التحتية السياحية، بل وحتى ضعف التسويق الخارجي. هذا المقال يستعرض بعمق أبرز هذه الدول، مسلطًا الضوء على خصائصها السياحية، وأسباب تراجع أعداد الزوار، والإمكانات الكامنة غير المستغلة في كل منها.

كوريا الشمالية: الدولة الأكثر عزلة في العالم

تعتبر كوريا الشمالية واحدة من أقل الدول استقبالًا للسياح في قارة آسيا والعالم، إذ يبلغ عدد الزوار الأجانب سنويًا بضعة آلاف فقط، معظمهم من الصين. الدولة الشيوعية المنعزلة تخضع لنظام حكم مغلق ويُفرض على السياح جدول زيارات صارم تحت إشراف مباشر من الحكومة. يُمنع الزوار من التجوال بحرية أو التفاعل مع السكان المحليين دون إذن.

من أبرز الأسباب لانخفاض عدد السياح:

• غياب الشفافية والانفتاح الإعلامي.

• قوانين صارمة تحكم سلوك السائح.

• حظر دخول الصحفيين والمدونين وقيود على الصور.

• عزلة سياسية دولية وعقوبات اقتصادية.

ورغم تلك القيود، فإن كوريا الشمالية تمتلك تراثًا ثقافيًا وتاريخيًا غنيًا، من ضمنه تماثيل ضخمة، متاحف ثورية، ومواقع طبيعية خلابة مثل جبل بايكتو، لكنها تظل مغلقة أمام أعين العالم إلى حد بعيد.

تركمانستان: الدولة الغامضة في آسيا الوسطى

تقع تركمانستان على مفترق طرق آسيا الوسطى، وتملك تاريخًا عريقًا مرتبطًا بطريق الحرير. ومع ذلك، تبقى واحدة من أكثر الدول انغلاقًا في المنطقة. نظام التأشيرة فيها معقد للغاية، ويتطلب غالبًا موافقات مسبقة ومراقبة حكومية خلال الزيارة.

رغم انخفاض عدد السياح، فإن تركمانستان تزخر بمواقع تستحق الاهتمام:

• حفرة الجحيم في ديرويز، التي تشتعل فيها النيران منذ عقود.

• أطلال مدينة مرو القديمة، أحد مواقع التراث العالمي.

• مدن حديثة بأبنية من الرخام الأبيض في عشق آباد.

العوائق الرئيسية أمام السياحة:

• البيروقراطية الشديدة في منح التأشيرات.

• ضعف التسويق السياحي الدولي.

• الانغلاق السياسي والإعلامي.

بوتان: السياحة الانتقائية

بينما لا تُعد بوتان دولة منغلقة بالمعنى التقليدي، فإن عدد السياح الذين يزورونها سنويًا منخفض للغاية بسبب سياسة السياحة الانتقائية. تفرض الحكومة البوتانية رسومًا يومية على الزوار تصل إلى 200-250 دولارًا أمريكيًا، وهو ما يجعل زيارة البلاد باهظة التكلفة نسبيًا.

السياسة السياحية في بوتان تندرج تحت مفهوم “السياحة عالية القيمة ومنخفضة التأثير”، وهي تهدف إلى حماية البيئة والثقافة المحلية من التأثيرات السلبية للسياحة الجماعية.

بوتان تعد وجهة فريدة ذات طابع روحي وبوذي مميز، وتتميز بما يلي:

• مناظر طبيعية جبلية خلابة.

• أديرة تاريخية مثل عش النمر (تاكتسانغ).

• احتفالات تقليدية مثل مهرجان تسيتشو.

لكن رغم ثرائها الثقافي، فإن العدد المحدود من الزوار يبقيها ضمن قائمة أقل الدول زيارة في آسيا.

تيمور الشرقية: دولة ناشئة ذات إمكانات غير مستغلة

تعد تيمور الشرقية واحدة من أحدث الدول في العالم بعد استقلالها عن إندونيسيا في 2002. وتقع في جنوب شرق آسيا، وهي دولة صغيرة تتميز بشواطئها البكر وطبيعتها الجبلية.

أسباب انخفاض أعداد السياح تشمل:

• ضعف البنية التحتية السياحية.

• نقص الفنادق ووسائل النقل الحديثة.

• ضعف الحملات الترويجية الدولية.

• ارتفاع تكلفة السفر إلى الجزيرة مقارنة بجاراتها.

رغم ذلك، تمتلك تيمور الشرقية مقومات سياحية كبيرة مثل:

• مواقع غوص بحرية ذات تنوع بيولوجي نادر.

• مناظر طبيعية بركانية.

• تراث ثقافي متأثر بالاستعمار البرتغالي.

أفغانستان: السياحة في ظل الصراعات

تُعتبر أفغانستان من أقل الدول الآسيوية جذبًا للسياح بسبب الصراعات السياسية والأمنية المتواصلة منذ عقود. ورغم التاريخ العريق للدولة التي كانت في زمن ما نقطة وصل مهمة على طريق الحرير، فإن الظروف الأمنية تشكل عائقًا كبيرًا أمام زيارتها.

من أبرز المعالم التي كانت تُعد جذابة:

• تماثيل بوذا في باميان (قبل تدميرها).

• مدينة هيرات التاريخية.

• العاصمة كابول التي تضم متاحف ومساجد تاريخية.

غير أن تهديدات الجماعات المسلحة، وغياب الأمن، ورداءة البنية التحتية السياحية، تجعل السياحة شبه معدومة، حيث يقتصر الزوار على وفود رسمية أو مغامرين نادرين للغاية.

اليمن: دولة عربية آسيوية تعاني من النزاعات

رغم وقوعها على مفترق طرق التجارة القديمة بين آسيا وإفريقيا، وتاريخها العريق الذي يمتد لآلاف السنين، فإن اليمن من أقل الدول الآسيوية زيارة، ويعود ذلك أساسًا إلى الحرب الأهلية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.

أبرز المعوقات:

• تدهور الوضع الأمني.

• دمار البنية التحتية.

• توقف شركات الطيران الكبرى عن العمل في البلاد.

• تحذيرات السفر الصادرة من معظم دول العالم.

رغم ذلك، فإن اليمن يمتلك كنوزًا حضارية مثل:

• مدينة شبام “مانهاتن الصحراء”.

• جزيرة سقطرى بتنوعها البيئي الفريد.

• مدينة صنعاء القديمة التي أدرجت ضمن مواقع التراث العالمي.

لكن هذه الكنوز تبقى مغلقة أمام العالم في ظل الصراع المستمر.

لاوس: الدولة المنسية في جنوب شرق آسيا

لاوس، رغم وقوعها بين دول سياحية مثل تايلاند وفيتنام، تظل واحدة من أقل الوجهات جذبًا للسياح في جنوب شرق آسيا. تبلغ أعداد الزوار فيها أقل بكثير من جيرانها، رغم الاستقرار النسبي الذي تعيشه.

أسباب انخفاض السياحة:

• غياب خطوط جوية دولية مباشرة كثيرة.

• ضعف البنية التحتية في بعض المناطق.

• منافسة شرسة من الدول المجاورة الأكثر تطورًا.

لكن لاوس تتمتع بسحر خاص:

• مدينة لوانغ برابانغ التاريخية.

• نهر ميكونغ العظيم.

• معابد بوذية عريقة وطبيعة استوائية خلابة.

إمكانات الدولة كبيرة، لكن ضعف الاستثمار في القطاع السياحي يحول دون تحقيق تطور كبير في هذا المجال.

جدول مقارنة بين الدول الأقل زيارة في آسيا

الخلاصة

رغم أن هذه الدول تُعد من بين الأقل زيارة في قارة آسيا، إلا أن لكل منها هويتها الفريدة ومقوماتها الثقافية والطبيعية المميزة. التحديات التي تواجهها لا تلغي الإمكانات الكامنة فيها، بل تفتح المجال أمام رؤى تطويرية طويلة الأمد قد تُحولها إلى وجهات بديلة واعدة للسياحة في المستقبل. ومع تحسن الأوضاع الأمنية والانفتاح التدريجي لبعض هذه الدول، قد يتغير واقعها السياحي وتبدأ تدريجيًا في جذب انتباه المسافرين الباحثين عن تجارب غير تقليدية.

المراجع:

1. UNWTO Tourism Statistics (2023) – https://www.unwto.org

2. CIA World Factbook – https://www.cia.gov/the-world-factbook/