المرارة: تركيبها ووظائفها الأساسية

المرارة: تركيبها ووظيفتها في الجسم البشري

المرارة هي عضو صغير الحجم على شكل كمثرى يقع تحت الكبد في الجزء العلوي الأيمن من البطن. تلعب المرارة دورًا محوريًا في عملية الهضم، حيث تُخزّن العصارة الصفراوية التي يُنتجها الكبد، وتُفرِغها في الأمعاء الدقيقة لمساعدة الجسم في هضم الدهون. يعتبر فهم تركيب المرارة ووظيفتها أساسيًا لفهم كيفية تأثير هذا العضو على صحة الجهاز الهضمي بشكل عام. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل تركيب المرارة، وكيفية عملها، بالإضافة إلى وظيفتها الهامة في الجهاز الهضمي.

تركيب المرارة

المرارة هي عضو صغير بحجم بيضة دجاجة تقريبًا، ويصل طولها إلى حوالي 7 إلى 10 سنتيمترات. تقع المرارة في الجهة السفلية من الكبد، وتُحاط بحجاب من الأنسجة الرخوة والعضلات. يمكن تقسيم المرارة إلى عدة أجزاء رئيسية تشمل:

1. الجيب المراري: يُعد الجزء الأكبر من المرارة وهو يُشبه الكيس الذي يُخزن العصارة الصفراوية. يتمدد هذا الجزء حسب الكمية المتاحة من الصفراء التي يخزنها.

2. القناة الصفراوية: هي قناة صغيرة تمتد من المرارة لتصل إلى الأمعاء الدقيقة عبر القناة الصفراوية المشتركة. عندما يحتاج الجسم إلى الهضم، تنتقل العصارة الصفراوية من المرارة إلى الأمعاء الدقيقة من خلال هذه القناة.

3. القناة الكبدية: وهي قناة تتجمع فيها العصارة الصفراوية التي ينتجها الكبد قبل أن تنتقل إلى القناة الصفراوية المشتركة.

4. العضلات الملساء: تحتوي جدران المرارة على عضلات ملساء تتحكم في تدفق العصارة الصفراوية. هذه العضلات تتقلص لتدفع العصارة الصفراوية إلى الأمعاء الدقيقة عند الحاجة.

تتكون جدران المرارة من عدة طبقات: الطبقة الداخلية مغطاة بغشاء مخاطي، يتوسطها طبقة عضلية تتحكم في حركة العصارة الصفراوية، وأخيرًا، تحتوي على طبقة خارجية من الأنسجة الضامة.

وظيفة المرارة

تتمثل الوظيفة الرئيسية للمرارة في تخزين العصارة الصفراوية التي يُنتجها الكبد، وإطلاقها إلى الأمعاء الدقيقة عند الحاجة لعملية الهضم. ومع أن الكبد هو المسؤول عن إنتاج العصارة الصفراوية بشكل مستمر، إلا أن حجم المرارة يسمح بتخزين هذه العصارة وتفريغها عندما يطلب الجسم الهضم.

1. تخزين العصارة الصفراوية

تنتج الكبد العصارة الصفراوية بشكل مستمر، وتنتقل هذه العصارة إلى القناة الصفراوية الكبدية ومن ثم إلى المرارة. في المرارة، يتم تخزين العصارة الصفراوية لفترات تتراوح بين 6 إلى 8 ساعات بعد تناول الطعام، وقد يُخزنها الجسم لفترات أطول في بعض الحالات. حينما لا يكون الطعام في المعدة أو الأمعاء الدقيقة، تحتفظ المرارة العصارة الصفراوية لاستخدامها لاحقًا في عملية الهضم.

2. تركيز العصارة الصفراوية

إحدى وظائف المرارة الهامة هي تركيز العصارة الصفراوية. عند تخزين العصارة في المرارة، يتم امتصاص الماء منها، مما يؤدي إلى زيادة تركيز العصارة الصفراوية. العصارة الصفراوية المركزة تحتوي على الأملاح الصفراوية التي تساعد على هضم الدهون.

3. إفراز العصارة الصفراوية عند الحاجة

عندما يدخل الطعام، وخاصة الدهون، إلى المعدة والأمعاء الدقيقة، يفرز الجسم هرمون يسمى “الكوليسيستوكينين” (Cholecystokinin) الذي يحفز عضلات جدران المرارة على التقلص. هذا التقلص يؤدي إلى دفع العصارة الصفراوية عبر القناة الصفراوية إلى الأمعاء الدقيقة. هناك، تعمل العصارة الصفراوية على تكسير الدهون إلى جزيئات أصغر، مما يسهل امتصاصها بواسطة الأمعاء.

4. المساهمة في هضم الدهون

العصارة الصفراوية التي تفرزها المرارة تحتوي على الأملاح الصفراوية التي تُمكن من تحطيم الدهون الكبيرة إلى جزيئات أصغر تُسمى “الميكليّات”. هذه الميكليات تُساعد الإنزيمات الهضمية الأخرى مثل “الليباز” على هضم الدهون بشكل فعال. دون وجود العصارة الصفراوية من المرارة، يصبح هضم الدهون أكثر صعوبة.

5. امتصاص الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون

المرارة أيضًا تُسهم في عملية امتصاص الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون، مثل فيتامينات A و D و E و K. هذه الفيتامينات يتم امتصاصها بسهولة أكبر عندما يتم تكسير الدهون في الأمعاء بواسطة العصارة الصفراوية.

المرارة وصحة الجهاز الهضمي

تُعتبر المرارة عضوًا حيويًا في عملية الهضم. لكنها قد تتعرض لبعض المشكلات الصحية التي تؤثر على وظائفها، مثل:

1. حصى المرارة: تعد حصى المرارة من أكثر الأمراض شيوعًا التي تصيب المرارة، وتحدث عندما تتراكم الأملاح الصفراوية أو الكولسترول في المرارة، مما يؤدي إلى تكوين حصوات. قد تتسبب الحصوات في انسداد القنوات الصفراوية، مما يؤدي إلى ألم شديد في البطن أو التهابات.

2. التهاب المرارة (Cholecystitis): يحدث التهاب المرارة نتيجة لعدة أسباب، مثل وجود حصوات في المرارة أو التهابات فيروسية أو بكتيرية. يُعتبر الألم الحاد في الجزء العلوي من البطن من أبرز أعراض هذه الحالة.

3. انسداد القنوات الصفراوية: قد يحدث انسداد في القنوات الصفراوية نتيجة لحصوات المرارة أو الأورام. هذا يمكن أن يؤدي إلى تراكم العصارة الصفراوية في الكبد، مما يؤدي إلى أعراض مثل اصفرار الجلد والعينين (اليرقان).

4. المرارة دون وظيفة: في بعض الحالات الطبية، قد يُضطر الأطباء إلى إزالة المرارة (استئصال المرارة) بسبب حصى المرارة أو التهاب حاد. رغم أن الشخص يستطيع العيش دون مرارة، إلا أنه قد يواجه صعوبة في هضم الأطعمة الدهنية بشكل فعال، لأن العصارة الصفراوية تُفرَز بشكل مستمر من الكبد إلى الأمعاء دون الحاجة إلى تخزينها.

معلومات إضافية عن المرارة

في الأوقات التي لا يحتوي فيها الأمعاء على طعام، تظل المرارة مملوءة بالعصارة الصفراوية التي تظل مركزة. وعند تناول الطعام، خصوصًا الأطعمة الدهنية، يتم تحفيز المرارة لتفريغ محتوياتها من العصارة الصفراوية في الأمعاء الدقيقة من خلال التقلص العضلي الذي يحدث فيها.

وبالإضافة إلى هذه الوظائف الهضمية الأساسية، تلعب المرارة دورًا هامًا في الحفاظ على التوازن الداخلي للجسم. فهي تساعد في منع تراكم الدهون الضارة في الأمعاء، وبالتالي تحسن من عمليات الامتصاص للهضم في الأمعاء الدقيقة.

الخاتمة

المرارة هي عضو صغير الحجم ولكنه مهم جدًا في جهازنا الهضمي. من خلال تخزين العصارة الصفراوية وإفرازها عند الحاجة، تساهم المرارة في تحسين الهضم وامتصاص الدهون والفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون. في حال تعرُّضها لمشاكل صحية مثل الحصى أو الالتهابات، قد تؤثر على وظائف الهضم بشكل كبير.