فوائد الثوم والبصل للشعر: دراسة شاملة عن خصائصهما وتأثيرهما على صحة الشعر

يُعد الثوم والبصل من أقدم العناصر الطبيعية التي استُخدمت في الطب الشعبي والتقليدي لعلاج مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، بما في ذلك مشكلات الجلد والشعر. يحتوي كل من الثوم والبصل على مكونات كيميائية طبيعية فريدة، تلعب دورًا فعالًا في تعزيز صحة فروة الرأس وتحفيز نمو الشعر ومنع تساقطه. ومع تزايد الاهتمام بالبدائل الطبيعية لمستحضرات العناية بالشعر الكيميائية، ازدادت الأبحاث والدراسات التي تؤكد فعالية الثوم والبصل كمكونات نشطة في علاج بعض حالات تساقط الشعر والصلع الجزئي.

المقال التالي يتناول بالتفصيل التركيب الكيميائي لكل من الثوم والبصل، وتأثيراتهما الحيوية على الشعر، بالإضافة إلى الطرق المثلى لاستخدامهما، مع دعم بالمصادر العلمية والتجارب السريرية.

التركيب الكيميائي للثوم والبصل

1. الثوم (Allium sativum)

الثوم يحتوي على عدد كبير من المركبات النشطة حيويًا التي تسهم في تحسين الصحة العامة لفروة الرأس، ومن أبرز هذه المركبات:

• الأليسين (Allicin): مركب كبريتي يتم إفرازه عندما يتم سحق الثوم، وله خصائص قوية كمضاد للبكتيريا والفطريات.

• الفيتامينات والمعادن: يحتوي الثوم على فيتامين C، B6، والمنغنيز، والزنك، والكالسيوم، وكلها عناصر تلعب دورًا في تغذية بصيلات الشعر.

• السيلينيوم: عنصر نادر يعمل كمضاد أكسدة قوي، ويعزز تدفق الدم إلى فروة الرأس.

2. البصل (Allium cepa)

البصل غني بمركبات الكبريت التي تدعم نمو الشعر وتحسن من بنيته، ومن مكوناته الأساسية:

• الكيرسيتين (Quercetin): فلافونويد له خصائص مضادة للالتهاب ومضادة للأكسدة.

• الكبريت العضوي: يُعزز إنتاج الكولاجين والكيراتين، وهما مادتان أساسيتان لبنية الشعر.

• فيتامين C و B9: يدعمان إنتاج خلايا جديدة في فروة الرأس ويحافظان على صحة الأنسجة.

الفوائد البيولوجية للثوم والبصل في العناية بالشعر

1. تعزيز نمو الشعر

الثوم والبصل يعملان بطرق متعددة لتحفيز بصيلات الشعر. مركبات الكبريت تحفّز الدورة الدموية في فروة الرأس، ما يعزز توصيل الأكسجين والمغذيات إلى الجذور. الأليسين الموجود في الثوم والكبريت العضوي في البصل يزيدان من تدفق الدم إلى الأوعية الدقيقة حول بصيلات الشعر.

كما تشير بعض الدراسات إلى أن استخدام عصير البصل والثوم موضعيًا أدى إلى تحسين واضح في معدلات نمو الشعر خلال 4 إلى 6 أسابيع، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من الثعلبة البقعية.

2. مكافحة تساقط الشعر

مضادات الأكسدة مثل الكيرسيتين والسيلينيوم تُقلل من تأثير الجذور الحرة التي تتلف بصيلات الشعر وتؤدي إلى تساقطه. كما أن خصائص الثوم والبصل المضادة للميكروبات تساعد على القضاء على الميكروبات التي تسد بصيلات الشعر وتمنع نموه.

3. محاربة القشرة والالتهابات

كلا المكونين يحتويان على خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات، مما يساعد في القضاء على القشرة والتهابات فروة الرأس، التي قد تكون سببًا في تساقط الشعر أو تباطؤ نموه.

4. تقوية بصيلات الشعر

الزنك والكالسيوم وفيتامين B6 في الثوم، بالإضافة إلى الكبريت والفلافونويدات في البصل، تعمل جميعها على تقوية جذور الشعر ومنع تكسّره، مما يعزز من كثافته ويجعله أقل عرضة للتلف.

الجدول التالي يوضح الفروقات الكيميائية والوظيفية بين الثوم والبصل في العناية بالشعر:

طرق استخدام الثوم والبصل للشعر

أولًا: الثوم

1. زيت الثوم:

يتم نقع فصوص الثوم المهروسة في زيت الزيتون أو زيت جوز الهند لمدة أسبوعين، ثم يُستخدم الزيت لتدليك فروة الرأس. هذا الزيت يُفضل استخدامه مرة أو مرتين أسبوعيًا.

2. ماسك الثوم والعسل:

يُخلط عصير الثوم مع ملعقة من العسل ويوضع على فروة الرأس لمدة 20-30 دقيقة، ثم يُغسل جيدًا.

3. الثوم مع الزيوت العطرية:

للتقليل من رائحته القوية، يمكن خلط عصير الثوم مع زيت اللافندر أو زيت شجرة الشاي قبل تطبيقه على فروة الرأس.

ثانيًا: البصل

1. عصير البصل الخام:

يتم عصر البصل وتطبيق العصير على فروة الرأس باستخدام قطعة قطن أو فرشاة صغيرة، ويُترك لمدة 30 إلى 60 دقيقة قبل الغسيل.

2. ماسك البصل وزيت جوز الهند:

يُخلط عصير البصل مع كمية متساوية من زيت جوز الهند ويوضع المزيج على فروة الرأس لمدة ساعة.

3. شامبو البصل:

يتوفر في الأسواق شامبوهات تحتوي على مستخلص البصل، وهي بديل ممتاز لمن لا يحبون تحضير المكونات في المنزل.

الآثار الجانبية والاحتياطات

رغم الفوائد الهائلة، يجب الانتباه إلى أن استخدام الثوم أو البصل موضعيًا قد يسبب بعض التهيج لدى الأشخاص ذوي البشرة الحساسة، ويُنصح دائمًا بإجراء اختبار تحسس قبل الاستخدام المنتظم. في حالات نادرة قد يحدث التهاب جلدي أو إحساس بالحرقان، خاصة إذا تم استخدام العصير المركز لفترات طويلة.

ينبغي أيضًا غسل الشعر جيدًا بعد استخدام هذه المكونات، لأن بقاياها قد تؤدي إلى انبعاث روائح غير مرغوب فيها أو انسداد المسامات.

مقارنة مع المستحضرات الصناعية

المستحضرات الكيميائية المحتوية على البايوتين والكيراتين تُعد خيارًا شائعًا، لكنها قد تحتوي على مواد حافظة وسلفات تؤثر سلبًا على المدى الطويل. بالمقابل، استخدام الثوم والبصل يوفّر خيارًا طبيعيًا وآمنًا، خاصة لمن يعانون من أمراض فروة الرأس أو يرغبون في تجنب المنتجات الصناعية.

تشير بعض التجارب السريرية إلى أن مستخلصات البصل تفوقت على المينوكسيديل الموضعي في بعض الحالات المحدودة من الثعلبة البقعية، وهو ما يعزز مصداقية هذه المكونات الطبيعية كعلاج فعّال.

التوصيات العلمية والدراسات

• دراسة منشورة في Journal of Dermatology عام 2002، أظهرت أن استخدام عصير البصل مرتين يوميًا لمدة شهرين أدى إلى تحسّن واضح في نمو الشعر لدى أكثر من 70% من المشاركين المصابين بالثعلبة البقعية.

• دراسة أخرى نُشرت في Indian Journal of Dermatology, Venereology and Leprology، أكدت خصائص الثوم المضادة للبكتيريا والفطريات وتأثيرها المباشر في القضاء على بعض مشكلات فروة الرأس مثل قشرة الرأس والالتهابات الفطرية.

خلاصة علمية

الثوم والبصل يقدمان تركيبة طبيعية فعالة جدًا لدعم صحة الشعر من الجذور وحتى الأطراف. احتواؤهما على مركبات الكبريت، مضادات الأكسدة، الفيتامينات والمعادن يجعل منهما علاجًا متكاملًا لمشكلات شائعة مثل تساقط الشعر، ضعف البصيلات، القشرة، والتهابات فروة الرأس.

تكمن الفائدة الكبرى في كونهما مكونات طبيعية وآمنة، يمكن دمجها بسهولة في روتين العناية بالشعر المنزلي دون الاعتماد الكلي على المنتجات الكيميائية. ومع الالتزام باستخدامهما المنتظم والآمن، يمكن تحقيق نتائج مرئية ومستدامة في تحسين بنية الشعر وكثافته وجودته.

المراجع:

1. Sharquie KE, Al-Obaidi HK. Onion juice (Allium cepa L.), a new topical treatment for alopecia areata. J Dermatol. 2002.

2. Kaur R, Kashyap B, Bhalla P. Garlic (Allium sativum): A Review of Potential Therapeutic Applications. Indian J Dermatol. 2014.