المرحلة الثانية من مرض الزهري
مرض الزهري هو أحد الأمراض المعدية التي تسببها البكتيريا الحلزونية المدعوة بكتيريا اللولبية الشاحبة (Treponema pallidum). يتطور المرض عبر عدة مراحل، وكل مرحلة تتميز بمجموعة من الأعراض والتغيرات السريرية التي تؤثر على أجزاء مختلفة من الجسم. المرحلة الثانية من مرض الزهري هي مرحلة حاسمة ومهمة في مسار المرض، إذ تظهر فيها علامات وأعراض مميزة تشير إلى انتشار العدوى داخل الجسم، وتعتبر هذه المرحلة من المراحل النشطة للمرض التي تتطلب تشخيصاً دقيقاً وعلاجاً فورياً لتجنب المضاعفات الخطيرة التي قد تؤدي إلى مضاعفات في المراحل اللاحقة.
تعريف المرحلة الثانية من مرض الزهري
المرحلة الثانية من مرض الزهري تحدث عادةً بعد حوالي 6 إلى 12 أسبوعاً من بداية الإصابة بالمرض، وهي فترة تتبع المرحلة الأولى التي تظهر فيها قرحة موضعية غير مؤلمة (القرحة الزهرية). في هذه المرحلة، تنتقل البكتيريا من موضع الإصابة الأولي إلى مجرى الدم وتبدأ في إصابة الأنسجة المختلفة بالجسم، مما يؤدي إلى ظهور مجموعة من الأعراض الجلدية والجهازية المتنوعة.
أسباب المرحلة الثانية من مرض الزهري
المرحلة الثانية تحدث نتيجة انتشار بكتيريا اللولبية الشاحبة عبر الدم واللمف إلى جميع أنحاء الجسم، إذ تخترق هذه البكتيريا خلايا وأنسجة متعددة وتؤدي إلى استجابة مناعية التهابية في الجسم. إذا لم يتم علاج المرحلة الأولى بشكل مناسب، فإن هذه البكتيريا تستمر في الانتشار، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض المميزة للمرحلة الثانية.
الأعراض السريرية للمرحلة الثانية من مرض الزهري
تتميز المرحلة الثانية من مرض الزهري بمجموعة واسعة من الأعراض التي تظهر على الجلد والأغشية المخاطية والأعضاء الداخلية، وأهم هذه الأعراض:
1. الطفح الجلدي
يعتبر الطفح الجلدي من أكثر علامات المرحلة الثانية شيوعاً. يظهر الطفح على شكل بقع حمراء صغيرة مسطحة أو مرتفعة قليلاً، تغطي أجزاء واسعة من الجسم، خاصة الجذع، وأطراف اليدين والقدمين. غالباً ما تكون هذه البقع غير مؤلمة وغير حاكة، وقد تستمر لعدة أسابيع ثم تختفي، لكنها قد تعاود الظهور لاحقاً.
2. اللطاخات في الأغشية المخاطية
تظهر لطاخات زهرية على الأغشية المخاطية للفم، والحنجرة، والمهبل، والشرج. هذه اللطاخات تكون عادةً مسطحة، ناعمة، وردية اللون، وقد تكون مصدر عدوى للآخرين.
3. تضخم الغدد اللمفاوية
تحدث في أغلب الحالات تضخم غير مؤلم في الغدد اللمفاوية، خاصة في الرقبة، والإبط، والفخذ. هذه الغدد تصبح متكتلة ومضخمة نتيجة الاستجابة المناعية للجسم ضد البكتيريا.
4. الحمى والصداع وآلام العضلات
قد يصاحب الطفح الجلدي أعراض عامة مثل ارتفاع درجة الحرارة (الحمى)، صداع شديد، آلام في العضلات والمفاصل، وإرهاق عام، مما يعكس استجابة الجسم المناعية النشطة ضد العدوى.
5. تساقط الشعر
في بعض الحالات، قد يؤدي الزهري إلى تساقط الشعر بشكل غير منتظم خاصة في فروة الرأس، وهو ما يعرف بالصلع الزهري، ويظهر كتصبغات أو بقع فارغة من الشعر.
6. أعراض أخرى متعددة
يمكن أن تشمل الأعراض الأخرى في المرحلة الثانية التهاب في العين، التهاب الكبد، التهاب الكلى، والتهاب العظم، وذلك نتيجة انتشار البكتيريا إلى هذه الأنسجة.
التشخيص في المرحلة الثانية
التشخيص يعتمد على المظاهر السريرية المصاحبة للمرض، بالإضافة إلى الفحوصات المعملية التي تكتشف وجود الأجسام المضادة للبكتيريا في الدم. تتضمن الفحوصات المستخدمة:
-
اختبارات غير مباشرة مثل VDRL وRPR التي تكشف وجود الأجسام المضادة المرتبطة بالزهري.
-
اختبارات مباشرة مثل اختبار FTA-ABS وTPHA التي تحدد الأجسام المضادة الخاصة ببكتيريا اللولبية الشاحبة.
التشخيص المبكر والدقيق في هذه المرحلة أساسي لبدء العلاج وتجنب المضاعفات.
العلاج
العلاج الفعال في المرحلة الثانية من مرض الزهري يعتمد بشكل رئيسي على المضادات الحيوية، وأبرزها:
-
البنسلين الجلدي: يعتبر العلاج الأساسي والأكثر فعالية، حيث يُعطى عن طريق الحقن العضلي.
-
في حالات الحساسية للبنسلين، يمكن استخدام مضادات حيوية بديلة مثل الدوكسيسيكلين أو الأزيثروميسين.
مدة العلاج تختلف حسب الحالة، ولكن عادةً تكون حقنة واحدة أو جرعات متكررة خلال فترة قصيرة كافية للقضاء على العدوى.
المضاعفات الناتجة عن عدم العلاج في المرحلة الثانية
عدم تلقي العلاج المناسب في المرحلة الثانية يؤدي إلى انتقال المرض إلى المرحلة الثالثة أو ما يسمى الزهري المتأخر، والذي يمكن أن يؤثر على الأعضاء الحيوية مثل القلب، الدماغ، والأوعية الدموية، مما يسبب مضاعفات خطيرة قد تكون مهددة للحياة، مثل:
-
الزهري العصبي: تلف في الجهاز العصبي المركزي.
-
الزهري القلبي الوعائي: إصابة الأوعية الدموية والقلب.
-
تشوهات عظمية وأورام زهرية في الأنسجة.
تعتبر هذه المضاعفات سبباً رئيسياً في فقدان القدرة الجسدية وزيادة معدل الوفيات.
الوقاية والسيطرة
الوقاية من مرض الزهري والمرحلة الثانية بشكل خاص تعتمد على التوعية الصحية، الفحص المبكر، والعلاج الفوري لجميع المصابين. من الإجراءات الوقائية المهمة:
-
استخدام الواقيات الذكرية بشكل مستمر وصحيح.
-
فحص وعلاج الشركاء الجنسيين.
-
إجراء فحوصات دورية للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة.
-
التوعية حول السلوكيات الجنسية الآمنة.
جدول يوضح مقارنة بين المرحلة الأولى والثانية من مرض الزهري
| الخاصية | المرحلة الأولى | المرحلة الثانية |
|---|---|---|
| مدة الظهور | 10-90 يوم بعد الإصابة | 6-12 أسبوع بعد المرحلة الأولى |
| الأعراض الرئيسية | قرحة زهرية موضعية غير مؤلمة | طفح جلدي واسع، لطاخات مخاطية |
| الغدد اللمفاوية | تضخم في الغدد القريبة | تضخم عام في الغدد المتعددة |
| الأعراض الجهازية | قليلة أو معدومة | حمى، صداع، آلام عضلية، إرهاق |
| العدوى | موضعية | عامة، تنتشر في الجسم |
| التشخيص | فحص القرحة وPCR، فحوصات دم | فحوصات دم إيجابية، أعراض واضحة |
| العلاج | بنسلين حقنة واحدة | بنسلين جرعات متكررة |
الخلاصة
المرحلة الثانية من مرض الزهري تمثل مرحلة حاسمة في تطور المرض، وتتميز بانتشار البكتيريا في مختلف أنسجة الجسم، مما يؤدي إلى أعراض جلدية وجهازية متعددة تتطلب الانتباه الطبي الفوري. التشخيص المبكر والعلاج الصحيح قادران على إيقاف تقدم المرض ومنع حدوث مضاعفات خطيرة تهدد صحة الإنسان. يظل الوقاية والتوعية من أهم الوسائل للحد من انتشار هذا المرض المعدي.
المراجع:
-
Centers for Disease Control and Prevention (CDC) – Syphilis – Treatment and Stages.
-
World Health Organization (WHO) – Syphilis factsheet.
