تعرف على الطرق الصحيحة لتشجيع طفلك والثناء عليه
إن مرحلة الطفولة تمثل الفترة الأكثر أهمية في تشكيل الشخصية والقدرات العقلية والذهنية للأطفال. وتشكل عملية التشجيع والثناء جزءًا كبيرًا من بناء هذه الشخصية وتطوير قدرات الطفل. إذ يُعتبر التشجيع أسلوبًا فاعلًا لتحفيز الطفل على التفاعل الإيجابي مع البيئة المحيطة به، كما يلعب الثناء دورًا كبيرًا في تعزيز ثقته بنفسه ورفع معنوياته. ولذا يجب على الآباء والمربين معرفة الطرق الصحيحة للتشجيع والثناء على الأطفال، وذلك لضمان تأثير إيجابي يعزز من مهاراتهم ويمنحهم دافعًا للمضي قدمًا.
أولاً: أهمية التشجيع والثناء في تطوير شخصية الطفل
يعد التشجيع من الركائز الأساسية في تنمية الشخصية الذاتية للأطفال، حيث يعزز من شعورهم بالقدرة على إنجاز المهام وتحقيق الأهداف. بالإضافة إلى ذلك، يمثل الثناء أداة فعالة في تحفيز الطفل على بذل المزيد من الجهد، حيث إن ردود الأفعال الإيجابية تساهم في تعزيز شعوره بالرضا عن نفسه.
يتطلب تعزيز ثقة الطفل بنفسه أن يقدّم الآباء الثناء على النجاحات الصغيرة والكبيرة على حد سواء، مما يشجعه على الاستمرار في تطوير نفسه. فكلما شعر الطفل بتقدير جهوده، كلما زادت دافعيته لتجاوز الصعاب والسعي وراء تحقيق النجاح.
ثانيًا: كيفية تقديم التشجيع بشكل فعال
لتكون عملية التشجيع فعالة، يجب أن تكون صادقة ومبنية على أسس من التفهم والإيجابية. هناك عدة طرق يمكن من خلالها تشجيع الطفل بشكل صحيح:
-
استخدام كلمات إيجابية: يجب أن تكون الكلمات المستخدمة أثناء التشجيع مشجعة وبناءة، وتحث الطفل على بذل المزيد من الجهد. على سبيل المثال، بدلاً من قول “أنت ذكي”، يمكن قول “أنت عملت بجد في هذا، وهذا هو السبب في أنك أحرزت تقدمًا جيدًا”.
-
التركيز على الجهود بدلاً من النتيجة: من المهم أن يُشجّع الطفل على إيلاء اهتمام أكبر للعمل الذي بذله بدلاً من تركيز الاهتمام على النتيجة فقط. على سبيل المثال، إذا نجح الطفل في حل مشكلة معينة، يجب الإشادة بكيفية تفكيره واجتهاده لحل المشكلة.
-
المدح المتوازن: يجب أن يتم الثناء بطريقة متوازنة، حيث ينبغي تجنب الإفراط في المدح الذي قد يجعل الطفل يشعر بالغرور. من الأفضل أن يتم تقديم المدح بشكل معتدل ودون مبالغة، وذلك للحفاظ على توازن صحي في شخصية الطفل.
-
الاهتمام بالمشاعر: يجب على الآباء التأكد من أن تشجيعهم يظهر اهتمامًا حقيقيًا بمشاعر الطفل. من خلال فهم مشاعر الطفل، يمكن للوالدين استخدام التشجيع بطريقة تشعر الطفل بأنه مقدّر ومفهوم.
-
تقديم التشجيع في الوقت المناسب: يجب أن يكون التشجيع في اللحظات المناسبة من حياة الطفل، حيث يمكن أن يكون الثناء أكثر تأثيرًا إذا تم تقديمه فورًا بعد إنجاز معين أو جهد واضح من الطفل. يمكن أن يُشجّع الطفل على بذل المزيد من الجهد عندما يشعر أن ما قام به قد تم تقديره في اللحظة نفسها.
ثالثًا: الثناء الفعّال وأثره على السلوك
الثناء الفعّال يعتمد على كيفية اختيار الكلمات المناسبة واللحظات الصحيحة. يجب أن يكون الثناء موجهًا نحو سلوك الطفل بدلًا من شخصه. على سبيل المثال، إذا أظهر الطفل سلوكًا إيجابيًا مثل مساعدة أحد أفراد الأسرة في الأعمال المنزلية، يجب أن يُشَادَ بهذا الفعل بشكل خاص، مثل “لقد قمت بمساعدة أخيك بشكل رائع اليوم!” بدلًا من قول “أنت طفل رائع”.
ذلك يساهم في تعزيز السلوك الإيجابي لدى الطفل ويجعله يدرك أن القيمة تكمن في الأفعال الإيجابية وليس في الصفات الشخصية فقط.
رابعًا: تجنب الإفراط في الثناء
في الوقت الذي يعتبر فيه الثناء أداة فعالة لتحفيز الأطفال، يجب أن يُقدّم بحذر. الإفراط في الثناء قد يؤدي إلى شعور الطفل بعدم الواقعية والاعتماد المفرط على المدح الخارجي. من الممكن أن يطور الطفل شعورًا بالاستحقاق أو قد يفقد الحافز الداخلي لإتمام المهام. لذلك من المهم أن يكون الثناء معقولًا وواقعيًا بما يتناسب مع الجهد والإنجاز.
على سبيل المثال، إذا كان الطفل قد أتم واجبًا منزليًا بشكل متوسط، من الأفضل عدم الثناء عليه بشكل مبالغ فيه. يمكن للوالدين أن يشجعوا الطفل على تحسين عمله في المرات القادمة من خلال تقديم ملاحظات بناءة.
خامسًا: التشجيع والثناء على التعلم من الأخطاء
إحدى الطرق المهمة في تحفيز الطفل هي أن يُظهر الوالدان تقديرهم لمحاولات الطفل وأخطائه بدلاً من التركيز على الفشل فقط. يجب على الآباء أن يعلّموا أطفالهم أن الأخطاء ليست نهاية الطريق، بل فرصة للتعلم والنمو. من خلال الإشارة إلى كيفية استفادة الطفل من أخطائه وتعلمه منها، يتم تحفيز الطفل على المحاولة مرة أخرى.
على سبيل المثال، إذا فشل الطفل في حل مسألة رياضية، يمكن للوالد أن يشجعه بالقول “أنت حاورت هذا الموقف بشكل جيد، والمرة القادمة ستكون قادرًا على حلها بشكل أسرع لأنك فهمت أين حدث الخطأ”. هذه الطريقة تعزز من قدرة الطفل على التفكير بشكل نقدي، مما يجعل العملية التعليمية أكثر فاعلية.
سادسًا: تطبيق التشجيع في السياقات اليومية
التشجيع لا يجب أن يقتصر فقط على المواقف التعليمية أو الإنجازات العظيمة. من المهم أن يتم استخدام التشجيع في الحياة اليومية وفي الأنشطة العادية أيضًا. على سبيل المثال، يمكن للوالدين تشجيع الأطفال على ترتيب ألعابهم أو ارتداء ملابسهم بشكل مستقل. تشجيع الطفل على القيام بمثل هذه الأنشطة يعزز من شعوره بالاستقلالية وقدرته على تحقيق الأهداف الذاتية.
علاوة على ذلك، يمكن تشجيع الطفل على اتخاذ القرارات من خلال مدحه على الخيارات الجيدة التي يتخذها، مما يساهم في تنمية مهارات التفكير النقدي لديه.
سابعًا: استخدام التشجيع الإيجابي في المواقف الاجتماعية
في المواقف الاجتماعية، مثل اللعب مع الأصدقاء أو التفاعل مع أفراد العائلة، يُعتبر التشجيع أداة قوية لتعزيز المهارات الاجتماعية للأطفال. يمكن للوالدين مساعدة الأطفال في تعلم مهارات التفاعل الاجتماعي مثل التعاون، المشاركة، والاحترام المتبادل من خلال تقديم الثناء على تصرفاتهم الاجتماعية الإيجابية.
على سبيل المثال، عندما يشارك الطفل في اللعب مع أصدقائه بشكل عادل، يمكن للوالدين أن يثنوا عليه بالقول “أنا فخور بك لأنك دعمت صديقك في اللعبة”. يساعد هذا النوع من التشجيع الطفل على تعزيز مهاراته الاجتماعية بشكل إيجابي.
ثامنًا: دور التشجيع في تعزيز التفاعل العاطفي
التشجيع يمكن أن يعزز من قدرة الطفل على التعبير عن مشاعره بشكل صحي. عندما يتلقى الطفل تشجيعًا على التعبير عن أفكاره ومشاعره، فإنه يتعلم أن مشاعره مهمة وأنها جزء طبيعي من حياته. هذا يمكن أن يساعد الطفل على تحسين قدرته على التعامل مع المواقف العاطفية.
من خلال التشجيع على التفاعل العاطفي المفتوح، يمكن للوالدين المساعدة في بناء علاقات قوية مع أطفالهم. على سبيل المثال، في حالات الغضب أو الحزن، يمكن للوالدين أن يشجعوا أطفالهم على الحديث عن مشاعرهم بدلاً من كبتها.
الخاتمة
إن تشجيع الطفل والثناء عليه يعد من الأساليب الأساسية التي تساهم في بناء شخصيته وثقته بنفسه. من خلال تطبيق الأساليب الصحيحة للتشجيع، يمكن للآباء أن يساعدوا أطفالهم في اكتساب المهارات اللازمة لمواجهة التحديات والتطور بشكل سليم. فالتشجيع لا يقتصر على الثناء فحسب، بل يشمل أيضًا التوجيه الصحيح ودعم الجهود المستمرة، مما يعزز من تحقيق النمو الشخصي والعاطفي للطفل في جميع مراحل حياته.
